تحليل قصيدة قارئة الفنجان
التحليل الموضوعي للقصيدة
تحليل المقطع الأول
قال نزار قباني في قصيدته قارئة الفنجان:
- جلست والخوف بعينيها
- تتأمل فنجاني المقلوب
- قالت:
- يا ولدي.. لا تحزن
- فالحب عليك هو المكتوب
- يا ولدي،
- قد مات شهيداً
- من مات على دين المحبوب
- فنجانك دنيا مرعبةٌ
- وحياتك أسفارٌ وحروب..
- ستحب كثيراً يا ولدي..
- وتموت كثيراً يا ولدي
- وستعشق كل نساء الأرض..
- وترجع كالملك المغلوب
يبدأ نزار قباني قصيدته متحدِّثًا عن امرأة تقرأ الفنجان تحاول من خلاله قراءة المُستقبل، محاولًا في ذلك أن يكشف عن الحياة القادمة التي تنتظره، ويبدو أنّ المرأة التي تقرأ في الفنجان اقتصرت فقط على الجانب العاطفي في حياته؛ أي: لم تأتِ على ذكر شيء غير الحب والمغامرات مع النساء.
تحليل المقطع الثاني
- بحياتك يا ولدي امرأةٌ
- عيناها، سبحان المعبود
- فمها مرسومٌ كالعنقود
- ضحكتها موسيقى و ورود
- لكن سماءك ممطرةٌ..
- وطريقك مسدودٌ.. مسدود
- فحبيبة قلبك.. يا ولدي
- نائمةٌ في قصرٍ مرصود
- والقصر كبيرٌ يا ولدي
- وكلابٌ تحرسه.. وجنود
- وأميرة قلبك نائمةٌ..
- من يدخل حجرتها مفقود..
- من يطلب يدها..
- من يدنو من سور حديقتها.. مفقود
- من حاول فك ضفائرها..
- يا ولدي..
- مفقودٌ.. مفقود
يعرّج الشاعر في هذا المقطع ليتحدث عن الفتاة التي يحبها على لسان العرّافة، فيصف شكلها ووجهها وعينيها ومفاتنها، حتى إنّ الفنجان يصور الحياة السوداوية التي تنتظر الشاعر والقدر الأسود الذي سيحل به.
تحليل المقطع الثالث
- بصرت.. ونجمت كثيراً
- لكني.. لم أقرأ أبداً
- فنجاناً يشبه فنجانك
- لم أعرف أبداً يا ولدي..
- أحزاناً تشبه أحزانك
- مقدورك.. أن تمشي أبداً
- في الحب.. على حد الخنجر
- وتظل وحيداً كالأصداف
- وتظل حزيناً كالصفصاف
- مقدورك أن تمضي أبداً..
- في بحر الحب بغير قلوع
- وتحب ملايين المرات...
- وترجع كالملك المخلوع
يتعجب الشاعر في هذا المقطع على لسان قارئة الفنجان من القدر القاتم الذي ينتظره، وكأنّها لم تقرأ فنجانًا يعكس ذلك السواد القاتم لمستقبل أحد مثله، ونهايته سيكون وحيدًا ولن يقف عند ذلك الحب، ولكنّه في كل مرة سيعود مهزومًا ضعيفًا.
التحليل الفني لقصيدة قارئة الفنجان
تبرز أهمية القصيدة من الأسلوب الفني الذي يتبعه الشاعر في قصيدته والصور الفنية التي يستعملها ونحو ذلك، ومن الصور الفنية التي أدرجها نزار قباني في قصيدته قارئة الفنجان ما يأتي:
- جلست والخوف بعينيها
جعل الخوف مثل الشيء الذي يُوضع في العينين وهنا استعارة مكنية حيث حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- فمها مرسوم كالعنقود
شبه فم المرأة التي يحبها بالعنقود وهو تشبيه مجمل حيث أبقى على المشبه والمشبه به وأداة التشبيه وحذف وجه الشبه.
- فنجانك دنيا مرعبة
شبه الأهوال التي تراها القارئة في فنجانه بالدنيا المرعبة، مبقيًا على المشبه وهو الفنجان والمشبه به وهو الدنيا المرعبة وحذف أداة التشبيه ووجه الشبه.
- ترجع كالملك المغلوب
تشبيه مجمل، أبقى على المشبه وهو لفظة ترجع التي تدل على المخاطب، والمشبه به وهو الملك المغلوب والكاف هي أداة التشبيه وحذف وجه الشبه.
- ضحكتها موسيقى
تشبيه بليغ، حيث أبقى على المشبه وهو الضحكة والمشبه به وهو الموسيقى وحف أذاة التشبيه ووجه الشبه.
- تظل وحيداً كالأصداف
تشبيه تام الأركان، حيث أبقى على المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه.
التحليل الإيقاعي لقصيدة قارئة الفنجان
بنى نزار قباني قصيدته على شعر التفعيلة؛ وربما هذا النوع من الشعر هو الأقرب إلى نفس الشاعر عندما يتحدّث عن نفسه، فتكون تفعيلة واحدة تدور في أرجاء القصيدة كما يدور هو في فلك هذه الحياة، سيطرت في بداية القصيدة الحروف الانفجارية الشديدة حين قال: "جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب قالت: يا ولدي.. لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب".
تكرر حرف العين والجيم والقاف والخاء في المثال السابق، وهي من الحروف القوية؛ وفي ذلك دلالة على القوة وتأكيد المعنى وثباته، فيما سيطرت الحروف الهامسة في المقطع الثاني مثل كلمات: "ستحب، ستعشق، نساء"، والمعاني المُرادة في هذا المقطع معاني لطيفة ساكنة وهادئة.
كذلك ناغمَ الشاعر ما بين تلك الحروف لإبراز المعاني بصورة أوضح وكأن المناغمة ما بين الأصوات القوية والرخوة دلالة على أنّ شيئًا من المعاني يتفلت من الشاعر ويد أخرى ترد تلك المعاني.