تعبير كتابي عن بر الوالدين (لطلبة الابتدائي)
أحبّ والدَي
الأب والأم هما المدرسة التي يستكشف الطفل من خلالها الحياة، وهما الكنز الذي يملكه كل إنسان طوال حياته، لذلك علينا الإحسان لهما وإرضائها بكافة الوسائل والطّرق الممكنة، والابتعاد عن رفض أيّ طلب لهما مهما كان، ويجب أن نجعل هدفنا الأساسي الأول والأخير في الحياة هو الوصول إلى رضاهما مهما كلّفنا الأمر.
إنّ حُبّ والدَيّ ليس فقط محض كلام، ولكن لأنهما أحق بالرعاية والاهتمام، ولأنهما السبب الأساسي في وجودنا في هذه الحياة، وهما السبب وراء نجاحنا وتحقيق طموحاتنا، ولولا والدَينا لأصبحنا في ضياع وتخبّط في الحياة، فالأم والأب هما السند والاستقرار والأمان الأول والآخر لنا، فهم يعطوننا الحب دون مقابل، والحنان دون انتظار، والعطف دون تفكير، وعندما يبلغ الوالدين الكِبر فإنهما يكونان في أضعف حالاتهما.
لا يحتاجان منّا سوى الحب والعطف والحنان، وهو أبسط الحقوق التي يمكننا تقديمه لهما، أُحبّ والدَي ليس فقط من أجل التضحيات التي قدموها لنا منذ ولادتنا إلى يومنا هذا، ولكن لأن الله تعالى قدّم حبهما ورعايتهما والعطف عليهما على أيّ حبّ في العالم، وقد وصّانا سبحانه وتعالى ببرّ والدينا في كافة الأحوال والظروف ما استطعنا لذلك سبيلا، فقال سبحانه وتعالى في مُحكم كتابه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.
أُحبّ والدَي لأنهما السبب الرئيس في دخولنا الجنّة، ومن يقطع والديه ولا يصلهما ويعقّهما يرتكب معصية من المعاصي، بل كبيرة من الكبائر التي قد تكون سببًا في دخوله النار، ولا تقتصر ثمرات البرّ للوالدين على دخول الجنّة فقط، ولكن هناك عدد كبير من الفوائد الدنيويّة التي نجنيها من برّهما، إذ يفتح الله للبارّ بوالديه أبواب الرّزق والسعادة والتيسير والفلاح، ويُيسره الله تعالى في الدنيا والآخرة.
أُحب والديّ حبًا جمًا لا يعادله أيّ حبٌّ في الدنيا، فهما الفلاح والنجاح والصلاح، وهما طريق السعادة والخير الذي إذا زاغ الإنسان عنه سيودي به إلى المهالك والمصاعب، ودائمًا أسعى ويسعى الجميع لتحصيل رضا والديه للحصول على الأجر والثواب في الدنيا والآخرة.
كيف أبر والدَي؟
كيف أبرّ والدي؟ سؤال قد يخطر ببال الكثيرين من حولك، فبرّ الوالدين ليس بالأمر الصعب، بل هو أمر يستطيع القيام به كل الأشخاص الصغير قبل الكبير، فبرّ الوالدين هو معاملتهما بالمعروف ما استطعنا لذلك سبيلا، وهو أمر شرعي لا يمكننا التهاون فيه، ويمكننا برّهما من خلال طرّق كثيرة وعديدة لا حصر لها، وبإمكاننا جميعًا القيام بها بكل سهولة ويُسر.
من أهم طُرق البرّ هو القَوْل الكريم، مصداقًا لقوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}، والقول الكريم المقصود بالآية الكريمة، هو مخاطبتهما كما يخاطب العبد سيده، تذللًا واحترامًا لهما، وعدم رفع صوتك فوق صوتهما، بل اخفض صوتك في حضرة والديك، ومن المهمّ الابتعاد عن مخاطبتهما بأسلوب فظّ أو مقاطعتهما في الكلام، علينا معاملة والدَينا معاملة الصّاحب القريب الحبيب الذي نخشى على جرحه أو التلفّظ بأي شيء لا يحبّه من خلال اختيار أنسب الألفاظ وأحسن الطّرق أثناء مخاطبتهما، وسلوك مسلك الرّفق، والمنطق السليم، والأسلوب المهذّب في مخاطبتهما، ومخاطبتهما بكل احترام وتقدير وطاعة، والابتعاد عن القسوة والخروج عن دائرة الأدب، ومحاولة إقناعهما بالكلمة الطيّبة، والبسمة الودودة، والحجّة القويّة، والمنطق السليم، والأسلوب المهذّب.
