تعريف الأذان والإقامة
تعريف الأذان
يُعرَّف الأذان في اللغة بأنّه صوت نداء المؤذن للصلاة، وهو مُشتَقّ من الفعل (أذِنَ)، يُقال أذّن فلان؛ أي أَكثر الإِعلام بالشيءِ، وهو نداءٌ للصَّلاة، وإعلام بوقت الصَّلاة بألفاظ معلومة مأثورة، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ فهو: الإعلام بدخول وقت الصلاة بذكرٍ مخصوصٍ، وقد يكون للإعلام بقُرب دخول وقت الصلاة، كأذان الفجر الأوّل الذي يُنبِئ بقُرب وقت صلاة الفجر، وقد يكون الأذان إعلاماً بالصلاة بعد فوات وقتها، كما صحّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه أمر بلالاً -رضي الله عنه- برفع أذان الفجر بعد فوات وقت الصلاة؛ ليجمع الناس للصلاة، ممّا يدلّ على أنّ الأذان يُرفَع؛ للدلالة على الاجتماع للصلاة، أو على دخول وقتها.
تعريف الإقامة
الإقامة في اللغة مُشتقّة من الفعل (أقام)، يُقال: أقام للصلاة؛ أي نادى لها، بينما تُعرَف في الاصطلاح الشرعيّ بأنّها: الإعلام بذكرٍ مخصوصٍ لأداء الصلاة.
صيغة الأذان
اتّفق علماء المذاهب الفقهيّة من غير المالكية على أنّ الأذان يكون بقول: "الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أنّ لا إله إلّا الله، أشهد أنّ لا إله إلّا الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله"، أمّا المالكية فقد خالفوا جمهور العلماء بقولهم إنّ التكبير مرَّتان فقط في بداية الأذان، وتُندَب الزيادة على صيغة الأذان السابقة في أذان الفجر بقول: " الصلاة خيرٌ من النوم، الصلاة خيرٌ من النوم"، واتّفق العلماء على كراهة ترك تلك الزيادة.
صيغة الإقامة
تكون الإقامة للصلاة والإعلام بها، وذلك بقول المُقيم لها: "الله أكبر الله أكبر، أشهد أنّ لا إله إلّا الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله"، وهي الصفة التي اتّفق عليها كلٌّ من الحنابلة والشافعية، أمّا الحنفية فقد قالوا بأن يُكبِّر في أوّل الإقامة أربع مرّاتٍ، ومرّتَين في آخرها، وتُكرَّر الألفاظ من غير التكبير مرَّتَين، بينما قال المالكية بأنّ التكبير يصدر مرّتان في أوّل الإقامة، وآخرها، وغيرها من الألفاظ مرّةً واحدةً فقط.
حُكم الأذان
تعددت آراء العلماء في حكم الآذان كما يأتي:
- الرأي الأول: اعتبر الحنابلةُ الأذانَ فرضَ كفايةٍ؛ إن قام به البعض سقط عن الآخرين؛ نظراً لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أمر به في قوله: (فَلْيُؤَذِّنْ أحَدُكُمْ، ولْيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكُمْ)، كما أنّ السنّة الفِعليّة للنبيّ تؤكّد أنّ الأذان من شعائر الإسلام الظاهرة، وقال المالكية بوجوب الأذان في كلّ بلدٍ مسلمٍ، وأنّه واجبٌ وجوب السُّنَن في المساجد.
- الرأي الثاني: قال الحنفيّة بأنّ الأذان والإقامة يُسنّان للصلوات الخمس، والجمعة، وعليه فإنّ الصلاة في البيت تجوز دون أذانٍ أو إقامةٍ، ويحسن رفعهما، وقال الشافعية بسُنّية الأذان والإقامة على الكفاية لجماعة المسلمين.
