تعريف الغضب
تعريف الغضب
يعود الغضب لغةً إلى الفعل غَضِبَ؛ أيّ حنق، ثار، هاج، سخط، اغتاظ، أمّا اصطلاحاً فيعرف بأنّه عاطفة طبيعية يشعر بها الإنسان عند تعرضه لخطرٍ ما، أو نتيجة شعوره بالتعب، أو التوتر، أو الاستياء، أو عدم تلبية الاحتياجات البشرية الأساسية، كما قد يكون الغضب رد فعل على بعض المشاعر السلبيّة التي قد تصيب الإنسان سواءاً أكانت هذه المشاعر ذاتيّة أو موجهة إليه من قبل الآخرين، وقد يكون نتيجة عدم تقبّل معتقدات الآخرين، وآرائهم، وأفعالهم، والجدير بالذكر أنّ الغضب يكون رد فعل مقبول ومنطقي أحياناً إلا أنّه يكون مبالغاً فيه بأحيانٍ أخرى؛ حيث ينتج عنه أفعالاً أو كلاماً غير مرغوب به، أو غير عقلاني، وعندها سيشعر الشخص المقابل بالتهديد، والاستياء، وبالتالي سيؤثر سلباً على التواصل الفعال مع الآخرين.
أنواع الغضب
يمكن تصنيف الغضب إلى أربعة أنواع تختلف وفقاً لمسببات الغضب، والحالة النفسيّة للإنسان، وهيَ كما يلي:
- الغضب المبرر: (بالإنجليزية: Justifiable Anger)؛ وهو غضب أخلاقي ناتج عن الشعور بالظلم، كالمشاعر التي تظهر بسبب قمع حقوق الإنسان، أو العنف في المجتمع وغيرها، حيث يمكن توجيه هذه العاطفة لتحدث تغييراً إيجابياً، إلا أنّ بقاؤها لفترة طويلة يحرم الإنسان من الراحة النفسية، وتُسبب له المعاناة.
- غضب الإنزعاج: (بالإنجليزية: Annoyance Anger)؛ هو أكثر أنواع الغضب شيوعاً، ويحدث نتيجة التعرض للإحباط ، والمواقف المزعجة المختلفة في الحياة اليومية، كالشعور بالغضب بسبب مدير العمل، أو شريك الحياة، وغير ذلك، وغالباً ما ينتج هذا الغضب بسبب التركيز على الجوانب السلبية في المواقف اليومية.
- الغضب العدواني: (بالإنجليزية: Aggressive Anger)؛ هو نوع مدمّر من أنواع الغضب يحدث نتيجة رغبة الإنسان بالسيطرة على الآخرين، أو تخويفهم، أو التلاعب بهم، ويجدر الذكر أنّ الغضب العداوني المتكرر يتحوّل ليُصبح تنمراً على الآخرين، فيُعرضهم للقمع، والعنف النفسيّ، وغالباً يغضب الأشخاص بهذه الطريقة لإخفاء مشاعر كالضعف، والخوف، أو لإخفاء عيوبهم عبر فرض سيطرتهم على الآخرين.
- نوبات الغضب المزاجيّة: (بالإنجليزية: Temper Tantrums)؛ وهو الغضب الناتج عن عدم تلبية احتياجات الفرد الأنانية، والتي تكون غير معقولة، أو غير مناسبة، وغالباً ما يبدأ هذا النوع من الغضب بالظهور في مرحلة الطفولة، فيشرع الطفل بالغضب عندما لا يُلبّي البالغون طلباته، وتؤثر نوبات الغضب المزاجية المزمنة سلباً على قدرة الشخص على تكوين علاقاتٍ صحية وناجحة مع الآخرين.
أسباب الغضب
فيما يلي أهمّ أسباب الغضب التي تؤدي لشعور الشخص بالغضب:
- التعرض لظروف أو مواقف معينة: حيث تُؤثّر سلباً على الشخص، أو على الأشخاص المُقربين له، وتشمل:
- التعرّض للتهديد أو الهجوم سواءاً كان ذلك جسديّاً أو لفظيّاً أو ماليّاً.
