تاريخ الفن الإسلامي
تاريخ الفن الإسلامي
أنتج الفنّ الإسلامي على مرّ التاريخ إبداعات عظيمة خلّدتها الشواهد الفنّية الإسلامية العريقة، ومثّل حضارة مستقلّة بذاتها تفاعلت مع الحضارات الأخرى واستفادت منها، وقد مرّ الفن الإسلامي بالعديد من المراحل المستمرة مع مرور الأيام والأزمان، وتوضيح ذلك فيما يأتي:
ظهور الفن الإسلامي
ظهر الفن الإسلامي في العصر الإسلامي منذ القرن الهجري الأول، ثمّ أخذ ينمو بالتدريج حتى بلغ ذروته في القرن الرابع عشر الميلادي، وكان يحمل طابع البلاد الموجود فيها، وقد شكّل حضارة عريقة وتاريخاً ثقافياً منذ أكثر من 14 قرناً، لذلك يصعب تعريف الفن الإسلامي في قالب محدّد؛ ذلك لأنّه غطّى العديد من الحقب والأماكن في التاريخ.
وقد عرّف بعض المختصّين الفنّ الإسلاميّ فقالوا: "هو كل ما يطبق على الإنتاج الفني الذي وقع منذ هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام 622 ميلادي، وحتى القرن التاسع عشر في منطقة تمتد من إسبانيا إلى الهند"، وهذا ما يؤكّد ظهوره مع ظهور الإسلام في القرن الهجري الأول.
مراحل تطوّر الفن الإسلامي
أخذ الفنّ الإسلامي ينمو ويتطوّر مع مرور الأزمان، وقد تأثر بالأحداث المحيطة به سواء الاجتماعية أو غيرها، وفيما يأتي نظرة عامة على تطورّ الفن الإسلامي مع تطور العصور:
- الفن الإسلامي في عصر الخلفاء الراشدين
كان الفنّ الإسلامي في عهد الخلفاء الراشدين بسيطاً، ولم يكن يُطلق عليه ذلك المصطلح الذي نعرفه الآن، ووجوده في عصر الخلفاء الراشدين أمر غير مستغرب، إذ كانت جهودهم منصبّة على الفتوحات الإسلامية ونشر الدين والتعريف به، ومع استمرار الفتوحات الإسلامية بدأ الفن الإسلامي يظهر بوضوحٍ أكبر من خلال بناء المساجد والعمران في البلاد.
- الفن الإسلامي في العهد الأموي
تطوّر الفنّ الإسلامي بشكلٍ واضح في العهد الأموي، فدخلت إليه مفاهيم جديدة عدّة، ومن أبرز ما يدل على ذلك مسجد قبّة الصخرة في القدس بفلسطين، حيث يعتبر أحد أهمّ المباني في الفنّ الإسلاميّ العريق.
- الفن الإسلامي في العهد العباسي
تأثر الفنّ الإسلامي في الفترة العباسية عند انتقال مركز الخلافة إلى العراق بالأساليب الفارسية الفنيّة، وحينها غلبت عليه سمة الفنّ الإسلامي بشكلٍ أظهر وأوضح، وظهر ذلك جلياً في بناء المدن والعواصم، إذ أصبح العمران في المدن يتّخذ شكلاً دائرياً جديداً، ويُبنى المسجد في أوسطها، أمّا الأثاث فأصبح يُنقش عليه ويُزخرف.
- الفن الإسلامي في العهد الأيوبيّين والمماليك
زاد الترف في هذه الفترة بين الناس، وتأثّر استخدام الفن الإسلامي بذلك، فصار الناس يتسابقون في بناء القصور العظيمة، ويملؤونها بالأثاث الفاخر، بالإضافة إلى بناء الأضرحة، والمدارس، والمساجد، والتّحف الفنّية، وإدخال المواد النادرة والجميلة في بنائها.
وتميّز استخدام الفنّ الإسلامي في هذه الفترة أيضاً بصناعة أشكال هندسية ثلاثية ورباعية وخماسية إلى غيرها من المضاعفات، وتمّ استخدام الفرجار بصورة أساسية في ذلك، بالإضافة إلى الأشكال النباتية الباهرة، والإبداع في فنّ الخطّ العربي.
- الفن الإسلامي في القرن التاسع إلى القرن الخامس عشر
تمثّل الفنّ الإسلامي في هذه الفترة بالبناء المعماريّ الفريد، وخاصة في المغرب العربي وإسبانيا، وقد كان مستوحى من التطبيقات الرومانية والقوطيّة، ولعلّ أبرز مظاهر ذلك: بناء الجامع الكبير في قرطبة، وقصر الحمراء، ومدينة الزهراء، وغيرها، بالإضافة إلى صنع المجوهرات المزخرفة والمنقوشة، والأقمشة الحريرية.
وتمّ بناء جامعات كبيرة تُعلّم الفلسفة وغيرها من العلوم المتعدّدة، ولعلّ أبرز ما يدلّ على الفنّ الإسلامي في المغرب هو بناء الجوامع والمساجد، أضف إلى ذلك الاهتمام الكبير بفنّ العمارة في كلّ من سوريا ومصر.
- الفن الإسلامي في القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر
وتميّز في هذه المرحلة فنّ الإمبراطورية العثمانية، ومن المظاهر الواضحة الدالة على الفنّ الإسلامي في هذه الفترة بناء تاج محلّ، حيث كان أبرز آثار هذا العصر، بالإضافة إلى صناعة الأحجار الكريمة بأنواعها، والنحت على العاج، وغيرها من المظاهر المتميّزة.
من مظاهر الفن الإسلامي العامة
الفنّ الإسلامي العريق أحد أكثر الفنون انتشاراً، وأطولها عمراً مقارنة بالفنون الأخرى، وذلك لأنّ الإمبراطورية الإسلامية شغلت مساحات كبيرة جداً في العالم "من الهند شرقاً إلى الأندلس غرباً، ومن القوقاز وصقلية شمالاً إلى بلاد اليمن جنوباً"، ومن الأمثلة الدالة على الفنون الإسلامية عموماً ما يأتي:
- فنّ العمارة الإسلامية ، وما تتضمّنه من الزخارف، والأعمدة، والقباب، والمواد التي تُغطّي جدرانها، والزخارف الهندسية والبنائية.
- فنّ النحت، والحفر على الخشب، واستخدام الخزف والبلور والزجاج.
- الفنّ في صناعة المنسوجات والسّجاد.
- فنّ الخط العربي والزخارف الكتابيّة.