تعريف التعاون في الإسلام
تعريف التعاون في الإسلام
غرس الله -سبحانه وتعالى- التعاون في فطرة الإنسان، فلا يستطيع أي مخلوق أن يواجه هذه الحياة وحيدًا من غير مساعدة فلذلك التعاون ضرورة من ضروريات الحياة التي لا يمكن العيش من دونها.
أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده بالالتزام بالتعاون بشرط أن يكون على البر والتقوى ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان، قال -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، والمعنى الذي تناولته هذه الآية الكريمة هو أنه يجب على الإنسان المسلم أن يتعاون على فعل الخيرات وترك المنكرات.
يتناول التعاون على البر والتقوى المساعدة ومدِّ يد العون لكل عمل ينتج عنه خير سواء من قام بالعمل فردا أو جماعة وسواء كان الخير عائدٌ على فرد أو جماعة أو إلى أمة، فمن التعاون على البر والتقوى أن يقوم مجموعة من الناس بالمطالبة بتحقيق وتلبية أمورهم كبناء المدارس أو المستشفيات وغيرها فتبذل كل جهدك لمساعدتهم وإسعادهم بكل ما تستطيع من قوة.
ومن الآثار المترتبة على التعاون على الإثم والعدوان؛ تضييع الحقوق وذهابها لغير أهلها وهي دليلٌ كاملٌ على ضعف الإيمان وقلة المروءة وتساعد من يعمل به على الطغيان وتسبب خرابًا ودمارًا في المجتمع، فالتعاون على الإثم والعدوان هو كلُ عمل يعطل فيه شريعة من شرائع الدين.
فوائد التعاون
سأذكر بعض فوائد التعاون فيما يأتي:
- إظهار القوة والتماسك.
- يزيد من الإخلاص في العمل .
- ينال الإنسان تأييد الله تعالى وحبه ورضاه.
- يقوم بتوفير الجهد وتنظيم الوقت.
- ثمرة من ثمرات الأخوة الإسلامية .
- رفع الظلم عمن وقع عليه.
- حماية للفرد.
- يساعد على التصدي لأي خطر قد يواجه الإنسان.
- سهولة إنجاز الأعمال الكبيرة التي تحتاج إلى مجموعة من الأفراد.
- القضاء على الأنانية وحب الذات.
- من ثمار الإيمان.
- ركيزة أساسية من ركائز النجاح والتوفيق.
- يُشعر الفرد بالسعادة ويزيل الضغائن والحقد والحسد من القلوب.
وتناولت العديد من الآيات الكريمة موضوع التعاون ومنها:
- قوله -تعالى-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
- قوله -تعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .
- قوله -تعالى-: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ).
من النماذج التي تناولت موضوع التعاون
سأذكر بعض النماذج العملية في الإسلام لصفة التعاون فيما يأتي:
نماذج تطبيقية من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
كان يسعى دائما إلى قضاء حوائج المسلمين وإعانتهم والوقوف معهم كان يفعل ذلك في صغره وقبل بعثته -عليه الصلاة والسلام-، فقد بينت أُمنا خديجة -رضي الله عنها- نموذجا ومثالا رائعا يقتدى به وذلك عندما يحين وقت نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت تقوم بالتخفيف من روعه.
وعن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنْقُلُ التُّرَابَ يَومَ الخَنْدَقِ، حتَّى أغْمَرَ بَطْنَهُ، أوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ، يقولُ: واللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ ما اهْتَدَيْنَا، ولَا تَصَدَّقْنَا ولَا صَلَّيْنَا، فأنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا، إنَّ الأُلَى قدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، إذَا أرَادُوا فِتْنَةً أبيْنَا ورَفَعَ بهَا صَوْتَهُ: أبيْنَا أبيْنَا).
كانت أول خطوة خطاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة هي بناء المسجد النبوي ، فالمكان الذي بركت فيه ناقته أمر ببناء المسجد فقام بشرائه من غلامين يتيمين كانا يملكانه وساهم -عليه أفضل الصلاة والسلام- في بنائه بنفسه.
نماذج تطبيقية من حياة الصحابة رضوان الله عليهم
تعاون أبو بكر وأهل بيته مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في هجرته؛ جهز أبو بكر الصديق رضي الله عنه راحلتين واحدة له والأخرى للرسول بعدما أخبره بالهجرة، خاطر بنفسه وهاجر معه، وعند وصولهما ل غار ثور دخل أبو بكر أولا ليتفقد الغار قبل دخول الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى لا يصيبه أذى، وقامت ابنته أسماء -رضي الله عنهما- بتجهيز ما يحتاجونه في السفر وكان عبد الله بن أبي بكر -رضي الله عنهما- يأتي لهما بأخبار قريش.