تعبير كتابي عن رحلة سياحية
المقدمة: ماتشو بيتشو .. المدينة المفقودة
تُعدّ مدينة ماتشو بيتشو القديمة واحدة من عجائب الدنيا السبع، وقد بنيت على يد ما يبدو أنهم مهندسون مهرة من شعب الإنكا، تم بناؤها في القرن الخامس عشر ميلادي، وكلمة ماتشو بيتشي تعني المدينة الضائعة باللغة العربية، وتستقر هذه المدينة بين جبلين اثنين من جبال الإنديز ، بعيدة عن منطقة كورنكو ما يقارب مائة وعشرين كيلو متر، كما يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر ما يقارب 2223 متر، وتغطي الغابات الكثيفة أجزاء المدينة كافّة، ويقع نهر أوروبامبا على مقربةٍ من المدينة الضائعة.
العرض: مباني بيتشو أسطورة صعبة التصديق
بعدما كنت جالسًا مع والدي نتابع الأخبار على إحدى القنوات الوثائقية عن المدينة المفقودة ماتشو بيتشو، هالني منظر مبانيها الأسطورية فهي مبانٍ يصعب تصديق أنّها مصممة من قبل بني البشر أو أنها موجودة بالأساس، ذهبت للنوم وعقلي لا يكاد يستوعب غرابة الأمر، وتساءلت فيما بيني وبين نفسي كيف لإنسان بدائي لا يعرف حتى لغة للتواصل يتوصل إلى تصميم بناء كبير بهذا الحجم وبطريقة تثير العجب، فقد تم اقتطاع أحجارها بنسب متساوية لا تكاد ترى بينها فراغًا ولو صغيرًا، ما أعظمك يا الله الذي خلقت الإنسان وأحسنت صنعه، وميزته عن سائر المخلوقات بالعقل الكبير وأعطيته قدرات رائعة تفوق الخيال، ولكن بعض الناس تجاهلت هذه النعم واستخدمتها فيما يتلف العقل.
حصل أنني غرقت في النوم بينما كنت أفكر بما رأيت، وسمعتُ صوتًا مدويًا لا أدري من أين جاء، فاستيقظت فجأة وإذ بي أسقط من ارتفاع عالٍ، وكنت أصرخ بشكل جنوني، حتى توقفت حينما أمسكني شيءٌ ما فتحتُ عيوني فإذا بي مُتعلقٌ بغصن شجرةٍ كبير وتحتي قومًا غريبي الأطوار يصدرون أصواتًا عجيبة لا أفهمها، شعرتُ بالرعب الشديد ولكنني علمتُ أنهم يريدون إمساكي واقتيادي إلى مكانٍ ما، لا أنكر أنني رغم خوفي الشديد أعجبتُ كثيرًا بالمكان الذي هبطت فيه، فأين أنا! وكيف وصلت إلى هُنا! ذهب القوم ولكنني لم أجرؤ على النزول حتى هبط الليل وبدأت أشعر بالتعب والنعاس الشديد وبدأت أمعائي تقعقع، رباه ما هذا البلاء وإن كان كابوسًا فأيقظني منه.
شعرت بارتفاع طفيف في درجة حرارتي وبدأ جسدي يذوي وبدأت أنزلق عن الشجرةِ رويدًا كما دودة قزٍ متهالكة لا تقوى على الثبات، وفجأة ارتطمت بالأرض ودوت من فؤادي صرخةً عالية أظنها أيقظت الأموات قبل الأحياء، غرقت في آلامي وغفوت، حتى استيقذت بين أيادي ذلك القوم الذي انتظرني أسفل الشجرة، شعرت بالرعب الشديد لأنهم كانوا يحملون شيئًا يشبه السهام والأدوات الحربية التي قرأت عنها في كتب التاريخ، علمت أنني هالكٌ لا محالة، بدأوا يشيرون لأنفسم ويصدرون أصواتًا غريبة، ومن ثم اقتادني أحدهم إلى مكان غريب يحتوي أبنية تشبه الطراز الحديث والعصري في يومنا هذا، يا الله لقد تذكرت أنني رأيت هذا المكان في التلفاز بينما كنت أتابع القناة الوثائقية.
