تعبير عن الأمل والتفاؤل
كيف يكون الأمل والتفاؤل سمة المؤمنين؟
يعيش الإنسان في هذه الحياة وتتراوح أيامه بين عسر ويسر وبين شدة ورخاء، تارة يكون مرتاحًا هادئ البال مطمئنًا، وتارة تمر عليه أيام وليالٍ عسيرة تجعله متوترًا هائمًا في غياهب الحزن والأسى، وما ذلك إلا لأن علة وجود الإنسان في الحياة هي الابتلاء لا السعادة والرخاء، ولكن الله تعالى لم يترك عباده هكذا دون حل يساعدهم في تخطي هذه الابتلاءات والأيام العسيرة والظروف القاسية التي يكابدونها، فكان الحل باليقين و الصبر والإيمان، وما تؤدي إليه هذه الأمور من أمل وتفاؤل بما هو قادم، ويقين بأن كل ما يحصل فيه خير.
كثيرًا ما يكون الخير كامنًا في الشر لكن الإنسان لا يعلم، ولذلك كل ما يمكنه فعله هو أن يتحلى بالصبر والإيمان واليقين بأن كل ما يحصل فيه خير ومسرة وإن لم تكن ظاهرة للعين، وهذا يجلب التفاؤل والأمل بالحياة، فإن الأمل والتفاؤل في حياة الإنسان المؤمن يكون من خلال توقع الأفضل دائمًا وإحسان الظن بالله تعالى، لأن الله عند ظن العبد به، ويكون التفاؤل من سمات المؤمن إذا ما تعامل مع كل الأمور بإيجابية وموضوعية ونظرة متفائلة آملة بأن الخير قادم لا محالة، وكثيرًا ما يُقال: تفاءلوا بالخير تجدوه، وذلك لأن النفس الباطنة قادرة على توجيه التفكير إما في طريق الأمل التفاؤل أو اليأس والتشاؤم.
أعظم ما في تفاؤل المؤمن أنه دائمًا ما يحتسب أمره عند الله تعالى، فإذا أصابه أمر جيد وفيه خير فرح واستبشر وشكر ربه على ما أنعم عليه وفضّله على غيره، وإذا حلت به نازلة أو وقع في مصيبة أو تعسرت بعض أموره لم ييأس ولم يقنط من رحمة الله، إنما يصبر ويحتسب أمره عند الله، وهو يؤمن يقينًا أن ما أصابه فيه خير له في دينه ودنياه وآخرته، وهذا السلوك هو الذي يعزز سمة الأمل والتفاؤل لدى الإنسان المؤمن.
كيف نعزز نمط حياة إيجابي بالأمل والتفاؤل؟
إن الإنسان هو المسؤول عن حياته وكيفية قضاء أيامها وليالها، فإما أن تكون ليالٍ يملؤها التعب والهم والأسى والتفكير المرهق الخائف من الغد، أو أن تكون حياة بسيطة راضية قانعة متفائلة بالمستقبل الأفضل، وهذا له أثر كبير على الإنسان وعلى المحيطين به أيضًا من النواحي النفسية والجسدية والفكريّة والعمليّة، فالأمل والتفاؤل هما اللذان يجعلان نمط الحياة إيجابيًّا حالمًا، ويجعلان صاحبه في قوة وحماس وهمة لا تفتر، وعزيمة كالسيل لا تنضب، يسعى دائمًا للأفضل وللتطور والتغير ومواكبة كل ما هو جديد، لكن هذا النمط ورسمه لا يأتي دون عمل وتفكير وتخطيط.
إنّ زراعة الأمل والتفاؤل في النفس البشرية يقع عاتقه على الإنسان نفسه أولًا، فإذا ما جاهد نفسه وابتعد عن كل تفكير سلبي، وصار يرى النصف المملوء من الكأس فإن هذا لا محالة سيساعد في رسم حياة إيجابية متفائلة، ثم يأتي دور الأثر الإيجابي في الآخرين، فكما أن المتشائم يعطي من حوله طاقة سلبية وجوًّا كئيبًا حزينًا، فإن المتفائل أيضًا قادر على نشر الطاقة الإيجابية، وتعزيز روح التفاؤل و السعادة في نفوس المحيطين به، وذلك من خلال أوجه عدة وطرق مختلفة يمكن اتباعها حسب البيئة والجو الاجتماعي.
إنّ التذكير بالنعم التي يعيشها الناس ويتمتعون بها يزيد من تركيزهم على ما ينعمون به من خير ، ويقلص دائرة الشر والتعب والحزن، إضافة إلى الكلمات المفرحة والإيجابية والتي تساعد في تسليط الضوء على كل ما هو مفرح وفيه أمل وخير للمستقبل يؤدي إلى رسم حياة اجتماعية إيجابية ومتفائلة، ولا يمكن إنكار أثر الكلمة في تغيير الكثير من الأفكار والقناعات إذا ما اختيرت في موضعها المناسب ووقتها المناسب وقيلت للشخص المناسب، وهنا تأتي الحكمة والوعي الاجتماعي والتواصلي مع المجتمع المحيط.
مساندة المتعب والبائس أمر ضروري في الحياة الاجتماعية، إذ لا يمكن تركه وحيدًا حتى ينسى همه، بل من المهم بمكان الوقوف إلى جانبه، ومحاولة محادثته بما يفرحه وينسيه تعبه وهمه ويريه الجانب المضيء من الحياة، فيسلو عن كآبته، ويدرك حقيقة الحياة وأن فيها الأبيض وفيها الأسود، ولن تظهر قيمة أحدهما دون وجود الآخر.