الصلوات التي يُشرَع لها الأذان
أجمع أهل العلم على أنّ الأذان والإقامة من الشرائع المُتعلِّقة بالصلوات الخمس فقط، ولا خِلاف بين أهل العلم أنّ سائر الصلوات سواءً كانت تُصلّى جماعةً، مثل: صلاة العيدَين، وصلاتَي الكسوف والخسوف، وصلاة الاستستقاء، أو كانت تُصلّى بشكلٍ فرديٍّ، كالضحى، لا يُشرَع لها الأذان أو الإقامة؛ فقيام شهر رمضان، وصلاة العيد، وصلاة الكسوف والخسوف يُنادى إلى كلٍّ منها بقول: "الصلاة جامعةٌ"، أمّا في صلاة الجنازة، وكلِّ نافلةٍ ما عدا القيام والعيد والكسوف والخسوف، فلا أذان لها ولا إقامة، ولا ينادى عليها بقول: "الصلاة جامعةٌ".
حُكم الإقامة
تعددت أقوال العلماء في حكم الإقامة للصلاة، وبيان ذلك فيما يأتي:
- الحنابلة: قالوا بأنّ الإقامة فرض كفايةٍ كالأذان؛ إن أتى بها البعض سقطت عن الباقين.
- الشافعية: قالوا بأنّ الإقامة سُنّة على الكفاية للجماعة، وسُنّة على العين للمنفرد.
- الحنفية: قالوا بأنّ الإقامة سُنّة مُؤكَّدة على الكفاية لأهل الحيّ الواحد.
- المالكية: قالوا بأنّ الإقامة سُنّة على العين للذكر البالغ، وسُنّة على الكفاية لجماعة الذكور البالغين، وتُندب على كلِّ عينٍ من الصبيان والنساء إن انعدم الذكر البالغ.
الصلوات التي تُشرَع لها الإقامة
شُرِعت الإقامة في صلاة الجمعة والصلوات المكتوبة فقط، ولم ترد في السنّة النبويّة الإقامة في صلوات النوافل والوتر، ولا في صلاة الجنازة، أو التراويح، أو العيدَين، أو الكسوف، أو الخسوف، أو صلاة الاستسقاء، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة أنّه قال: (صَلَّيْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ العِيدَيْنِ، غيرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ، بغيرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ).
شروط الأذان
تُشترَط في الأذان مجموعةٌ من الشروط بيانها فيما يأتي:
- دخول وقت الصلاة: يُشترَط أن يُرفع الأذان عند دخول وقت الصلاة؛ إذ إنّه شُرِع للإعلام بالصلاة، ولا معنى لرفعه قبلها، بل قد يُؤدّي إلى حدوث لَبْسٍ وخللٍ لدى السامعين.
- الترتيب والموالاة: يُشترَط في الأذان ترتيب عباراته كما رُوِيت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولا يجوز تقديم بعضها على بعض، ولا تأخيرها، كما تُشترَط الموالاة في الأذان؛ ويُقصَد بها ألّا يقع فاصلٌ زمنيٌّ بين عباراته، ويُستثنى من ذلك السكوت القصير، أو الكلام لضرورةٍ ما، كتحذير شخصٍ ما من خطرٍ سيقع به.
- صدوره من شخصٍ واحدٍ: فصدور الأذان من اثنين فأكثر قد يُؤدّي إلى وقوع إشكالٍ واختلافٍ.
- اللغة العربيّة: فلا يجوز أن يُرفَع الأذان بلغةٍ غير العربيّة إلّا في حال عدم وجود من يرفعه بها، ويجوز رفع الأذان ممّن لا يُحسن اللغة العربيّة إن رفعه المُؤذِّن له وحده دون جماعةٍ.
- إسماع بعض الجماعة: لا بُدّ من إسماع الأذان للغير حتى وإن كان واحداً، والأفضل إسماعه للجميع، وعلى المُؤذِّن أن يُسمِع نفسه الأذان إن كان منفرداً على أن يكون سمعه سليماً لا علّة فيه.
شروط الإقامة
يُشترَط في الإقامة تحقّق الأمور الآتية:
- دخول وقت الصلاة.
- استحضار النيّة.
- اللغة العربية السليمة من الأخطاء التي تُغيّر المعنى.
- مراعاة الترتيب بين عبارات الإقامة؛ فلا يجوز التقديم أو التأخير فيها.
- الموالاة، وعدم الفصل بين العبارات بفاصلٍ زمنيٍ.
