تاريخ القرآن الكريم
تاريخ القرآن الكريم
أنزل الله تعالى على نبيّه محمّد -عليه الصّلاة والسّلام- القرآن الكريم، فكان آخر الكتب السّماويّة، فالقرآن الكريم: هو كلام الله -تعالى- الذي أُنزل عن طريق الوحي على النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-، وهو الكتاب المتعبّد بتلاوته، المنقول بالتواتر، المعجز بآياته وسوره، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة النّاس، وقد شرّف الله -سبحانه وتعالى- هذه الأمّة بهذا الكتاب العزيز الذي تكفّل بحفظه؛ فلا تستطيع الإنس والجنّ ولو اجتمعت على أن تحرّف منه سورةً أو آيةً أو تأتي بمثلها.
وقد مرّ القرآن الكريم بمراحل تنزيل؛ حيث لم ينزل جملةً واحدةً على النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وإنّما نزل مفرّقًا طيلة مدَّة بعثته، كما مرّ بعد وفاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بأطوار جمعه حتّى ضُمّ بين دفّتي المصحف، واهتمّ العلماء بالقرآن الكريم اهتمامًا عظيمًا؛ حتى أصبحت دراسة ما يتّصل به علمًا مستقلًّا يُعرف بعلوم القرآن، وفيما يأتي تفصيلٌ لتاريخ القرآن الكريم.
مراحل نزول القرآن الكريم
مر نزول القرآن الكريم بمراحل عديدةٍ، فقد كان الأمر مكتوبًا في اللّوح المحفوظ عند ربّ العزّة -جلّ وعلا-، قال تعالى: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ* فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ)، ثمّ أنزله الله -تعالى- إلى بيت العزّة في السّماء الدّنيا جملةً واحدةً في ليلة القدر، ثمّ أُنزل منجَّمًا أي متفرِّقًا على النّبي محمّد -عليه الصّلاة والسّلام- على مدى ثلاثٍ وعشرين سنةً هي مدّة البعثة النّبويّة الشّريفة.
أول آيات القرآن نزولًا وآخرها
تكلّم العلماء في أوّل الآيات والسّور نزولًا، فقيل إنّ أوّل ما نزل على النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت بداية سورة العلق من قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، ثمّ فتر الوحي وانقطع عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فكان أوّل ما نزل بعد فتور الوحي الآيات الأولى من سورة المدّثر.
وتعدّدت أقوال العلماء في آخر الآيات نزولًا، فقال جمعٌ منهم إنّ آخر ما نزل كانت آية الربا من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، وآية الدَّين من سورة البقرة.
جمع القرآن الكريم
في فترة الخلفاء الراشدين وتحديدًا في خلافة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، أشار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عليه بأن يجمعوا القرآن بعد أن كان مكتوبًا في الألواح ومحفوظًا في الصّدور؛ خشيةً من ضياع القرآن، لاستشهاد كثيرٍ من حفظة القرآن الكريم في حروب الرّدة، فجمع القرآن الكريم، ثمّ في عهد عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- جُمع القرآن الكريم في مصحفٍ واحدٍ، ووزع نسخًا منه على البلاد الإسلاميّة المفتوحة.
علوم القرآن الكريم
اهتمّ العلماء المسلمون على مرّ التّاريخ بدراسة القرآن الكريم وسوره، حتّى نشأ علمٌ مستقلٌّ خاصٌّ به، عُرف بعلوم القرآن الكريم، وهي مجموعةٌ من المباحث المتعلّقة بالقرآن الكريم من حيث النّاسخ، والمنسوخ، والمحكم، والمتشابه، وأسباب النزول، ووجوه إعجازه، والمكيّ والمدني منه.