هل الأمل والتفاؤل يجلب المسرات؟
من وصايا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- للمؤمنين ألا يغضبوا، ولم يوصِ الدين الإسلامي بأمر أو ينهى عن آخر إلا لما فيه خير للبشر عامة وللمؤمنين خاصة، ولما كان للغضب ما له من توابع مؤذية للإنسان وللمحيطين به من نواحيَ نفسية واجتماعية وأخلاقية وجسدية فقد نهى عنه الدين الإسلامي، ولا بد من البحث عن كل ما يخفف الغضب ويلغيه من حياة الإنسان، وإحدى الوسائل هي الأمل والتفاؤل بما هو قادم، فتدريب النفس على التفكير بإيجابية يساعد كثيرًا، لا سيما عندما يقع الإنسان في مأزق، فإذا كانت نفسه معتادة على التفكير الإبجابي فإنه سيبتعد عن الغضب، وسيأخذه التفكير مباشرة إلى النواحي الإيجابية من كل ما يحصل معه، وهذا بالضرورة سيجلب المسرة والسعادة لقلبه.
اليقين بأن كل وقت يمر به الإنسان سيمضي، وأنه لا سعادة تستمر ولا حزن يدوم يساعده كثيرًا في تعزيز روح التفاؤل وبث الأمل في عقله وقلبه وتفكيره، وبالتالي سيكون مملوءًا بالمسرة والسعادة، بعيدًا عن الخوف من المستقبل والذعر من كل تغيير يحصل من حوله، وبالمقابل فإنّ هذا الإنسان نفسه ما إن ينشر هذه الروح المتفائلة والكلمة المملوءة أملًا بما هو قادم، وينجح في هذه المهمة حتى تزداد سعادته أضعافًا مضاعفة لأنه تمكن من إدخال السرور إلى قلب من حوله وبث الروح الإيجابية في المحيط الذي يعيش فيه.
كثيرة هي الطموحات والأحلام والمخططات المستقبلية، إلا أن فشلها وعدم تحققها لا يعني إطلاقًا أن الدنيا قد انتهت، وأن الإنسان سينكفئ على نفسه حزينًا كئيبًا حتى تقوم الساعة، إنما على العكس يجب أن يكون هذا دافعًا لحياة أفضل وطموح أكبر وأمل أعظم، بمجرد أن تُغرس هذه الأفكار في النفس والعقل سينقلب المسار وتتغير وجهة النظر، ويصبح للإنسان ثوابت في تفكيره تبعده عن الحزن وتقرّبه من السعادة والفرح والغبطة حتى إنه ليصل إلى عدم الاهتمام بأي كلام سلبي متشائم يسمعه، ويسلط الضوء دائمًا على كل ما هو إيجابي، وهذا له أثر كبير في حياة الفرد وسعادته وهدوئه واطمئنانه لما هو قادم.
كيف نغرس الأمل والتفاؤل في النفس؟
مهما تكن حياة الإنسان صعبة ومملوءة بالهموم والمتاعب لا بد من بارقة أمل تجلو ضباب الأيام المظلمة، ولا شك أنه ثمة شعاع من شمس ساطعة سيدخل ثنايا القلب ويجلو ظلمات فتكت به، على الإنسان أن يبحث عن هذه البارقة وذلك الشعاع، وما هو ببعيد أو مستحيل إنما هو في تفكيره وعقله فإذا ما نوى وعزم على التغيير فإن ذلك سيكون ممكنًا لا محالة، ولا يمكن لأي مؤثر خارجي أن يقوم بهذه المهمة ما لم تكن موجودة في العقل الباطن عند الإنسان نفسه، ومن هنا يأتي دور تغيير النفس حتى تتغير الظروف المحيطة.
إذا ما استيقظ الإنسان كل صباح وبدأ بكلمات إيجابية متفائلة تنبئ عن نهار سعيد ومملوء بالسعادة فهذا لا بد سيجعل مساحة الأمل والتفاؤل تكبر في عقل الإنسان وتفكيره، وبالتالي سيكون متهيئًا لاستقبال أي طارئ بروح صافية فرحة ومتفائلة، وسيعزم أن يبعد عن نفسه أي تفكير سلبي، ويؤكد ضرورة النظرة الإيجابية لكل ما يحصل له، عندها فقط تبدأ ثمار الأمل والتفاؤل تنضج في تربة العقل والقلب وتستعد للنضوج والإيناع.
ممّا له أثر كبير في غرس التفاؤل والأمل في كل نفس هو الجو المحيط، فليتخير الإنسان أصدقاءه ويسعى لتكون الأجواء المحيطة به إيجابية قادرة على تزويده ببارقة الأمل كلما افتقدها وخَفَتَ نورها في قلبه، لا تلك الأجواء التي تزيد الكدر كدرًا والحزن حزنًا، فهذا هو الذي يميت بذور الأمل والتفاؤل، ويجعلها يباسًا يبابًا لاقوة لها ولا ثمر ولا أثر، فما أعظمهم من أصدقاء من يقفون يدًا بيد إلى جانب بعضهم في لحظات الحزن وينشرون البسمة في قلوب بعضهم، ولا يهنأ لهم عيش وقد أحسوا أن حزنًا أصاب صديقهم أو ألمّ به، حتى يجدوا له ما يخفف عنه ويعينه ويبقي أمله وتفاؤله في الحياة.
إن الأمل والتفاؤل من النعم العظيمة التي منَّ الله بها على عباده، ولا بد من استثمار هذه النعمة وتوظيفها بما فيه خير للإنسان والمجتمع، وهذه البذور كلما تعهدها صاحبها بالرعاية والاهتمام كلما ارتفعت وتعالت بثمارها وفروعها حتى تطاول عنان السماء.
لقراءة المزيد، انظر هنا: أجمل ما قيل عن الأمل والتفاؤل .