تعبير عن عيد الاستقلال الجزائري
عيد الاستقلال تجديد للحب والولاء الجزائري
يُمثّل عيد الاستقلال رمزًا عظيمًا لدى الشعب الجزائري، وتجديدًا مستمرًا لحبّهم وولائهم لهذا البلد العريق، فبعد احتلال الاستعمار الفرنسي لخيرات البلاد وحريَّة الأفراد على مدى أكثر من مئةٍ وثلاثين عامًا متتالية، يسعون فسادًا بهذه الأرض.
استطاع الشعب القوي الجبار صاحب العزيمة والإرادة أن يتخلص من الاحتلال ويخرج من تحت سيطرة وسلطة الفرنسيين، وينال الحرية والاستقلال؛ لهذا فإنَّ العيد الخاص بهذا اليوم يُعدُّ عيدًا وطنيًا وقوميًا شديد الأهمية.
استقلال الجزائر نقطة الانطلاق
ينبغي لنا أن نعلم أيّ بلد تقع تحت يد الاحتلال أنها بعد التخلص منه تحتاج إلى وقت طويل وجهدٍ كبيرٍ للتخلص من آثار هذا الاحتلال الذي يُحاول تحويلها إلى مكانٍ يخدم مصالحه الشخصية وحسب، وحاجتها الكبيرة لطاقة شعبها وإرادته لإعادة بنائها على جميع الأصعدة والنهوض بها مجددًا من البداية.
كان استقلال الجزائر نقطة الانطلاق لإنجازاتٍ عديدةٍ قام بها شعبها، ولنفض غبار رغبات الفرنسيين الذين احتلوها واستنزفوا خيراتها، وتحويلها من بلدٍ منهارة اقتصاديًا إلى بلدٍ تتمتع باقتصادٍ قويٍ ومتين، خاصةً بعد الأعداد الهائلة التي قدمتها من الشهداء في الثورة التي استمرت عقودًا من الزمن من أجل الحصول على الاستقلال وإخراج الاحتلال من هذه الأراضي.
يجب أن تعلموا عن بطولات الشعب الجزائري، فقد أسرع هذا الشعب لوضع الخطط ورسم الخطوط العريضة التي يُريد العمل عليها من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني دون الحاجة إلى تدخل البلاد الأجنبية؛ لأنّهم يُريدون لبلادهم أن تكون مستقلة بعد أن حرّروها وضحّوا بأرواحٍ لا تُحصى من أجل تحقيق ذلك، ولا يُريدون أن تكون تحت سلطة أيّة دولة أُخرى ولا أن يُقدّم العون والمساعدة لهم من الأيدي الخارجية.
كان على الشعب العمل بأنفسهم مهما كلفهم الأمر، والإرادة القوية لديهم كانت كافية ليُقدّموا أعظم الإنجازات، فعملوا بجدٍ وجهدٍ كبيرين إلى أن وصل الاقتصاد الجزائري إلى مرحلةٍ مهمة وهي مرحلة الإصلاح، فقد كانت الجزائر بحاجة لإصلاحٍ اقتصاديٍ بعد الاحتلال الطويل ليتمكن مواطنوها من الوقوف على أقدامهم من جديد، وبهذا حققوا الكثير من النتائج الإيجابية وبدؤوا البناء.
ازدادت الحاجة إلى اليد العاملة، وبالتالي انخفضت نسبة البطالة عندما وجدَ الأشخاص العاطلون عن العمل ما يُمكنهم العمل فيه وكسب قوت يومهم منه، ليعود ذلك بالنفع على الأفراد والمجتمع، فتحسن وضع كل عامل حين استطاع الحصول على المال والمتطلبات التي يحتاجها، وتمكنوا من بناء مجتمعهم وتطويره.
إذا ما علمنا أنّ الجانب الاقتصادي من أهم الجوانب التي تنهض بالبلاد وتجعلها أقوى، فإنّه لا جرم أن نعلم أنّ الجزائر في هذا الإطار أنشأت المصانع وبنت الشركات بعد الثورة الصناعية، فشهدت فرص العمل ارتفاعًا لا يُستهان به، وتوفرت الكثير من فرص العمل في مجالات أخرى.