أيقنت حينها أنني في حلم أو أن آلة للزمن اقتادتني نحو هذه البلاد بينما أنا غارقٌ في التفكير حتى استيقظت على صوت أحدهم يتفوه بكلمات غريبة، وبالتالي اقتادني شخصٌ آخر وتابعنا المسير نحو طريق تحتوي على العديد من المصاطب وكانت هناك أبنية مبنية فوق بعضها البعض دون أية أدوات تثبيت، وهو أمر عجيب للغاية، ومن ثم مررنا بجبال هوباما التي تعد من الجبال الأثرية فهي تحتوي على آثار قديمة لحضارة الإنكا، ويمكن الوصول إليها عبر طريقٍ متعرج، تسلقنا الطريق ووصلنا إلى الأعلى ومن هناك كانت إطلالة أشبه بالخيال، فهناك من المناظر الخلابة ما يسحر العقول ويخطف الألباب، وعندما أمعنت النظر رأيت ذلك النهر الخلاب الذي يملأ الكون جمالًا، وهو نهر فيلكانوتا.
تابعنا المسير حتى وصلنا إلى مكان يسمى بمعبد القمر وهو أسفل جبل هوباما، إذ يوجد بداخله كهف كبير صُنع من مادة الجرانيت الأبيض، ويقال إن أصل التسمية يعود إلى القمر الذي يشع نوره على الكهف، وما إن وصلنا المعبد حتى مشينا داخله ووقعت عيني على مجموعة كبيرة من التماثيل والمنحوتات التي كان شعب الإنكا يقدسها، ودخلنا بعد ذلك معبد الشمس، الذي يعد أكبر مبنى دائري في مدينة ماتشو بيتشو، فدخلنا عبر طريق مِن خندق كبير موجود داخل المدينة، ويعود أصل التسمية إلى الشمس التي تضيء المبنى من كافة النواحي، ومررنا أيضا بقلعة ماتشو بيتشو القديمة.
إنّ في بنائها دلالة على ذكاء شعب الإنكا وأنهم كانوا يختارون مواقعهم بدقّة عالية ومن قِبل العلماء القدماء، كما أن شعب الإنكا قاموا ببناء هذه المدينة المُحاطة بالغابات شديدة الكثافة، وقد كانوا لا يتحدثون عنها كثيرًا خوفًا من احتلالها مِن قبل الإسبان، وقد تم إطلاق لقب الحديقة المعلقة على ماتشو بيتشو بسبب تشييدها على قمة جبل شديدة الانحدار، وفجأة بينما أتأمل تلك المعالم شديدة الغرابة سمعتُ صوت حشود كثيرة فارتعدت أوصالي وبدأت أرتجف خوفًا فإنني أرى الموت قادمًا وفي غمرة تفكيري وانغماسي في خوفي بدأت أصوات تتعالى وحشودٌ تقترب، رباه ماذا أسمع، إنني أسمع كلامًا يشبه اللغة العربية، ما هذا؟ التفتُّ نحو الصوت فإذا بأبي قادمٌ نحوي ومعه مجموعة من الرجال.
كان الرجال يلبسون سراويل تمامًا كما نلبس أنا ووالدي، إذًا أبي ليس أسيرًا مثلي، وازددت يقينًا من ذلك حين بدأ أبي يضحك ويشير إلى الأشجار والتلال وبالرغم من غرابة الأمر لكنني شعرت بالسعادة الغامرة تتملكني، فالتفت نحو الرجل الذي كان يقتادني فلم أجده آه هل اختفى؟ أم ما الذي حصل؟ ناديتُ أبي بفرحٍ، أبي أنا هنا ولكنه لم يجب فناديته مرارًا وتكرارًا وعلا صوتي بالنداء لكن بلا فائدة، فأبي يقترب مني لكنه لا يسمعني، ركضت نحوه وما إن وصلت عنده حتى حاولت لمسه، ولكن هالني أنه مرّ من خلالي كأنني شبح لا وجود له، أو خيال أو هواء عابر، بدأت أصرخ ويعلو صوتي بالصراخ حتى أيقظتني صفعةٌ مدوية من أبي الذي يقف فوق رأسي.
الخاتمة: حكايات بيتشو الخيالية
يُقال إنّ المدينة بُنيت من قِبل الكائنات الفضائية بسبب جمال بنائها الرائع وبلا استخدام أدوات بناء، كما يقال إنّ إله الشمس هو من بنى المدينة، ولكنها أقاويل تخلو من المنطق، لأن هذه المدينة وأبنيتها دلالة واضحة على ذكاء شعب الإنكا وعبقريتهم، وهناك من المؤرخين من يعتقد أن هذه المدينة كانت مكانًا لتقديم القرابين للآلهة، إذ وجدت الكثير من جثث النساء، فقد كان شعب الإنكا قديمًا يعتقدون أنّ النساء هنّ بنات الشمس فكانوا يقدمونهنّ كقرابين بهدف التقرب والعبادة.
قد يلهمك مقال: موضوع تعبير عن رحلة قمت بها ، في كتابة تعبير عن رحلة.