كذلك من خلال إدخال السرور إلى قلبيهما، من خلال تفقّد أحوالهما بين الحين والآخر، وتقديم كل ما يحتاجانه من رعاية واهتمام، وتقديم كل ما يُدخل السرور على نفسهما مثل: مساعدة الأم عند حاجتها دون أن تطلب المساعدة، وتخفيف الألم عن الأب ومجالسته والتحدّث إليه وعدم تركه وحيدًا، وإدخال السرور إلى قلبه من خلال تبادل الحديث معه بالمواضيع التي يحبها وتجذبه.
تستطيع برّهما بأخذهما في نزهة خارج المنزل ولو كانت بسيطة، لتغيير الأجواء إذا كانا يشعران بالملل، ومن البرّ أيضًا الابتعاد عن التلفّظ بكلمة "أُف" لهما قال تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}، فكلمة أُف على الرّغم من أنها كلمة صغيرة تتكوّن من حرفين، إلا أنّها من الكلمات التي تترك أثرًا سيئًا في نفس الوالدين، لذلك نهانا الله تعالى عن التلفّظ بهذه الكلمة بوجه والدينا حتى لا نقع بالإثم، ومن البرّ أيضًا برّهما بعد موتهما، ومن أعظم أنواع البرّ هو برّك لوالديك بعد وفاتهما ، ويكون برّ الوالدين بعد وفاتهما عن طريق الإكثار من الدّعاء لهما والتصدّق عنهما، والقيام بالأعمال الصالحة والعبادات من صيام وحج وصدقة وإهدائها لروح والدينا.
يكون البرّ أيضًا من خلال برّ أصدقائهما المقرّبين وزيارتهم والتودد لهم، ففي الحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن عمر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَبَرُّ البِرِّ أنْ يَصِلَ الرَّجُلُ وُدَّ أبِيهِ"، ومن البرّ الإنفاق عليهما، إذا كانا محتاجين للنفقة، لا يملكان النقود، فالنفقة على الوالدين هي حق من أهم حقوقهما، ومن الأفضل تقديم والديك على نفسك في المأكل والمشرب والملبس والكلام، وعدم التقدّم عليهما في أي شيء مما ذُكِر، والدّعاء لهما في السرّاء والضرّاء، والطلب من الله تعالى أن يرزقهما ويُصلح حالهما، يجب كذلك العناية بهما عند الكِبر، فعندما يشيخ الوالدين فإنهما يكونان بأمس الحاجة للرعاية والوقوف إلى جانبهما والبقاء معهما لأطول وقت ممكن، وهنا يظهر مدى برّك وحبّك لوالديك عند كبرهما وحاجتهما لرعايتك وعنايتك.
برّنا لوالدينا لا يقتصر على برّهما في حياتهما، بل يتعدّاه إلى البرّ بعد الموت، نحن جميعًا مكلّفون بهذا البرّ الصغير قبل الكبير، ولا تستصغر أيّ ذنب أو خطأ منك أو كلمة جارحة تجاه والديك، لأن ذلك سيودي بك إلى المهالك، واختر ألفاظًا منمّقة ومرتبة عد حديثك مع والديك حتى لا تجرح مشاعرهما.
ثمرات بري لوالدَي
ثمرات برّ الوالدين كثيرة وعديدة ولا يمكننا حصرها، فهي ثمار تجنيها في الدنيا قبل الآخرة، وفي حياتك قبل مماتك، فلا تستهن بأهميّة برّ الوالدين وأجرهما وثوابهما العظيم الذي قد يُدخلك الجنّة ويُبعدك عن النار، ويغفر لك من ذنوبك ومعاصيك، فقط برّ والديك في السرّاء والضراء وسترى الخير الكثير والعمر المديد.
