تعبير كتابي عن حادث مروري شاهدته
المقدمة: رأيت الارتطام بأم عيني
ذات يوم كنت خارجًا إلى السوق مع أمي، كان السوق بعيدًا والجو رائقًا جميلًا بعد العصر، قررنا أن نسير مشيًا على الأقدام كي نتمتع بالجو اللطيف، فجأة ارتطمت سيارتان كان يقودهما شابان متهوران بسرعة عالية، كان صوت الارتطام عاليًا، وأعلى منه صوت المكابح التي لم تستطع أن تمنع هذا الحادث، لقد شاهدته بعيني، لا أستطيع أن أقول إنّ المشهد كان مخيفًا أو فظيعًا؛ لأنّني أصبت بالذهول مدة من الزمن ووقفتُ مكاني لم أستطع التحرك أو النطق بشيء، لقد كنتُ كالمتجمّد!، وبعد ذلك بقيت أسأل نفسي: كيف نقلل من حوادث السير؟
العرض: كيف سبقت يدي قلبي!
كنت أقول لنفسي قبل الحادث إنّ مشهد بعض الشبّان الطائشين مثيرٌ للحزن والاستغراب في آن معًا؛ إذ كان بعض الشباب يقودون سياراتهم بسرعة ويفعلون بها حركات مجنونة متهورة قد تؤدي بهم إلى ما لا يحمد عقباه، حزنتُ في نفسي على هؤلاء الشباب الذين يضيعون أعمارهم في اللهو والعبث وقيادة السيارات بشكل جنوني قد يعرّض حياتهم وحياة الآخرين للخطر، الشباب هم دائمًا العمود الفقري للدول والأمم التي تسعى إلى النهوض واحتلال مراكز مهمة في العالم على جميع الأصعدة، أراهم وهم يعبثون ويمرحون وكأن الوقت والزمان ليس له أيّ قيمة عندهم.
لقد كان منظرهم يدعو للأسى، يضيعون الساعات الطويلة في العبث ولا يهتمون لأمر حياتهم وكأنّ الحياة التي يحيونها ليست لهم إنّما عمر أخذوه عن الآخرين ويريدون إمضاءه كيفما اتفق، خرجتُ من حالة الشعور وصرت في حال من اللاوعي بما يدور حولي، بعد أيّام من الحادث صرت كلّما مررتُ في الشارع ينتابني خوف مما قد يحصل، وحتى في الليل صرتُ أشاهد الحادث في منامي، ولكنّني في تلك اللحظة لم أعد أشعر بنفسي، كلّ ما أعرفه أنّ الحادث مرّ أمامي وكأنّه لقطة من فيلم سينمائيّ لا يمكن تصديقه، وكلّ شيء من حولي بدأ بالتسارع، وصار الناس يهرعون إلى مكان الحادث بعد جمود كسر أول رجل ركض إلى هناك.
عندما رأيت الناس يركضون استأذنتُ والدتي وركضتُ إلى مكان الحادث مع الناس، لقد كانت يدي تسبق قلبي في مثل هذه الأمور دائمًا، على الأقل هذا ما تعلمته من والديّ، ركضتُ بين الجموع حتى وصلتُ إلى مكان الحادث، لقد فادتني دورة الإسعافات الأوليّة والإنقاذ التي أجريتها في المستشفى مع رفاقي خلال العام الدراسي الماضي، وصلتُ إلى الشاب الأول ووجدتُه قد أغمي عليه والدماء تسيل من رأسه، فحصتُ تنفّسه فإذا هو على ما يرام إلى حد كبير، فالشاب -ولله الحمد- ما يزال على قيد الحياة.
حاول الناس إخراجه من السيارة فصرختُ بهم توقفوا ماذا تفعلون؟ هذا مُصاب ولا يجوز لغير المُسعفين أن يحملوه لأنّه إن حُمِلَ بطريقة خاطئة فقد تتدهور حالته الصحيّة، قال لي رجلٌ كبير: وماذا نفعل يا بني، هل نترك الشابين على هذا الحال؟ قلتُ له: لا، ولكن لنتصّل بالإسعاف كي يصل سريعًا ويسعفهم، فلديهم طاقم طبيّ ممتاز ويعرفون التصرف مع هذه الحالات، وفعلًا أخذ هاتفه المحمول واتصل بالإسعاف وما هي إلّا دقائق قليلة جدًّا حتى وصلت سيارتا إسعاف في كلّ واحدة منها عدد من المسعفين والأطبّاء.