- اتِّصال الإقامة بالصلاة؛ فلا يجوز القَطع بمدّةٍ زمنيةٍ طويلةٍ بين الإقامة والصلاة، وعليه إعادة الإقامة عند الحنفيّة، بخِلاف غيرهم من المذاهب التي قالت بعدم الإعادة.
- رفع الصوت بالإقامة بدرجةٍ أخفّ من صوت الأذان، وبذلك يتحقّق القصد من الإقامة بالقيام؛ لأداء الصلاة.
شروط المُؤذِّن
يُشترَط في المؤذن تحقّق ثلاثة أمورٍ بيانها فيما يأتي:
- الإسلام.
- التمييز؛ فلا يصحّ الأذان من صبيٍّ غير مُميّزٍ، أو شخصٍ غير عاقلٍ، أو سكران.
- الذكورة؛ فلا يصحّ الأذان من امرأةٍ.
شروط مُقيم الصلاة
لا تختلف شروط مُقيم الصلاة عن شروط المُؤذِّن سالفة الذكر، إلّا أنّ العلماء اختلفوا في شرط الذكورة؛ فهي تصحّ من المرأة لنفسها، بينما لا تصحّ في حال أقامتها للرجال عند الشافعية والمالكية، أمّا الحنفية فقد قالوا بصحّة إقامة الصلاة من المرأة للرجال مع كراهة فعلها، وقال الحنابلة بأنّ الذكورة شرطٌ للإقامة كما هي شرطٌ للأذان، فلا تُطلَب من المرأة، وبيان آراء المذاهب الفقهيّة في إقامة المرأة الصلاةَ على النحو الآتي:
- القول الأول: قال الشافعية باستحباب إقامة الصلاة من المرأة لنفسها، أو للنساء، ووعدم جواز إقامتها للرجال، وقال المالكية بندب إقامة المرأة لنفسها سرّاً لا جهراً، وخلاصة رأي المالكية يدلّ على أنّ الأذان والإقامة أمران لا يجبان على النساء، وإن أقامت المرأة لنفسها أو لجماعة النساء فأمرٌ حسنٌ.
- القول الثاني: قال الحنفية بانعدام الأذان والإقامة في حقّ النساء؛ استدلالاً بحديث أسماء بنت بريد أنّها قالت: سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: (ليس على النساءِ أذانٌ ولا إقامةٌ)، وروى الحنابلة عن بعض أهل العلم أنّ إقامة المرأة للصلاة أمرٌ حسنٌ لعموم الأدلّة، وقالوا بأنّ المرأة ليس عليها أذانٌ ولا إقامةٌ.
سُنن الأذان والإقامة
تُسنّ عدّة أمور تتعلّق بالأذان والإقامة، وفيما يأتي بيان بعضها:
- اتّصاف مُقيم الصلاة بالتقوى، والعلم بالسنّة النبوية، وأوقات الصلاة، إضافة إلى حُسن الصوت دون غناءٍ أو ابتداعٍ فيه.
- الوقوف حال الإقامة، إلّا لعُذرٍ، أو عجزٍ.
- استقبال القبلة؛ إذ يُستحَبّ استقبال القبلة عند الأذان والإقامة، إلّا عند قول: "حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح"، إذ يلتفت المُؤذِّن عن اتِّجاه القبلة، والالتفات عند قولهما في الإقامة فيه أقوال عند العلماء، وذلك على النحو الآتي:
- استحباب الالتفات حسب رأي الحنفيّة والشافعيّة، وقد قالوا أيضاً باستحباب الالتفات إن كان المكان واسعاً، وكراهته إذا كان ضيّقاً، أو كانت الجماعة قليلةً.
- كراهة الالتفات، وهو رأيٌ عند الحنابلة، ورأيٌ للشافعية، ورأيٌ للحنفيّة أيضاً، أمّا المالكيّة فيُؤخَذ من كلامهم الجواز.
- الترتيل؛ ويٌقصَد به التمهُّل عند التلفُّظ بكلمات الأذان، فتكون بيّنة الوضوح.
- الترجيع؛ وهو ذِكر الشهادتَين مرَّتَين سرّاً بعد الجهر بهما، وسُمِّي بالترجيع؛ لأنّ المُؤذِّن رجع إلى خفض الصوت، أو لأنّه رجع إلى الشهادتَين بعد أن أتى بهما.
