تعريف تدجين الحيوانات
مفهوم عملية تدجين الحيوانات
يعرف التدجين (بالإنجليزية: Domestication) بأنّه قيام الإنسان بإعادة تنظيم الحيوانات البرية وجعلها قادرةً على العيش مع الإنسان بالطريقة التي يرغب بها، وذلك تلبيةً لمتطلبات الإنسان الكثيرة والمتنوعة، وتجدر الإشارة إلى أنّ التدجين كان له دور بارز في تطور ثقافة الإنسان عبر الزمان.
أصبح الإنسان يُنتج من الأرض ومن تربية وتدجين الحيوان في ذات الوقت، وقد اكتسبت الكثير من الحيوانات تغيّرات سلوكية ومعيشية بسبب عملية التدجين مقارنة بأسلافها الذين عاشوا في البرية، ويبدو أنّ أولى محاولات الإنسان لتدجين الحيوانات كانت قد ظهرت في العصر الميزوليتي في منطقة آسيا الوسطى قبل 15,000 عام.
وكانت أول عملية تدجين للكلاب من قِبل الصيادين الذين كانوا يخرجون لصيد الحيونات والتقاط النباتات البرية لتأمين الغذاء لهم ولعوائلهم، واستمرت علمية التدجين بعد ذلك فأصبح الإنسان يقدم على تدجين حيوانات أخرى مثل تربية الأغنام وتحسين إنتاجيتها .
كيفية حدوث عملية تدجين الحيوانات
تتم عملية التدجين من خلال ما يُعرف بالتربية الانتقائية، وهي عبارة عن عملية يختار فيها الإنسان بعض الحيوانات التي سوف يقوم بتدجينها من مجموعة من الحيوانات، والتي تظهر عليها السمات المرغوبة في عملية التدجين، حيث ستنتقل تلك الصفات إلى الأجيال القادمة من هذا النوع.
ونظرًا لأنّ أغلب أعمال التدجين مورست في مراحل ما قبل التاريخ المسجل، فلم تتوفر الكثير من المعلومات الواضحة والدقيقة عن المراحل التي مرت بها الحيوانات من كونها تعيش في البرية إلى أن أصبحت حيوانات أليفة أو مستأنسة.
وممّا لا شك فيه أن تلك الحيوانات قد أظهرت الكثير من السمات التي دفعت الإنسان إلى الاعتقادة بجدوى تدجينها كأن تكون ذات لحوم لذيذة المذاق أو أن جلودها تصلح لتكون قطعًا للملابس وغيرها من السمات، وعليه هنالك العديد من المتطلبات الأساسية التي يجب أن تتوافر في الحيوان لكي يكون خيارًا صالحًا من أجل تدجينه، وهذه المعايير هي على النحو الآتي:
- النظام الغذائي
لعل من أهم المعايير الواجب مراعاتها عند البدء بالتدجين هو النظام الغذائي للحيوان وما هي الاحتياجات الغذائية التي يحتاجها، إذ يُلاحظ أنّ الحيوانات آكلة اللحوم ذات تكلفة تدجين عالية، في حين أنّ الحيوانات التي تعتمد على النباتات سوف يكون تدجينها أسهل وأقل تكلفة.
- معدل النمو
يُعدّ معدل نمو الحيوان المراد تدجينه أمر غاية في الأهمية، إذ ينبغي أن يكون سريعاً من أجل أن يتمكن المزارعون المستثمرون من تحقيق عائد جيد يغطي تكاليف عملية التدجين.
- السلوك والتصرف
ينبغي أن يكون الحيوان المراد تدجينه ودودًا أليفًا، إذ إنّ الحيوانات الشرسة أو التي لها ميول عدواني سوف يكون من الصعب إخضاعها لعملية التدجين.