أخرج المسعفون الشابين من السيارة وقد سمحوا لي بمساعدتهم وشرحتُ لهم ملابسات الحادث وكيف حصل وكيف كان وضع كلّ شابّ منهما، فأعجبَ الطبيب بأجوبتي وقال لي: أريد أن أراكَ بعد سنوات في كليّة الطب البشري لأنّ روح الأطبّاء تجري في عروقك أيّها الطبيب الصغير، هذا الكلام شجّعني أكثر وجعلني أهتمّ لاحقًا بالمواد العلمية كي أصبح طبيبًا ماهرًا ذات يوم، حمل الشباب المُسعفون الجريحَين ووضعوهما على سرير الإسعاف المتنقّل داخل السيارات، وانطلقوا إلى المستشفى ليبدأ الإسعاف الحقيقي والعناية بهما.
جاءت شرطة المرور وحملت السيارتين ونقلتهما إلى مكان آمن ريثما يتعافى الشابان لتبدأ بعدها الاستعلامات المرورية حول الحادث، وجمع المعلومات من أجل تأمين سلامتهما وسلامة المواطنين مستقبلًا، كان الحادث مروعًا، ولولا لطف الله تعالى وتقديره لكانت كارثة قد حصلت في هذا اليوم، كلّ ذلك يجري ووالدتي واقفة من بعيد تشاهد ما يحصل وتنتظرني لنعود إلى البيت؛ لأنّ الحادث كان ثقيلًا على أرواحنا ولن نستطيع المتابعة إلى السوق بعد المشهد الذي رأيناه معًا، بعد أن غادرت سيارات الإسعاف والمرور جاء رجل عجوز وامرأة تبيّنَ أنّهما والدا أحد الشابين، فكانا يسألان الناس عمّا حدث.
فجأة اقتربا منّي مع الرجل الذي أراد إنقاذ أحد الشباب ومنعتُه، قال الرجل مخاطبًا والد الشاب الجريح: اسأل الطبيب الصغير فهو أقدر واحد فينا على شرح حالة ابنك، ابتسمتُ وتقدّمتُ من الرجل العجوز وصافحته وقلت له: يا عم، اطمئن، إنّ حالة ابنك الصحية جيدة ومستقرة ولله الحمد، ولكن ربما سيكون هنالك بعض الكسور في بعض أجزاء جسمه، وقد عاينتُ حالته قبل مجيء الإسعاف والأطباء ووجدتُ حالته بخير، قال لي العجوز: وكيف عرفت ذلك؟ قلت له: لقد شاركتُ في دورة تدريبية للإسعافات الأولية في المستشفى، وهذا ما تعلمته، قال العجوز: لقد سرق السيارة مني وأنا نائم، ولكن أعدك أنّ ذلك لن يتكرر وسأعاقبه بعد أن يشفى.
الخاتمة: اطمأننت على سلامة الجميع
عدتُ إلى أمّي الواقفة بعيدًا وهي تنتظرني بعد أن اطمأننتُ على سلامة جميع الجرحى، وبعد أن طمأنتُ والد أحد المُصابَين، اعتذرتُ منها إن كنتُ قد تأخرت، ولكنّها أبدت إعجابها بي وعبّرت لي عن مدى فخرها بابنها الشجاع والناس تنظر إليه على أنّه طبيب صغير وتحترمه على المعلومات التي يعرفها، عُدنا أدراجنا إلى البيت لأنّ أمّي كانت خائفة عليّ بعد الحادث الذي رأته، صارت تدعو للشّابين أن يحفظهما الله لوالديهما، وأن يحميني وإخوتي من حوادث السير، ومنذ ذلك الوقت قررتُ أن أكون طبيبًا .
قد يكون مفيدًا لك قراءة مقال عن موضوع مشابه، وعليه ننصحك بمقال: تعبير عن حادث مؤلم تعرضت له .