تعريف الهندسة الوراثية
تعريف الهندسة الوراثية
تُعرف الهندسة الوراثيَّة (بالإنجليزية: Genetic engineering) بأنها عملية تعديل صناعية للتركيب الجيني لكائن حي، إذ تتضمن هذه العمليات نقل الجينات من كائن لآخر ليكتسب الكائن الذي تم نقل الجينات إليه صفات معينة من جينات الكائن الأول، وتُسمَّى الكائنات التي تم تعديل جيناتها صناعيًا بالكائنات المعدَّلة وراثيًا (بالإنجليزية: genetically modified organism)، ويتم أيضا من خلال الهندسة الوراثيَّة تغير في المادة الوراثيَّة للكائن الحي وذلك عن طريق التدخل المباشر في العمليات الجينيَّة ويتم هذا التغيير لأكثر من هدف سواء لإنتاج مواد جديدة أو تحسين وظائف الكائن الحي الموجودة فيه.
تحدث عمليات الهندسة الوراثية باستخدام التقنيات التطبيقيَّة في علم الوراثة والتكنولوجيا الحيويَّة، ومن أهم هذه التقنيات هي تقنية تقطيع المادة الوراثيَّة لكائن حي وجمع القطع، ليتم إدخال الناتج النهائي في كائن آخر لتغيير أو تعديل خصائص معينة فيه، ويُطلق مصطلح (GEO) للتعبير عن الكائنات المعدلة وراثيًا وهي اختصار لـ(Genetically engineered organism).
كيف تعمل الهندسة الوراثية؟
يحدث من خلال الهندسة الوراثيَّة نقل الجينات من كائن إلى آخر، ويكون النقل عادةً من نبات إلى نبات آخر، أو من حيوان إلى حيوان آخر، ولكن الهندسة الوراثيَّة تسمح أيضا بنقل الجينات من نبات إلى حيوان والعكس، ويكون التعديل الوراثي من خلال عدة خطوات رئيسيَّة تتلخص في النقاط التالية:
- تحديد الكائن الذي يمتلك الصفات المرغوبة.
- استخراج المادة الوراثيَّة أو الحمض النووي من الكائن.
- البحث عن الجين المرغوب فيه في الحمض النووي المستخرج وتحديد موقعه ونسخه، إذ تُسمَّى هذه العملية بالاستنساخ الجيني.
- عمل تعديلات على الجين المرغوب لإكسابه صفات مرغوبة أكثر عند دخوله في الكائن المستقبل.
- نقل الجين المعدَّل المرغوب فيه إلى الكائن المستقبل وتُسمَّى عملية النقل هذه (transformation) ويكون ذلك من خلال عدة طرق، إمَّا من خلال استخدام خلايا البكتيريا التي تحتوي على الجين المعدل وحقنها في جسم الكائن المستقبل، إذ تنقل البكتيريا الجينات المعدلة وراثيا إلى الكائن المستقبل، أو من خلال تقنية تسمّى تقنية مسدس الجينات (gene gun method) وهي عبارة عن جزيئات ذهب مجهريَّة محاطة بغلاف يحتوي على نسخ من الجين المعدل والتي توضع في جسم الكائن المستقبل.
- بعد إضافة الجينات المرغوبة أصبح الكائن معدل وراثيًا ولكن هذا لا يعني أنَّه لا حاجة لمراقبة الكائن أو تربيته التربية التقليديَّة فالهندسة الوراثيَّة لا تلغى التربية التقليديَّة للكائن إنَّما هي إضافة لصفات مرغوبة جديدة فقط.
تطبيقات الهندسة الوراثية
يوجد العديد من التطبيقات للهندسة الوراثيَّة في العديد من المجالات منها ما يأتي:
- تطبيقات في الزراعة: بعد السماح باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية في الزراعة، أنشئت العديد من المحاصيل التي تمتلك صفات جديدو إمَّا لزيادة القيمة الغذائيَّة أو لتحسين إنتاجيَّة المحاصيل، فمثلا أنتج العلماء طماطم ذات عمر أطول وأيضا بطاطس مقاومة للأمراض.
