تاريخ موريتانيا
موريتانيا في فجر التاريخ
تُشير الأدلّة الأثريّة، والتاريخيّة التي عُثِر عليها في الأرض التي تتربّع عليها موريتانيا اليوم، وفي مناطق شمال القارّة الأفريقيّة إلى أنّ المنطقة كانت مأهولة بالسكّان منذ العصر الحجريّ القديم، والحديث، كما سكن المنطقةَ قديماً شعوبٌ قادمة من جنوب الصحراء الكُبرى، وقبائل الأمازيغ، حيث سكنت هذه القبائل شمال القارّة خلال القرنَين: الثالث، والرابع؛ هَرَباً من جفاف الصحراء، وقسوتها في الجنوب، وتمكّنت الجماعات الأمازيغيّة مع مرور الوقت من السيطرة على تجارة القوافل القادمة من الجنوب، والمُحمَّلة بالذهب، والعاج، والعبيد، وفي المقابل سيطر الأفارقة السُّود في الجنوب على ملح الصحراء، وبضائع شمال أفريقيا.
دخول العرب والإسلام إلى موريتانيا
تولَّى الخليفة الوليد بن عبدالملك حُكم الدولة الأمويّة خلال الفترة ما بين (705-715م)، ووضع لكلِّ منطقة والياً؛ فكان والي شمال أفريقيا هو موسى بن نصير، ومنذ ذلك الوقت أصبح الإسلام ينتشر تدريجيّاً في موريتانيا، وانتشرت القبائل العربيّة في المنطقة، واختلطت مع القبائل الأمازيغيّة المُستعرِبة بشكل كبير إلى الحَدّ الذي لا يُمكن معه التمييز بين الأمازيغيّ، والعربيّ. وفي بداية القرن الحادي عشر، قاد كلٌّ من الأمير الأمازيغيّ يحيى بن إبراهيم الجدالي، والعالِم المسلم عبدالله بن ياسين الجزولي حملة شاملة؛ لبَثّ الأخلاق الإسلاميّة الصحيحة، وتطهير الاعتقاد الدينيّ من الخُرافات السائدة في موريتانيا، والتفَّ حولهم عدد كبير من المُؤيِّدين الذين أُطلِق عليهم اسم المرابطون . وبعد ذلك، ساد النظام القبليّ على نطاق الإمارات في موريتانا، وحافظت البلاد على استقلالها، وواجهت الأطماع الاستعماريّة على تجارتها من قِبل بريطانيا، وفرنسا.
الاستعمار والاتِّجاه نحو الاستقلال
أدَّت الخلافات الداخليّة بين زعماء موريتانيا إلى دخول القُوّات الفرنسيّة إلى البلاد، وتمكَّنت من احتلالها، وأعلنت فرنسا حمايتها على موريتانيا في عام 1320هـ (1903م)، إلّا أنّ الشعب الموريتانيّ لم يقف مكتوف الأيدي، بل قاوم بكلِّ ما لديه من قُوّة، وذلك حتى نالت البلاد استقلالها في عام 1960م، وتمكَّنت موريتانيا من استعادة الجزء الجنوبيّ من الصحراء الغربيّة التي كانت مُحتَلّة من الإسبان حتى عام 1976م. وفي عام 2007م، جرى انتخاب أوّل رئيس حُرّ لموريتانيا من قِبَل الشعب، وهو (سيدي ولد الشيخ عبدالله)، إلّا أنّ الصراعات الداخليّة لم تتوقّف، واستمرَّت التوتُّرات العِرقيّة بين الجماعات قائمة حتى اليوم.