- عرقلة السعيّ للأهداف.
- انتهاك المعايير الأخلاقية.
- التّعرض لمعاملة سيئة أو غير عادلة.
- التّعرض للإهانة.
- التعرّض لمشاعر معيّنة: وتشمل المشاعر التي تجعل الإنسان يشعر بالضعف، كالحزن، والقلق، والخوف، وانعدام الأمان، والخجل، والشعور بالذنب، إذ تبرز عاطفة الغضب كوسيلة لإخفاء مشاعر الضعف عن الآخرين.
آثار الغضب
يتعرّض الإنسان الذي يُصاب بنوبات غضبٍ مستمرة وحادة للعديد من الأمراض الجسدية الخطيرة على المدى البعيد، وذلك لأنّ مشاعر الغضب تعمل على زيادة إنتاج بعض المواد الكيميائيّة كاستجابة للتوتر، وتعدّ هذه المواد أحد أسباب الإصابة بمرض الضغط، وحدوث تغيّرات في العمليّات الأيضيّة، وبالتالي فإنّ أجهزة الجسم المختلفة ستتعرّض لبعض الأضرار الصحيّة أيضاً، ومن أبرز الأمراض الصحيّة المتعلقة بالغضب: الصداع، ومشاكل الهضم؛ كآلام البطن، والأرق، وزيادة معدلات القلق، والاكتئاب، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، وضعف جهاز المناعة، وبعض الأمراض الجلديّة؛ مثل الأكزيما، والتعرّض للنوبات القلبيّة، والسكتة الدماغيّة، وغيرها.
يترك الغضب آثاراً سلبيةً على مختلف جوانب الحياة الأخرى غير صحّته، وفيما يلي أبرز آثار الغضب على الإنسان:
- التأثير على الصحة النفسية: يتسبب الغضب بتعكير صفو حياة الإنسان، فتجعل حياته دائمة التوتر والتشويش، وتسلب منه طاقته وشعور الاستمتاع بالحياة، وقد يؤدي الغضب المستمر لتعرض صحة الإنسان النفسية للخطر، فقد يصاب بالإجهاد، والاكتئاب، بالإضافة للعديد من مشاكل الصحة العقلية.
- التأثير على الحياة المهنية: تحتاج الحياة المهنية لقبول انتقادات الآخرين، والاستماع لآرائهم ونصائحهم، والدخول في نقاشات حادة، فإذا واجه الفرد الأشخاص في بيئة عمله بنوبات من الغضب، فإن ذلك سيؤثر بشكل سلبي على علاقاته مع زملائه، أو المشرفين عليه، أو العملاء، وبالتالي فإن حياته المهنية تصبح غير مستقرة ومهددة بالخطر.
- التأثير على العلاقات: يتسبب الغضب بخسارة الإنسان لأقرب الناس إليه، فهو يؤثر على صداقاته وعلاقاته الاجتماعية، كما يحد الغضب من تقبل الناس للشخص فيخسر ثقتهم به، ويخلق العديد من الحواجز في العلاقات فيكون من الصعب على الآخرين التحدث بصدق وراحة مع الإنسان الذي يواجههم دائما بردة فعل غاضبة.
طرق التحكم بالغضب
يُعدّ الغضب شعوراً طبيعيّاً، ولكنّه يُصبح خطيراً إذا ازداد عن حدّه، لذا ينبغي على الإنسان تدريب نفسه على كبح مشاعرِ الغضب، وفيما يلي بعض أهمّ النصائح التي تُساعد الإنسان على التحكم بمشاعر الغضب لديه:
- التفكير قبل الكلام: يُساعد ذلك بالسيطرة على الردود الصادرة عن الشخص الغاضب، ومنحه وقتاً كافياً لتجميع أفكاره، والتعبير عن نفسه بطريقة سليمة وغير مؤذية، كما يُسهم ذلك في امتصاص مشاعر الغضب، وأثناء الصمت يمكن ترديد كلمات إيجابية معينة تزيد من الهدوء والتركيز، مثل: "استرخ"، أو "خذ الأمور بسهولة"، وغيرها.