- التكاثر
ينبغي أن تكون عملية التكاثر بالنسبة للحيوان المراد تدجينه تسير وفق النمط الطبيعي لها، ففي حالة رفض الحيوان التكاثر خلال فترة معينة أثناء سير عملية التدجين، فهذا يعني أنّه لن يستمر بالبقاء تحت سيطرة الإنسان مدة طويلة.
- عدم الخوف والهلع
ينبغي أن يكون الحيوان المراد تدجينه لا يصاب بالهلع أو الخوف عندما يتم تقييده أو وضعه في مكان مغلق، وبعكس ذلك سوف تكون عملية التدجين صعبة للغاية أو مستحيلة في كثير من الأحيان.
الهدف من عملية تدجين الحيوانات
هناك الكثير من الأهداف التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها من وراء عملية التدجين، ولعل من أهمّها ما يأتي:
- الحصول على المنتجات
قديمًا قام الإنسان بتدجين الحيوانات من أجل الحصول على اللحوم، والجلود، والحليب ومشتقاته.
- النقل والحماية
في السابق سعى الإنسان إلى تدجين الحيوانات من أجل الحصول على الحماية، إذ يمكن للحيوانات المدجنة أن تدافع عن صاحبها ضد هجوم الحيوانات المفترسة، كما استّخدمت للتنقل من مكان لآخر.
- الحصول على المساعدة
غالبًا ما يكون الهدف من تدجين الحيوان هو الحصول على المساعدة سواء في الصيد أو في حمل بعض المواد خاصة في المناطق النائية.
- الترويح عن النفس
يمكن أن يكون الهدف من التدجين هو الترويح عن النفس والاستمتاع بالحيوان، وذلك بسبب تمتّع الحيوانات الأليفة بالعديد من الفوائد والسمات المحببة عند البشر ، ومن هذه الحيوانات؛ الكلاب والقطط.
أمثلة على تدجين الحيوانات
سعى الإنسان إلى تدجين العديد من الحيوانات قديمًا وفي الوقت الراهن، ولعلّ من أشهر الحيوانات التي تم تدجينها كانت ما يأتي:
تدجين الماعز
يعدّ الماعز من أوائل الحيوانات التي قام الإنسان بتدجينها والاستفادة منها على أكمل وجه، وذلك في منطقة الهلال الخصيب في بلاد الرافدين منذ ما يُقارب 10,000 سنة، إذ استفاد منه الإنسان في الحصول على الحليب، واللحوم، والجلود.
تجدر الإشارة إلى أنّ تدجين الماعز كان عملًا سهلًا لا يتطلب جهدًا كبيرًا من الإنسان، فهي لا تعتمد على نظام غذائي صعب أو مكلف بل على العكس تتغذى على مختلف أنواع النباتات التي لا يجد الإنسان صعوبة في الحصول عليها.
تدجين الأبقار
تعدّ الأبقار أيضًا من أوائل الحيوانات التي قام الإنسان بتدجينها سعيًا منه للحصول على ما توفّره الأبقار له من فوائد في مقدمتها اللحوم، والحليب، والجلود، كما وأنّها من الحيوانات التي تتغذى على الأعشاب وبالتالي فهي غير مكلفة من الناحية المالية.
تدجين الخيول
تعد الخيول من الحيوانات المفضلة لدى الإنسان لتدجينها وتربيتها في المزارع والحقول، وتحتاج الخيول إلى التدريب، ولكن عادةً ما يكون تدريب حصان وُلد في المزرعة أسهل بكثير من تدريب حصان تمّ اصطياده من البر.
تدجين القطط
يعود تدجين القطط إلى آلاف السنين، إذ يُعتقد أن تدجينها يعود إلى 7500 عام ق. م، وهي تنحدر من 5 أنواع مختلفة من القطط البرية، فلطالما سعى الإنسان إلى تدجين وتربية القطط داخل المنازل، وهو الأمر الذي ساهم في إحداث كثير من السمات الجينية لديها، ويُذكر أنّها استخدمت في كثير من الأغراض مثل اصطياد الفئران والجرذان.