تعبير عن المدينة
المقدمة: المدينة خواء المزدحم
بين القرية والمدينة، بين الحياة البسيطة ببساطة أهلها، والحياة المزدحمة بكلّ ما فيها من مسؤوليات، هنا يكمن الفرق بين المدينة والقرية ، فتشكل المدينة بؤرة ازدحام؛ لاشتمالها على عدد كبير من السكان الذين ترتبط حياتهم بمتطلبات هذه المدينة، فبين حين وآخر تجدهم يملؤون الأسواق والأرصفة، وأصوات سياراتهم تضجّ في المدينة كلها.
هذه هي المدينة: سكان كثر يحدثون ضجة بحجم نشاطهم في المدينة، وواقع عمل نشط، يجعل من المدينة أكثر إنتاجًا، وعدد سيارات يكاد يوازي عدد سكان أهل المدينة، هذا كلّه يجعل منها مصدر ازدحام.
العرض: المدينة صخب التجارب
تعد المدينة واحدة من أهم مراكز الدولة، ممّا جعلها مكانًا جاذبًا للعمل والتعليم وتوافر الخدمات، التي يحتاجها كل مواطن؛ ليحقّق من خلالها ما يطمح إليه من رغد العيش، واعتبار المدينة مكان جذب للمواطن.
ذلك يتيح لها أن تكون بيئة صالحة لتبادل الخبرات بين سكانيها، مما يجعلها تتقدم في شتى المجالات وتكسب سكانها خبرات عدة: علمية وعملية وحياتية أيضًا، وباختلاف خبراتهم تصبح المدينة حقلًا زاخرًا بالتجارب الإنسانية المتعددة، وهذا يجعل المواطن يقبل عليها طمعًا بالقدْر الكبير من التجارب، وليتيح لنفسه أن يدلو بدلوه ليسجّل تجارب جديدة ويجعله يتأثر فيؤثر بكل من حوله.
إذن في فوضى المدينة تولد التجارب، فكلّ واحد يقطن فيها، باختلاف مستواه: الديني والثقافي والاجتماعي والسياسي، يحمل في جعبته كمًا هائلًا من التجارب الحيّة التي يستطيع من خلالها حسن التصرف في أي موقف قد يصادفه.
وبحكم طبيعة المدينة كونها تشتمل على عدد كبير من السكان تجعل من المواطن أكثر عرضة للمواقف المختلفة، التي تكسبه تجربة جديدة يضيفها إلى ثقافته المعرفية؛ ليستفيد بها من حوله مقابل أي موقف مشابه، مثل: نصيحة يمكن أن يؤخذ بها؛ لأن صاحبها عاش تجربتها ونتيجتها بكل تفاصيلها لذلك يدرك أهمية سماعها والعمل بها.
وهذه سمة إيجابية تسجّل للمدينة على ما يشوبها من ضوضاء وازدحام وتلوث وغيرها، وتعتبر المدينة مركز مهم في الدولة، إذ تتوفر فيها: المدارس والجامعات والمصانع والأسواق والأماكن الترفيهية والعديد من فرص العمل المناسبة، كما تضم المدينة عدة مجالات منها: الصحة، والتعليم والاقتصاد، هذه المقومات التي لا بد من توافرها في الدولة؛ حتى تستطيع النهوض بنفسها والتقدم بها.
لولا المدينة بصفتها مكان جذب للمواطن، لما أسهمت في إتاحة الفرصة له من تقديم ما عنده من خبرات، التي من شأنها أن تساعد في رفعة الوطن والمواطن على حدّ سواء، ويتيح للوطن أن يكون في صفوف الدول المتقدمة في شتى حقول الحياة. حتى إن المواطن في المدينة يسعى دائما إلى التقدم في العلم والثقافة، بل التقدم بنفسه، وكسب خبرات جديدة تؤهله أنْ يكون شخصًا متقدمًا وفاعلًا في وطنه وأمته.
