تطور الموشحات
تطور الموشحات ونشأتها
الموشحات لغةً هي جمع موشحة أو موشح، وهي مأخوذة من الوشاح ، إذ يُقال: توشحت المرأة واتشحت؛ أيّ لبست وشاحها، وهو أديم من الجلد تلبسه المرأة للتزين وإظهار جمالها، أمّا تعريف الموشحات اصطلاحًا، فهي من الفنون المستحدثة في الشعر، والتي نشأت في الأندلس في أواخر القرن الثالث الهجري، وقد ظهر هذا الفن استجابةً لمجموعة من الأسباب اللغوية والفنية والاجتماعية.
ذلك نتيجةً لشعور بعض الشعراء الأندلسيين بالملل في كتابة الشعر على وتيرة معينة، فاخترعوا هذا النوع من الشعر رغبةً في التجديد، وذكر لأبرز خصائص الموشحات فيما يأتي:
- يلتزم فن الموشحات في القافية بنظام خاص، ويختلف عن الفنون الأخرى بخروجه عن وحدة الوزن الموروثة المتعارف عليها في القصيدة العربية.
- يخرج فن الموشحات عن بحور الخليل في بعض الأحيان.
- يخلو فن الموشحات من الوزن بصورة تامة في بعض الأحيان، مع الاكتفاء باللحن الموسيقي الذي يحل محل الوزن الشعري.
- يستخدم الشعراء في فن الموشحات اللغة الدارجة، وفي بعض الأحيان يستخدمون اللغة الأعجمية، وهذا على عكس الفنون الأخرى.
- يتم تقسيم الموشح إلى أجزاء اصطلاحية غير موجودة في غيره من الفنون، وهذه الظاجزاء هي التي تعطيه البناء الموسيقي الناضج.
نشأة الموشحات
ظهر فن الموشحات في عهد الأمير عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأوسط بن الحكم، والذي كان حاكمًا في أواخر القرن الثالث الهجري، وقد اختلفت الآراء حول أول من قال فن الموشحات، فيرى ابن بسام أنّ محمد بن محمود القبري الضرير هو المبتكر لهذا الفن، وكان يصنع الموشحات على أشطار الأشعار، والأوزان المهملة، وكان يُكثر من استخدام الألفاظ العامية.
الجدير بالذكر أنّ ابن بسام لم يروِ أيًّا من موشحات القبري، ويُمكن القول إنّ أول الموشحات التي وصلت إلينا هي موشحة لعبادة بن ماء السماء، وهو واحد من الشعراء الفحول في الأندلس ، ويقول ابن بسام إنّ الموشحات في بدايتها كانت تعبيريةً بسيطةً، ولم تكن مقبولةً بين الناس والنقاد، ولم يكن الرواة يتداولونها؛ لأنّها كانت في نظرهم خارجةً عن الأوزان المعروفة والأعاريض المألوفة.
إلى أن جاء عبادة بن ماء السماء، فأجرى عليها بعض التعديلات وقوَّمها وحسَّنها، وخلاصة القول إنّ فن الموشحات ظهر في الأندلس أواخر القرن الثالث الهجري وكان مرتبطًا بالغناء الشعبي، ثم نما وتطور واكتمل على يد عبادة بن ماء السماء، وجاء بعده وشاحون كثر منهم الأعمى التطلي، ويحيى بن بقي، وأبي بكر بن زهر الحفيد، و محيي الدين بن عربي الذي نقلها إلى بلاد المشرق العربي.
أجزاء الموشح
يتألف الموشح من مجموعة من الأجزاء، وهي على النحو الآتي:
المطلع
المطلع هو الجزء الأول من الموشح، ويُشبه المطلع في القصيدة العادية، ولا يُعدُّ وجوده شرطًا ضروريًّا في الموشح، وحين يُذكر في الموشح يُسمى حينها بالموشح التام، أمّا في حال عدم وجوده فيُسمى الموشح بالأقرع، ومن الجدير بالذكر أنّ أقل عدد لأشطار المطلع اثنان، وأكثرها ثمانية، وتُكتب بشكل أفقي أو عامودي.
الغصن
وهو الجزء الذي يقع بعد المطلع في الموشح التام، أو يبدأ به الموشح الأقرع، ويتكون من ثلاثة أشطر أو أكثر تكون فيها القافية موحدة، ويتكرر الغصن في الموشح خمس مرات عادة.
القفل
هو الجزء الذي يأتي متفقًا مع المطلع في الوزن والقافية وعدد الأجزاء، ويتكرر في الموشح التام ست مرات وفي الموشح الأقرع خمس مرات، ويكون المطلع في الموشح التام هو القفل الأول، ويأتي القفل الثاني بعد الغصن، وهكذا على طول الموشح، أيّ بعد كل غصن يأتي القفل.
الدور أو البيت
ويتكون الدور أو البيت من مجموع الغصن مع القفل الذي يليه، ويصل عدد الأبيات في الموشحة إلى خمس أبيات.
السمط
هو كل جزء أو شطر من أشطار الغصن، وكل جزء أو شطر من أشطار القفل.
الخرجة
هي القفل الأخير في الموشح ، وهي جزء رئيس من الموشح لا يُمكن الاستغناء عنه، والأفضل أن تكون لغة الخرجة مخالفةً للغة الموشح، كأن تكون أعجميةً أو عاميةً، أو فصيحةً غير معربة.