تعبير عن المعلم
المعلم رائد الدور التربوي والتعليمي
العلم أساس بناء الحضارات، به تُبنى البلاد وينضج العباد، وعليه فإنّ التعليم مجال أساسي، يجب أن تُوليه الدولة اهتمامها وتُنفق عليه الأموال، فالمعلّم أساس العملية التربويّة وقائدها، فهو الذي يُديرها ويُنظّمها، ويجعلها فعالةً بعطائه الدائم ومعرفته الواسعة وخبرته المتنامية، فهو بمثابة القبطان الذي سيرسو بالسفينة إلى برّ الأمان؛ العلم الحقّ، فالمعرفة أمان ونجاة، والجهل خوف وطريق نحو الانحدار.
المعلم حامل راية نهضة الفرد والمجتمع
من منّا لم يُصادف معلمًا ملهمًا في مسيرته الدّراسيّة، ذاك المعلّم الذي يُعلّمنا الخطو لتجاوز العقبات وصولًا إلى أهدافنا، هو ذاك الذي يفتح أعيننا الصغيرة على الآفاق، فنرى ما لم نكن نرى، ونُلاحظ ما لم نلحظه سابقًا، فنعرف أنفسنا أكثر، ونُميّز مهاراتنا ورغباتنا، وكأنّ ذاك المعلّم يفتح أعيننا أمام مرآة لنرى أنفسنا، بكل ما نُملكه من قدرات ومواهب وإمكانيّات.
المعلم هو قدوة لأبنائه الطلبة، وواجبه اتجاههم يكون بتقديم الرسالة التعليمية على أكمل وجه بأمانة وإخلاص، ومن أهم صفات المعلم الناجح : التواضع، الأخلاق الحسنة، التعاون مع الطلبة، الثقة بالنفس وغيرها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مُعلِّمُ الخيرِ يستغفرُ لَهُ كلُّ شيءٍ حتَّى الحيتانُ في البحرِ".
طوّر المعلّم كثيرًا من أساليبه وأدواته، فلم يعد ملقنًا في الغرفة الصفيّة يُكرّر ما يقول الكتاب، بل تحوّل إلى ميسّر للعملية التعليمية ومشرفًا عليها، فعلى الطالب أن يبحث عن موضوع الدرس ويُحضّر، بل ويُقدّم في بعض الأحيان، وعلى المعلّم أن يُعطي اللمحة ويُمهّد ويلقي بطرف الخيط، ويستخدم أثناء ذلك أساليب متعددة، مثل: الأسئلة والأجوبة والمجموعات والمسابقات.
كما أنّ المعلّم الحقّ يُراعي الفروق الفردية بين الطلّاب، فيُعزّز ذوي المواهب المتميّزة، ويُساعد ذوي التحصيل الضعيف كي ينجحوا، فلا يكون همّ المعلّم علامات الطلّاب بقدر اهتمامه بفهمهم المعلومة فهمًا سليمًا وهضمها هضمًا يمكّنهم من استخدامها والتعامل معها بسلاسة، فلا يُرهبهم من الامتحانات ولا يُهدّدهم بالعلامات، فتصبح العلامة شغلهم الشاغل والامتحان همّهم الأكبر فقط.
أثر المعلم الطيب ممتد لكافة الأجيال
إن مهنة التعليم يصعب أن تختفي، لكن قد يتغير دور المعلم ومهامه، وذلك بزيادة العبء عليه بالتعامل مع التكنولوجيا والوسائط المتعدّدة، إضافةً إلى تطوير المناهج باستمرار من حيث المحتوى، وطريقة العرض، ومهما يكن من تغير في هذا الوظيفة عبر الزّمن، إلا أنّه لا يختلف عاقلان على الدور الكبير الذي لعبه المعلم ويلعبه وسيلعبه في تطوّر المجتمعات وبناء الحضارات وتنشئة الأجيال.
المعلّم أساس للعمليّة التعليمية، على الرغم من التطور، وهو يُواجه الكثير من العقبات لا سيما في مناطق الكوارث الطبيعية والحروب والمناطق النائية، حيث شحّ الموارد، ومحدّدات البيئة الطبيعية والظروف، وفي الأحوال العاديّة تُعدّ مواكبة كلّ ما هو حديث وتسخيره لخدمة التعليم وتوظيفه كوسيلة أو أداة تعليمية تحديًا كبيرًا أمام المعلّم، فكل يوم يوجد ما هو جديد، الأمر الذي يستلزم تغيير المناهج، وتطوير الأدوات.
إن وظيفة المعلم من أقدم المهن الإنسانيّة، فكان التلامذة يُوقرون شيوخهم، وأبناء المجتمع يُوقّرون علماءهم، فهُم حملة الرسالات، لذلك يقول الشاعر أحمد شوقي :
قم للمعلم وفّه التبجيلا
- كاد المعلّم أن يكون رسولا
الأنبياء معلّمون ملهمون نقلوا رسالة السماوات إلى أهل الأرض ليُحرّروهم من ظلمات الجهل، وينقلوهم إلى نور المعرفة الأسمى؛ معرفة الخالق، وعليه فالمعلّم مقدّر ومحترم أينما حلّ، وقد كان أهل الخاصّة من الملوك والحكّام يتميّزون عن العامّة بتعيين أهمّ العلماء والشيوخ لتعليم أبنائهم، لكي ينشؤوا قادة بلاد على قدر من العلم والمعرفة.
المعلم صاحب الفضل الكبير
في الختام، المعلّم ليس مجرد ناقل للمعرفة، فهو بمثابة المربّي أيضًا؛ لأنّه يُوجه طلّابه نحو السلوك الحسن و القيم الأخلاقية العظيمة ، وذلك بهدف تمثّل الطلاب لهذه الأخلاق في حياتهم العملية وفي كل مكان، سواء كان في البيت أو المدرسة، فالعلم الحقيقي يهّب النّفس فتدنو من هموم الناس ولا تتعالى، فمن تواضع بعلمه رفعه الله.