- تطبيقات في الطب: يُعدُّ الطب من أول المجالات التي استفادت من الهندسة الوراثيَّة، إذ تم إنتاج كميات كبيرة من المواد الطبية مثل البروتينات التي تساعد في تخثر الدم، وبروتينات الجهاز المناعي والهرمونات، ومن الأمثلة على مواد طبية معدلة وراثيا:
- الإنسولين والبروتينات العلاجيَّة: يُعدُّ الإنسولين أول منتج معدل وراثيًا تم استخدامه على البشر، حيث أُدخِلَ جين الإنسولين البشري على بكتيريا لإنتاج كميات كبيرة منه ليتم استخدامه على مرضى السكري.
- اللقاح: استخدام الهندسة الوراثيَّة في إنتاج اللقاح، إذ يعزل الجين الذي يحفز المناعة الوقائيَّة الموجود في الفيروس الضار ووضعه في فيروس آخر غير ضار ليستخدم كلقاح يُنتج مناعة للفيروس الضار من دون التعرض له.
- التشخيص: تُستخدم الهندسة الوراثيَّة في تشخيص الأمراض الوراثيَّة قبل الولادة، إذ تؤخذ قطع من جينات آباء أو أمهات مصابين بأمراض خلقية ومقارنتها مع جينات الجنين، وتُستخدم هذه التقنية للكشف عن العديد من الأمراض الوراثيَّة متل الثلاسيميا والتليف الكيسي وغيرها من الأمراض.
- تطبيقات في الصناعة: استخدام العديد من المركبات والبكتيريا المعدلة وراثيًا في العديد من المواد مثل مواد التنظيف ومواد إزالة بقع الزيت إذ تلتهم هذه البكتيريا الهيدروكربونات، وهي المادة الأساسيَّة المكوِّنة للشحوم والملوثات، وأيضا تنتج الميكروبات المعدلة وراثيا أنزيمات تستخدم في مواد تنظيف الغسيل ومحاليل العدسات اللاصقة.
المخاوف المتعلقة بالهندسة الوراثية
يوجد العديد من العواقب المحتملة والمجهولة للهندسة الوراثيَّة، ويعود السبب في ذلك إلى التغيير في الحالة الطبيعيَّة للكائن المعدّل وراثيًا، إذ من الممكن أن تسبب هذه التعديلات في الكائن الحي حدوث تغييرات في تمثيله الغذائي أو في معدل نموه أو استجابته للظروف البيئيَّة الخارجيَّة، ومن أسباب زيادة المخاوف هو أنَّ تأثير الهندسة الوراثيَّة لا يقتصر على الكائن الحي المعدل وراثيًا فقط وإنَّما يؤثر على البيئة التي يتكاثر فيها هذا الكائن، ومن الجدير بالذكر أنَّ نتائج الهندسة الوراثيَّة غير مضمونة وقد تسبب خطأ أو عمل فاشل أثناء تعديل أو صنع فيروس وقد تحصل كارثة بيولوجيَّة تضر بالإنسان والبيئة لذلك تزداد الضجة حول الهندسة الوراثيَّة مع ازدياد تطورها.
الخلاصة
ازدادت تطبيقات وتقنيات الهندسة الوراثيَّة في كثير من المجالات خلال الآونة الأخيرة، وذلك خصيصًا بعد المجالات التي فتحتها الهندسة الوراثيَّة والنجاحات التي حققها علماء الهندسة الوراثيَّة في العديد من مجالات الحياة، وبالرغم من ذلك يجب الحرص لهذه التطورات السريعة إذ أنَّ لها العديد من التوابع على الإنسان والبيئة، لذلك يجب الالتزام بأخلاقيَّات العلم والهندسة الوراثيَّة وبالقوانين الدوليَّة التي تخص هذه العلوم.