تعريف الزهد
تعريف الزهد
الزهد في الُّلغة: هو قلَّة الشَّيء أو الشَّيء القليل، فإذا كان الرَّجل زاهداً في الشَّيء فهو يدلُّ على أنَّه يرى هذا الشَّيء بأنَّه قليلٌ لذا تركه، والزُّهد في الاصطلاح: يكون بمعنى قصر الأمل في الدُّنيا واستصغارها وفراغ القلب منها والنَّظر إليها بعين الزَّوال ناظراً إلى ما هو خيرٌ منها.
وأن تكون مطمئناً لرزقك الذي عند الله أكثر من الرِّزق الذي بيدك لتنشغل بما يقربك لله -تعالى-، فهو استصغار أيِّ أمرٍ وعدم استعظامه إذا كان يشغلك عن الآخرة والعمل لها.
مكانة الزهد في الإسلام
إنَّ الزُّهد في الإسلام خلقٌ يدعو صاحبه إلى عدم الانغماس في الدُّنيا بحيث ينسى المسلم آخرته، ولا يعني الزهد بحالٍ أن يكون في الدُّنيا فقيراً جائعاً، بل إنَّ الإسلام حثَّ على العمل وعلى كسب المال الحلال مهما كثر، إلَّا أنَّه أيضاً أمر ألّا يكون هذا المال هو همُّ الإنسان فيكون سبباً في ضياع آخرته.
ويجب على المسلم أن يزهد بما عنده في الدنيا وينظر إليه على أنَّه قليلٌ زائلٌ بالمقارنة بمقابل ما في الآخرة من نعيمٍ مقيمٍ، قال -تعالى-: (أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا) .
والزهد في الإسلام يدفع صاحبه إلى العمل والإيجابيَّة في الحياة والإنجاز فيها، فمن الزهد أن يحرص المسلم على مصادر الرِّزق الحلال، وأن لا ينظر إلى رزق غيره، قال -تعالى-: (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى).
درجات الزهد
ومهما بلغت درجة الزهد فهو قاصرٌ على صاحبه وليس له أن يُجبر غيره على الزهد، فإذا كان الأب زاهداً في الطَّعام ويكتفي بالقليل منه، فليس له أن يُجبر زوجته وأولاده على الزهد بالطَّعام أيضاً؛ لأنَّ الزهد عبادةٌ فرديةٌ، والزهد ليس على درجةٍ واحدةٍ، بل درجاتٌ بحسب ما يقوى في نفس صاحبه أو يضعف، وهي كما يأتي:
- أقل درجات الزهد ؛ حين يزهد المسلم بالدُّنيا ويجاهدها مع تعلُّق قلبه بها، وهذه الدَّرجة هي بداية الزهد.
- الدرجة الوسطى؛ حين يزهد في الدُّنيا احتقاراً لها مع ما لها من مكانةٍ، لكنَّه يتركها طمعاً بما هو خيرٌ منها في الآخرة.
- الدرجة العليا من الزهد؛ حين يترك الدُّنيا ولا يرى أنَّه ترك شيئاً؛ لعلمه أنَّ الدُّنيا لا تساوي شيئاً بمقابل الآخرة.
علامات الزهد
للزهد علاماتٌ يَعرف من خلالها المسلمُ نفسه، ويعرف مقدار زهده، ومن هذه العلامات ما يأتي:
- أن يكون تعلُّقه بالآخرة سبباً لعدم حزنه على ما يفقد في الدُّنيا.
- أن يكون تعلُّقه بالآخرة سبباً لعدم الفرح بما حصل من متاع الدُّنيا.
- أن يكون الزاهد طامعاً بما عند الله؛ فلا يفرح بمدح أحدٍ ولا يحزن لذمِّ أحدٍ له، فالمدح والذمُّ لا قيمة لهما عند الزاهد لتعلُّق قلبه بالله -تعالى-.
- الزاهد الصَّادق عبادته في الخفاء أكثر وأفضل من عبادة العلن.
فوائد الزهد
للزهد فوائدٌ عديدةٌ في الدنيا وفي الآخرة، نذكرها فيما يأتي:
- في الدُّنيا
يكون الزاهد متوكلاً على الله -تعالى- في كل شيءٍ، وقلبه عامرٌ بالقناعة، وهو عفيفُ النَّفس عن المال والشَّهوات، لذا تجده مطمئناً في نفسه محبوباً من النَّاس، وقد علموا أنَّه لا يُزاحمهم في دنياهم.
- في الآخرة
ينال الزاهد محبَّة الله -تعالى-، ومحبَّة النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وينال بزهده في الدُّنيا ما كان يرجو من نعيم الآخرة وسعادتها.