من الناحية الصحية فقد أخذت الأمور بالتحسن، فأُنشئت المراكز الصحية وقامت الدولة بالتكفل بالعلاج المجاني للأطفال، وتكفّلت بعلاج بعض الأوبئة والأمراض بشكل كامل، كان هذا الأمر بالغ الأهمية بالنسبة لشعبٍ قد خرج من تحت يد الاحتلال لساعته ولا يستطيع دفع تكاليف العلاج؛ إذ كان الوضع المادي لعامة الشعب في البداية بالغ السوء، وبالنسبة للتعليم العلمي فقد تضاعفت أعداد الطلاب في الجامعات في الطب والصيدلة.
كذلك عملت الحكومة بعد الاستقلال على زيادة المدارس والاهتمام بالتعليم ؛ فقد كان الوضع التعليمي سيئًا للغاية وكان لا بُد من بذل الكثير من الجهود في هذا الموضع، وقد شهد التعليم بعدها تطورًا ملحوظًا من خلال زيادة أعداد الطلاب المستفيدين والطالبات المستفيدات في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، وفي الجامعات أيضًا التي شهدت ارتفاعًا في الأعداد.
على الرغم من ارتفاع أعداد السكان، فقد بقي لكل طفل الحق في دخول المدرسة وحصوله على التعليم، كما قامت الجزائر بحملةٍ لمحو الأمية بعد الاستقلال بعدة سنوات وتعليم اللغة العربية لمن لم يحظَ من الأطفال والنساء والشيوخ بفرصة التعليم، وكانت حملةً كبيرةً شملت الأحياء والمساجد والمحلات التجارية.
لقد فرحتُ عندما علمت أنّ الحكومة قد عملت على سياسة التعريب بعد أن فرض الاحتلال الفرنسي اللغة الفرنسية في الجزائر في مختلف المجالات، لم يكن الأمر سهلًا بعد كل ذلك الوقت الطويل الذي قضاه العدو في البلاد الحبيبة يحاول نشر ثقافته ومفاهيمه ولغته لإلغاء الهوية العربية، وإلغاء الانتماء الوطني لأهل البلد المُحتلة، والسيطرة على البلد من كل الجهات.
عندها كان لا بُد من العمل على إعادة إحياء اللغة الأصلية، وهي اللغة العربية، للتخلص من أيّ أثر للاحتلال ولاستعادة الهُوية الجزائرية والحفاظ على ثقافة هذا البلد العظيم وتراثه، وقد أنشئت المسارح في عدة أماكن، فوجدت الجزائر نفسها أمام مسرحٍ احترافيٍ، وبات الاهتمام بالسينما التي تلعب دورًا كبيرًا في رفع مستوى الثقافة عند المواطنين أحد الإنجازات التي حدثت بعد الاستقلال.
بُنِيت المكتبات كذلك في مختلف أنحاء الجزائر، وبُذلت جهودًا كبيرةً لتشجيع النشر والتأليف، وبناءً على هذا وبعد الانهيار من عدة جوانب وبعد كل الخسارات التي قد تعرضت لها الجزائر، وبعد أعدادٍ هائلةٍ من الأرواح التي خسرتها في سبيل التخلص من سطوة الاحتلال إلّا أنَّ هذا الشعب العظيم كان أقوى من كل الظروف، وتغلّبَ على الصعاب، وجعل من استقلاله الذي حصل عليه نقطة انطلاق للتطور.
عيد الاستقلال عيد الفرحة والاحتفال
ختامًا، إنّ عيد الاستقلال في الجزائر هو الفرحة التي ينتظرها شعب الجزائر كل عام، تذكره بانتصاره على الاحتلال الذي سعى جاهدًا لتخريب بلاده العزيزة وتسييرها وفقًا لمصالحه، وأنَّه قدم الكثير في سبيل هذا الانتصار العظيم.
حصل الشعب على الاستقلال بالصبر والإرادة والإيمان بالحرية والإصرار على إخراج المحتل من أراضي هذا البلد العريق، فإنّه يوم الاحتفال بالنصر الكبير الذي سيذكره التاريخ على مر العصور ولن ينساه الزمان، ولن ينسى الشعب الصبور أنّه حصل على حقه في العيش حرًا في بلاده.