أما أهم الثمرات التي ستجنيها من برّك لوالديك هي: رضا الله سبحانه وتعالى، فرضا الله تعالى من رضا الوالدين وسخطه وغضبه من سخطهما وغضبهما، ومن الثمرات إزالة العقبات والعوائق التي كانت تقف في طريق تقدّمّك ونجاحك، وتفريج الكُربات عند الشدائد، فببرّك لوالديك سيُزال كل صعب أمامك، وستكون طريق خالية من المتاعب والهموم والشكوى، وستجد راحة قلبيّة ونفسيّة لا مثيل لها، وبرّ الوالدين سبب في تكفير الكبائر والذنوب التي قد تقع بها إذا تبت لربّك توبتًا نصوح، ومن الثمرات أيضًا برّ أبنائك لك في المستقبل، فكما كنت بارًا بوالديك في حياتك، سيرزقك الله سبحانه وتعالى ببرّ أبنائك لك، والعكس صحيح فإذا كنت عاقًا بوالديك سيُعاقبك الله تعالى على ذلك بأبناء عاقّين لك، فلا تستهين بأمر العقوق فإنت قد تورّثه لأبنائك.
من ثمرات برّك بوالديك وإعطائهما الحقوق أيضًا إطالة عمرك وزيادة رزقك، فالبرّ سبب رئيس في إطالة عمر الإنسان، وزيادة رزقه وماله وولده، وفتح أبواب الرّزق أمامه، والبارّ بوالديه هو كالمجاهد والحاج والمعتمر في سبيل الله، فمرتبة البارّ بمرتبة هؤلاء جميعًا، وهو أيضًا برفقة الأنبياء والصدّيقين والشهداء، والبارّ بوالديه مُجاب الدّعوة بإذن الله تعالى، ويرفع الله تعالى للبارّين بوالديهم من درجاتهم في الحياة الدنيا والآخرة، فهل بعد ذلك جزاء؟
وعد وهدية إلى والدَيّ
قد يجف الحبر من القلم عندما أريد أن أتحدّث عن والدَي، كيف لا وهما الشجرتان اليانعتان المثمرتان الطّيّبتان، كيف لي أن أكون شاكرًا لفضل إنسانين عاشا من أجلي وربما ماتا من أجلي أيضًا، كيف للكلمات ألاّ تخجل وهي تتحدّث عنهما، كيف ولو أن الحروف جميعها اصطفت جنب بعضها وعزمت على شكرهما ستحتار أي الحروف تختار، وهل أكتفي بالشكر بالأقوال، أو لا بد من الأفعال التي تبرهن على صدق ما استقرّ في القلب واللسان في مثل هذا الحال؟
كيف للكلمات ألا تخجل في مواجهة ذلك الأب الذي تشهد تجاعيد وجهه على ما عاناه من ظلم وقهر وقسوة حتى أحصل على حياة كريمة خالية من المتاعب والهموم، ولا أنسى يا أمي خوفكِ علينا في ليالي الشتاء عندما كنّا نتأخر عن المنزل، أتراني أنسى وقفتكِ على الباب، أم أنسى دموعك التي تأبى النزول على وجنتيك فور رؤيتكِ لي قادمًا من بعيد، فتخفين مشاعر الفرح بقدومنا، وتحاولين العبوس أمامنا لنُحاسب على ما فعلنا، أجزم أنني لا أفيكم حقكم مهما فعلت، فهيهات أن تستطيع الكلمات شكر عمرٍ مضى.
ها أنا الآن أترك حقائبي اليوم عند أقدامكما يا أبي ويا أمي لأعلن في محراب عينيكما عشقي وطاعتي وهيامي، وأمسك خيوط نفس لتكون بين يديكما، ولدًا بارًا لا يجازيكم على إحسانكم، ولكن يحاول ويتمنّى أن تتفضلا عليه بنظرةٍ من البرّ والرّضا والعطف، فحياتي بدونكما صحراء قاحلة ليس فيها أي حياة، أشكركما على عمركما الذي مضي من أجلي، أعدكما أن أكون ذلك الابن البارّ بكما، الذي لا تغيّره الظروف والأحوال مهما عصفت به، يقول عمر اليافي:
من برّ والده وأمَّهْ
- فاقصده مختارًا وأُمَّهْ
واغنم فضائله فذلك
- وحده في الدهر أُمَّهْ
كم جرّ برّ الوالدين
- فوائدًا للمرء جمّه
منها رضا الله الّذي
- يكفي الفتى ما قد أهمّه
وأخو العقوق كميّتٍ
- قد صار في الأحياء رمّه
والكلب أحسن حالةً
- منه وأحفظ منه ذمّه
وكفاه أنّ الله في ال
- قرآن وبخّه وذمّه
لقراءة نموذج آخر لموضوع تعبير عن الوالدين، انقر هنا: موضوع قصير عن برّ الوالدَين .