مما يجعل المدينة بؤرة لهذه التجارب أن من خصائصها وجود أهمية لكل مكان في المدينة منفصلة عن غيرها ، فالمدارس باختلاف مواقعها سواء أكانت حكومية أمْ خاصة، تسهّل على ساكني المدينة توفير فرص التعليم لأبنائهم دون أي عناء يذكر، وبمستوى يطمح إليه.
أما الأسواق فتكمن أهميتها في توفير حاجات سكان المدينة من كل شيء سواء: الملابس أو الطعام بمختلف الأنواع، إضافة إلى خدمات أخرى ممكن أن تقدمها الأسواق، مثل: مراكز التجميل مثلا وأماكن محدودة للعب الأطفال، كذلك الأمر فيما يتعلق في مجال الصحة، الذي يعنى بتوافر المراكز الصحية العديدة في أماكن متعددة ومختلفة في المدينة: سواء الحكومية أو الخاصة والمستشفيات أيضا بنوعيها.
أما وسائل النقل، فلا تقلّ أهمية عن باقي المجالات المتوفرة في المدينة، فخصائص المدينة تمتاز بسهولة توفر وسائل المواصلات العامة والخاصة على عكس الريف ؛ وهذا يعود لكثرة ساكنيها مما يجعل الهيئات المختصّة تعكف بمختلف إمكاناتها لتوفير وسائل المواصلات، التي تجعل التنقل بين مناطق المدينة أكثر سهولة ويسرًا.
وجود هذه الكثرة الكاثرة من الخدمات لا يغني عن وجود أماكن ترفيهية من شأنها الترويح عن النفس بعد كل ضغوطات الحياة التي يمر بها ساكن المدينة، وبتوفّر هذه المجالات والإمكانات التي تتمتع بها المدينة، يجعل من بناء العلاقات الاجتماعية أمرًا سهلًا وميسرًا، فمن البديهي أنّ تعدّد الأماكن وتنوّعها ينعش العلاقات الشخصية، فنجد صديق العمل والطفولة و المدرسة. هذه العلاقات جميعها تتأثر بالازدحام.
فهذه الأماكن المختلفة بكثرتها من شأنها، خلق تجارب جديدة تعطي الفرد خبرة عملية كافية للتأقلم في واقع المدينة الحيوي، وممّا سبق يتضح لمن يعايش أجواء المدينة باختلافاتها، أنها منبع للثقافات والخبرات المتعدّدة التي تجعل من الفرد الذي يقطنها أكثر نضوجًا من غيره.
فمن المعروف أن الإنسان المنفتح على غيره يكون أكثر تحضرًا ومواكبة للحياة عن سواه، فإذا اجتمعت الثقافات والخبرات في مكان واحد، كان لا بد من امتزاج بعضها بعضًا مكونة ما يعرف بازدحام الثقافات والخبرات، منتجة ثقافات وخبرات جديدة تناسب المكان الجديد والحياة الجديدة، وهذا أمر يلوح في أفق المدينة التي تعتبر منارة تحضّر في شتى المجالات والخبرات والتي تعدّ دافعًا لكل مواطن.
الخاتمة: المدينة جامعة المختلف
ختاما: تعدّ المدينة جامعة للمختلف؛ إذ تحتضن في طياتها مجموعة من الأضداد التي لولاها لما كانت المدينة مكانا تزدحم فيه بالخبرات. فكل فرد يحمل معه ثقافة مختلفة، وتجربة جديدة تعكس بيئته و ثقافته ومعتقده وغيرها.
هي أيضًا مكان تجتمع فيه الطبقات الثلاثة: الغنيّة والمتوسطة والفقيرة، وتضمّ أيضًا: العمالة الوافدة التي تجعل من المدينة مزيجا رائعا من الناس، تجعلهم يتبادلون ثقافاتهم وخبراتهم مشكّلة ما يعرف: بالتحضّر أو الحضارة، ومشكّلة فرقا واضحًا وبيّنا بين الثقافة والجهل الذي يقود بصاحبه إلى القاع.