تعريف سورة التوبة
التعريف بسورة التوبة
تتخذ سورة التوبة الترتيب التاسع من حيث مكانها في القرآن الكريم ، وتتشارك مع سورة الأنفال؛ حيث يُعتبران من السّبع الطوال، ويبلغ عدد آياتها مئةً وتسعاً وعشرين آية، وفيها تُختَتم طِوال السُّور في القرآن الكريم، وهي من السُّور التي نزلت قبل هجرة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنوّرة.
أمّا سبب عدم التسمية بالبسملة في بدايتها؛ فقال علي بن أبي طالب وابن عبّاس -رضي الله عنهما- إنّ البسملة فيها أمان ورحمة، وجاءت هذه السورة لتُزيل الأمان عن المنافقين، وقال عثمان بن عفان -رضي الله عنه- إنّ رسول الله كان كلّما نزلت آيةً من القرآن يأمر الصحابة بوضعها في مكانها بين الآيات، أمّا سورة التوبة فقد توفّيَ رسول الله ولم يبيّن للصحابة مكانها، وهي تشترك مع الأنفال في الموضوعات وتُسمّيان معاً القرينتين، فقُرنت معها ولم تأتِ فيها البسملة.
مسميات سورة التوبة وسبب تسميتها
أُطلق على سورة التوبة في كثيرٍ من المصاحف وعلى ألسنة الصحابة اسم براءة، ومن ذلك ما وراه أبو هريرة حين حجّ أبو بكر بالنّاس فقال: (فأذَّنَ معنَا عَلِيٌّ يَومَ النَّحْرِ في أهْلِ مِنًى ببَرَاءَةَ)، وروى البراء بن عازب -رضي الله عنه- فقال: (آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ)، وتعود هذه التسمية إلى أول كلمةٍ في السورة، ووردت في كثيرٍ من المصاحف باسم سورة التوبة، حيث قال ابن عباس -رضي الله عنه-: (التَّوْبَةُ هي الفَاضِحَةُ)؛ لأنها ذكرت قصة الثلاثة الذين تخلّفوا عن غزوة العُسرة ، وندمهم وتوبتهم وقبول الله لهذه التوبة، كما ورد ذكر الاسمين معاً في حديث زيد بن ثابت أثناء جمع القرآن بعد وفاة رسول الله حين قال: (فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أجْمَعُهُ مِنَ العُسُبِ واللِّخَافِ، وصُدُورِ الرِّجَالِ، حتَّى وجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مع أبِي خُزَيْمَةَ الأنْصَارِيِّ لَمْ أجِدْهَا مع أحَدٍ غيرِهِ، {لقَدْ جَاءَكُمْ رَسولٌ مِن أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه ما عَنِتُّمْ} حتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ)، وهي الفاضحة، لأنها ذَكرت صفات المنافقين وفضحتهم وكشفت أمرهم.
سبب نزول سورة التوبة ومناسبتها لما قبلها
نزلت سورة التوبة في السنة التاسعة من الهجرة، في شهر ذي الحجة أو ذي القِعدة، بعد غزوة تبوك وقبل لحوق رسول الله بالرّفيق الأعلى، وعلى وجه التفصيل؛ أرسل رسول الله أبا بكر ليحجّ بالنّاس في ذي القعدة، فنزلت السورة ونقضت العهود مع جميع المشركين الذين بدؤوا بنقض عهودهم مع المسلمين، فأرسل رسول الله علياً؛ ليقوم بتبليغ السورة للناس في يوم الحجِّ الأكبر، ففعل كما أمره رسول الله ثم قال: "لا يحجّ بعد العام مُشرك، ولا يطوف بالبيت عريان".
وترتبط سورة التوبة مع سورة الأنفال الواقعة قبلها وكأنها تتمّة لها، حيث جاءت لتُكمّل ما جاء في سورة الأنفال من الأحكام والسياسات والقواعد داخل الدولة الإسلامية وخارجها، ومع المسلمين وغيرهم، وأحوال كل منهم، وسورة الأنفال فيها الحثّ على الالتزام بالمواثيق، وفي سورة التوبة ذمّ نقضها، وتشترك السورتان في إبعاد المشركين عن المسجد الحرام ، والحثّ على الإنفاق في سبيل الله -تعالى-، كما جاء البيان والتوضيح في السورتين عن صفات المنافقين وأحوالهم.
مواضيع سورة التوبة
تناولت سورة التوبة الكثير من المواضيع، لكنها عرضت بشكلٍ أساسي حقيقة أمر المنافقين ، وموقف النّاس مع رسول الله في المدينة، وتصرّفهم معه في غزوة تبوك، ورُسِمت فيها الخطوط الموضّحة لعلاقة المسلمين مع غيرهم، ونقضت عهودهم مع غيرهم من المشركين الذين ابتدؤوا بمخالفة هذه العهود، وأعلنت السورة البراءة من المشركين، وذِكر صفاتهم؛ من نقض العهود، والخبث، والمكر، والكيد، وميّزت بين المؤمنين وبين غيرهم في الخروج لغزوة تبوك، كما حرّمت على المشركين دخول المسجد الحرام، وجاء فيها فرض الجزية على أهل الكتاب، والترغيب في بذل النّفس والمال في سبيل الله -تعالى-، وبيّنت تخلّف الأعراب والمنافقين عن الخروج إلى الجهاد، وذكرت أوصافهم إلى نهاية السورة، وبيّنت أن الجهاد فرض كفاية.