- البحث عن الحلول: بدلاً من التركيز على المشكلة وتحفيز مشاعر الغضب؛ يجب على الشخص البحث عن طرق لحل المشكلة.
- تجنب الأسلوب الهجومي: عند قيام شخص ما بموقف أو فعل يُثير الغضب، ينبغي تجنب الأسلوب الهجومي في انتقاده، والتعبير عن الاستياء منه بطريقة مهذبة دون انفعال، مع ضرورة عدم كبح المشاعر؛ لأنها تتفاقم مع الوقت.
- ممارسة التمارين: تساعد الأنشطة البدنية؛ كالركض على الحد من الشعور بالتوتر والغضب، كما يُمكن ممارسة بعض تمارين الاسترخاء التي تساعد على استيعاب المشاعر السلبية والتخلص منها؛ كاليوغا .
- تغيير الروتين: يتسبب الروتين والعادات السيئة التي يُمارسها الشخص بتحفيز مشاعر الغضب لديه، لذا ينبغي التخلص من العادات والاختيارات التي تُسبب الانزعاج والتوتر.
- طلب المساعدة: يخرج الغضب أحياناً عن السيطرة، بالتالي يجب اللجوء لمساعدة شخص مختصّ لحل هذه المشكلة، أو التحدث مع صديق موثوق لتقديم المساعدة.
- الاسترخاء: عند الشعور بالغضب ينصح باللجوء للاسترخاء، والحصول على قسط من الهدوء، حيث يُساعد ذلك في التحكم بالمشاعر وتهدئتها.
- التسامح: يُساهم التسامح والتعاطف مع الآخرين وتقبلهم بالتخلص من المشاعر السلبية تجاه الآخرين، وبالتالي من الشعور بالغضب.
- تفريغ المشاعر السلبية: يُمكن التنفيس عن المشاعر السلبية بكتابتها، إذ تساعد هذه الطريقة على مراجعة ردود الأفعال، وإدراك مواطن الضعف والمواقف التي تُثير مشاعر الغضب، بالتالي يسمح ذلك بالتدرب على طرق أكثر منطقية في التعامل معها.
طرق التعامل مع الشخص الغاضب
يُمكن اتّباع بعض الاستراتيجيات والسلوكيات عند التعامل مع الشخص الغاضب، لامتصاص غضبه ومساعدته على تجاوز مشاعره السلبية، ومنها:
- الاستماع: إنّ الاستماع للمشاعر السلبية للشخص الغاضب، ومحاولة فهمه دون إصدار الأحكام، حيث يساعده ذلك في التقليل من شعوره بالغضب، ونظرته للأمور.
- تشتيت التركيز: يمكن تشتيت تركيز الشخص الغاضب عن النقطة التي تُثير غضبه؛ لتغيير حالته العاطفية، وإعطاءه وقتاً مستقطعاً لإعادة التفكير فيما يقوله، ويمكن ذلك بمقاطعته بأسلوبٍ متعاطف وهادئ أثناء حديثه.
- إستدعاء الجانب المنطقيّ: عندما تسيطر مشاعر الغضب على الإنسان يبدأ تفكيره بالانحراف عن المنطق، حيث يعمل الجانب الأيمن من الدماغ الذي تحكمه المشاعر، لذا يُمكن استدعاء الجانب الأيسر من الدماغ المسؤول عن التفكير المنطقي بإعادة صياغة الموقف أو مُسبّب الغضب بطريقةٍ منطقية، مما يسمح له بإعادة التفكير دون انفعال.
- إظهار التفهّم: ينبغي تجنّب تصحيح الأخطاء التي يقع بها الشخص الغاضب بصورةٍ مباشرة، ومحاولة تفهّم مشاعره.
- إبداء الرغبة بالمساعدة: يجب تجنّب عرض المساعدة بشكلٍ مباشرٍ، والاستعادة عنها بإظهار الاهتمام بأمرِ الشخصِ والرغبة بالمساعدة في حال رغب بها، أمّا إذا كانَت نوبة الغضب شديدة لدى الشخص فيجبُ الانسحاب وعرض المساعدة في وقتٍ لاحقٍ.