تعريف المفعول معه
ما هو المفعول معه؟
عرّف النحاة المفعول معه بقولهم: "هو اسم فضلة وقع بعد واو بمعنى "مع"، وهذه الواو قد سُبِقَت بجملة، مثل: سرتُ والمسجدَ". فمعنى قولنا (فضلة) أي يصح أن نكتفي بالكلام دونه، على خلاف جملة فيها عطف، كقولنا: دخل زيد وعامر، فإن الكلام لا يتم إذا حذفنا الاسم المعطوف، لأنه يأخذ حكم المعطوف عليه وهو الفاعل(زيد)، والفاعل عمدة من عمد الكلام لا يجوز الاستغناء عنه.
والقاعدة عند النحاة أن الاسم المعطوف يأخذ حكم الاسم المعطوف عليه ، وقولنا (بعد واو بمعنى مع) لنُخرِج واو العطف وواو الحال، وقولنا (سُبِقَت بجملة)، لأنه إن سُبِقت واو المفعول معه باسم مفرد، فإننا سندخل باب العطف.
أمّا سيبويه فلم يتعرض لتعريف المفعول معه باستعمال الحد والحدود، وإنما عرّفه بالمثال، والتعريف بالمثال هو أحد مسالك التعريفات كما هو مقرر عند المناطقة، فقال سيبويه: "وذلك قولك: ما صنعت وأباك، ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها، إنما أردت ما صنعت مع أبيك، ولو تركت الناقة مع فصيلها، فالفصيل مفعول معه، والأب كذلك" .
العامل في المفعول معه
وقع الخلاف لدى النحاة في تحديد العامل في المفعول معه على أربعة مذاهب، فذهب جمهور النحاة إلى أن العامل في المفعول معه، هو الفعل المتقدم على الواو أو شِبْهه، واختار هذا القول من أئمة النحو ابن مالك، وعقد لذلك في الخلاصة بقوله:
يُنصَب تالي الواو مفعولًا معه
- في نحوِ "سيري والطريقَ مُسرِعه
بما من الفعل وشِبْهِهِ سَبَقْ
- كذا النصبُ لا بالواو في القول الأحقْ
ذهب عبد القاهر الجرجاني إلى أنّ العامل في المفعول معه هو الواو، وقد تعقّبه ابن عقيل وحكم بعدم صحته، وذهب الزجّاج إلى أن العامل هو فعل مُضمَر، وذهب الكوفيون إلى أن العامل هو مُخالفَةُ ما بعد الواو لِما قبلها، وقول الجمهور أقعد وأوجه.
إعراب المفعول معه
إنّ المفعول معه حقه النصب، فإننا إذا ما أردنا أن نعربها قلنا: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، ومثاله:
- قال تعالى: { فَأَجمِعوا أَمرَكُم وَشُرَكاءَكُم}.
وشركاءكم: فالواو: هي واو المعية حرف مبني لا محل له من الإعراب، شركاءكم: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف، والكاف: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه، والميم للجمع.
- استيقظ أخوك وطلوعَ الشمس.
وطلوع الشمس: الواو: هي واو المعية حرف مبني لا محل له من الإعراب، طلوع: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف، الشمس: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
أحكام ما بعد واو المعية
اعلم أن الاسم الذي يقع بعد الواو تتنزّل عليه أربعة من الأحكام التي ينبغي التنبه لها، وهي:
- وجوب النصب على المعية إذا نتج من العطف فساد في المعنى
أي أنه لا يجوز أن تجعل الحكم عطفًا لِما يترتب على ذلك من فساد شنيع في المعنى، ألا ترى قولنا: سافر عامرٌ والليلَ. فإنك لو رفعت الليل لصار المعنى أن السفر قد حصل لليل، وهذا جلي في الفساد.
- وجوب العطف إذا لم تُستَكمَل شروط النصب
وذلك كأن يكون فعلًا لا اسمًا، كقولنا: "يلعب عمرو ويأكل علي" أو أن يُستَعمل غير الواو في الكلام، كقولنا: "سار خالد ثم علي".
- رجحان النصب على المعية مع جواز العطف على ضعف
يكون ذلك إذا قمت بالعطف على الضمير المتصل المرفوع كقولنا: جئتُ وزيدًا. لإنك لو رفعت زيدًا على أنه معطوف على الضمير المتصل المرفوع لكان ضعفًا، وكذلك الحال سواء بسواء إن كان ضميرًا مستترًا، كقولنا: قم وخالدًا، فإنه من الضعيف في هاتين الحالتين أن تقول: جئت وزيدٌ، وقم وخالدٌ.
- رجحان العطف ما لم يكن ضعف في التركيب والمعنى
ذلك إذا لم تنقدح جهة التركيب وجهة المعنى إن جعلنا العطف هو الراجح، ألا ترى قولنا: "جاء الأمير والجيش" فإنك لو رفعت الجيش لم ينقدح عندنا التركيب ولا المعنى.
اعلم أن المعية إن كانت مقصود المتكلم، أي أنه يريد هذا المعنى بعينه، فإنه يضعف العطف، وعليك أن تجعل النصب على المعية هو المتوجه، كقولنا: لا يغرنّك الغنى والبطرَ. فإن الكلام واضح في عدم إرادة النهي عن الأمرين عطفًا، بل إنما يريد معنى المعية.
إن كان الضمير المتصل منصوبًا فإنه يجوز العطف عليه بلا خلاف يُعلَم عند النحاة، كقولنا: ضربتك وخالدًا، اعلم أن القاعدة الكلية التي تجمع لك هذا الباب أن تعلم أن متى ترجح الضعف فقد ضعف النصب على المعية، والعكس صحيح.
أمثلة على المفعول معه
فيما يأتي أمثلة على المفعول معه تجعل الموضوع أكثر بيانًا ووضوحًا:
- قال تعالى: {ل مْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ }.
والمشركين: الواو: واو المعية حرف مبني لا محل له من الإعراب، المشركين: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.
- قال تعالى: { فَوَرَبِّكَ لَنَحشُرَنَّهُم وَالشَّياطينَ}.
والشياطين: الواو: واو المعية حرف مبني لا محل له من الإعراب، الشياطين: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.
- قال كثير عزة: وَإِنّي وَتَهيامي بِعَزَّةَ بَعدَما ** تَخّلَّيتُ مِمّا بَينَنا وَتَخَلَّتِ
وتهيامي: فالواو هي واو المعية حرف مبني لا محل له من الإعراب، تهيامي: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منعا من انشغال المحل بحركة المناسبة، وهو مضاف، والياء: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه، والميم للجمع.
- قال تعالى: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ }.
وأزواجهم: فالواو: هي واو المعية حرف مبني لا محل له من الإعراب، أزواجهم: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف، وهم: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه، والميم للجمع.
- قال الراعي النميري: أَزمانَ قَومي وَالجَماعَةَ كَالَّذي ** لَزِمَ الرِحالَةَ أَن تَميلَ مَميلا
والجماعة: الواو: هي واو المعية حرف مبني لا محل له من الإعراب، الجماعة: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.