قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك
قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك
أسماء الثلاثة الذين تخلّفوا عن الغزوة
بدأ المسلمون بالتجهز لغزوة تبوك، إلا أن ثلاثة من المسلمين تثاقلوا في الخروج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون، وتخلفوا عن غزوة تبوك، وهم: كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي، وقد تخلّفوا بسبب ضعف إيمانهم في ذلك الوقت، ولم يذهبوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الغزوة، بل بقوا في المدينة المنورة.
وعندما عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة بعد غزوة تبوك جاء إليه بعض المنافقين، واعتذروا بسبب عدم خروجهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك، وقد قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- عذرهم.
وأتى هؤلاء الثلاثة ليعتذروا للنبي -صلى الله عليه وسلم- بسبب عدم خروجهم معه إلى غزوة تبوك، فلم يقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- عذرهم، وأمر جميع المسلمين بهجرهم، فلا أحد يكلّمهم ولا يسلّم عليهم، ولا يتعامل معهم، حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.
سبب تخلّفهم وعدم خروجهم
كان سبب عدم خروجهم أن مرارة بن الربيع له بستان، وقد أثمر في وقت الخروج للغزوة، فتردّد في الذهاب مع المسلمين إلى غزوة تبوك، ففاته الوقت وخرج المسلمون إليها، أما هلال بن أمية؛ فقد كانت عائلته قد تفرّقت مدة من الزمن، وفي وقت الغزوة اجتمع أهله، وأحب أن يبقى معهم وتردد في الذهاب.
أما كعب بن مالك فقد كان سبب عدم ذهابه هو تردّده، فكان كلّما أراد أن يتجهّز للغزوة يتردّد فلا يتجهّز، وبقي على هذا الحال فترةً من الزمن حتى فاته الغزو وقد خرج المسلمون إليها.
عدم قبول النبي لعذرهم
عندما عاد النبيّ ومَن معه من غزوة تبوك لم يقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- عذرهم، وبقوا على هذا الحال خمسين ليلة، وجلس مرارة بن الربيع وهلال بن أمية يبكيان في بيتهما، أما كعب بن مالك فقد كان يخالط المسلمين، ويصلّي معهم ويطوف في السوق، ولا يكلّمه أحد ولا ينظر إليه.
وكان يذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، ويسلّم عليه بعد أداء الصلاة، وكان يصلي بقرب النبي -صلى الله عليه وسلم- وينظر إليه، حتى ضاقت عليه الأرض، وفي يومٍ ذهب إلى جدار حائط لابن عمه أبي قتادة ، فسلّم عليه ولم يرد عليه السلام، ومضى على هذه الحادثة أربعين ليلة، ثم أُمر هؤلاء الثلاثة باعتزال نسائهم.
قبول الله لتوبتهم
بعد مرور خمسين ليلة، وبعد صلاة الفجر، نادى منادٍ بصوتٍ عالٍ يقول: يا كعب بن مالك، ويا مرارة بن ربيع، ويا هلال بن أمية، قد أنزل الله -تعالى- توبتكم، وقد تاب عليكم، قال تعالى في سورة التوبة : (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
وقد فرح النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان مسرورا بعد أن أنزل الله -تعالى- بهؤلاء الثلاثة آيات من القرآن الكريم، فقد تبيّن أن الله -تعالى- تاب عليهم وقبلهم، وقاموا بالتسليم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته.
تعريف عام بغزوة تبوك
حدثت غزوة تبوك في شهر رجب في السنة التاسعة للهجرة، وهي آخر غزوة غزاها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتبوك مكان يقع بين وادي القرى والشام، وتبعد عن المدينة المنورة بِـ (800) كيلو متر، وسُمّيت أيضاً بغزوة العسرة؛ بسبب شدة الحر وضيق النفقة والقحط والفقر الذي كان يمر به المسلمون.
والسبب المباشر لغزوة تبوك هو وصول خبرٍ للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ هرقل عظيم الروم جمع جيشاً كبيراً لقتال المسلمين، فعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فأمر المسلمين بالتجهز لقتال الروم.
وأخبرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بوجهته لكي يستعد المسلمون للغزوة، وبسبب الحر الشديد -وفي ذلك الوقت كانت الثمار قد أينعت-؛ أحبّ الناس البقاء وتثاقلوا، ثم نزلت الآيات تحث المسلمين على الخروج إلى الغزوة.