- التثويب؛ ويُقصَد به قول: "الصلاة خيرٌ من النوم" في الأذان لصلاة الفجر.
- وضع طرفَي الإصبعَين في الأُذنَين حين الأذان.
- رفع الأذان في مكانٍ مرتفعٍ.
- جمع كلّ تكبيرتَين معاً.
- المناداة إلى صلاة الفجر مرَّتَين، ويُفضّل ذلك من قِبل شخصَين مختلفين، ولا بأس أن تكونا من قِبل الشخص نفسه.
- الردّ على السلام، أو تشميت العاطس حين الانتهاء من الأذان أو الإقامة، حتى وإن طال الفصل بينهما.
- تكرار السامع ما يسمعه من المُؤذِّن، وإن سَمِع: "حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح" فإنّه يقول: "لا حول ولا قوة إلّا بالله".
- قَطع القراءة، أو طلب العلم، والترديد خلف المُؤذِّن بقدر الاستطاعة، فإن لم يتمكّن السامع من الترديد، كأن يكون في خلاءٍ، فإنّه يردّد بعد فراغه إن لم يَطُل الفصل بين الأذان وترديده.
- الصلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد الأذان، والإقامة من المُؤذِّن، والمُقيم، والسامع.
- الدعاء بعد الأذان بالدعاء المأثور عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بقول: (اللَّهُمَّ رَبَّ هذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلاةِ القائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقامًا مَحْمُودًا الذي وعَدْتَهُ)، ومن الأدعية المأثورة أيضاً ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، رَضِيتُ باللَّهِ رَبًّا وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا، وبالإسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ له ذَنْبُهُ. قالَ ابنُ رُمْحٍ في رِوَايَتِهِ: مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ: وأَنَا أشْهَدُ).
مكروهات الأذان والإقامة
يُذكَر من الأمور المكروهة في الأذان والإقامة ما يأتي:
- تلحين ألفاظ الأذان، أو الإقامة، أو تمطيطها وتمديدها، أو الزيادة فيها، وإن كان ذلك بصورةٍ كبيرةٍ فإنّه يُحرّم.
- الكلام دون حاجةٍ أو ضرورةٍ تستدعي ذلك، وقال الشافعية والحنفية بعدم كراهة الكلام القليل، إلّا أنّه تركٌ للأفضل والأحسن؛ استدلالاً بما ورد عن أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- تكلّم في الخُطبة، أمّا المالكية والحنابلة فقالوا بالكراهة؛ لأنّ الكلام يخالف الوارد والثابت في السنّة.
- الجلوس، أو الركوب حال الأذان، أو الإقامة، ويُستثنى من ذلك المسافر إن كان جالساً، أو راكباً، والأولى أن يُؤدّي الأذان، أو الإقامة بعد نزوله عن الراحلة، كما لا يُكرَه من المسافر التوجُّه لغير القبلة.
- صدور الأذان، أو الإقامة من صبيٍّ، أو فاسقٍ، أو من كان على جنابةٍ، أو أصابه حَدَث، وإن كان ذلك أثناء الأذان فلا بأس بإتمامه على حدث؛ لئلا يقع أي إشكالٌ أو اختلاطٌ لدى السامع، وإن أراد التطهّر تطهّر وأتمّ الأذان إن كانت مدة الفصل قصيرةً، ويُعيده إن طالت المدة، وتجدر الإشارة إلى أنّ كراهة الأذان والإقامة من الجُنب أشدّ من المُحدث، وكراهة عدم الطهارة في الإقامة أشدّ من الأذان؛ لقُربها من الصلاة.
- التوجُّه إلى غير القِبلة في الأذان والإقامة، وذلك في حال القدرة على التوجُّه إليها، ويقعان بصورةٍ صحيحةٍ إن صدرا دون التوجُّه إلى القِبلة؛ إذ حصل مقصود الإعلام بهما.
ملخص المقال: عرض المقال تعريف الأذان وحكمه وشروط الأذان والمؤذن، وكذلك عرض تعريف الإقامة وحكمها وشروط مقيم الصلاة، كما وعرض المقال سنن الأذان والإقامة، ومكروهات الأذان والإقامة.