تاريخ الدولة الاسلامية
نشأة الدولة الإسلاميّة
كان لظهور الإسلام وبدء الدعوة الإسلاميَّ ة أثرٌ بالغٌ في الجزيرة العربية وما حولها، وامتدّ هذا التأثير عبر التاريخ الإسلاميّ؛ ليشمل أممًا ومناطق أوسع خارج نطاق الجزيرة العربية بسبب الفتوحات الإسلاميّة التي تمّت، وفيما يأتي بيانٌ لتاريخ الدولة الإسلاميّة بدأ بأول نشأتها في المدينة المنوّرة وصولًا إلى الفتوحات في عصور الخلافة الراشدة وما بعدها.
المدينة المنوّرة: أوّل دولة في الإسلام
هاجر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ومن آمن معه إلى المدينة المنوّرة ، وكانت المدينة المنوّرة نواةً للمجتمع المسلم، وأقام فيها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قواعد أول دولةٍ في الإسلام، وكان -عليه الصلاة والسلام- أوّل رئيسٍ للدولة الإسلاميّة، ووضع جملةً من القواعد والمبادئ العامّة التي تحكم الدولة، وتنظّم علاقات أفرادها.
وقد قام النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فور وصوله إلى المدينة المنوّرة بأمورٍ مهمَّةٍ؛ لسياسة الدولة وتنظيم شؤونها، وهي:
- بناء المسجد النبوي
حيث بنى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بمشاركة أصحابه المسجد النبوي؛ ليكون مكانًا للصلاة والاجتماع لمناقشة أمور الدولة وأفرادها.
- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
وهدفت هذه المؤاخاة إلى توثيق أواصر الأخوّة والمحبّة بين أفراد الدولة؛ لتماسك المجتمع وتلاحمه.
- المعاهدة مع اليهود
حيث عقد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- معاهدةً مع اليهود؛ لكونهم جزءًا من المجتمع الموجود في المدينة؛ فكان لا بدّ من تنظيم العلاقة معهم.
وقد أوكل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- جملةً من المهام المتعلّقة بإدارة شؤون الدولة الإسلاميّة إلى عددٍ من الصحابة -رضي الله عنه-؛ فكان بعضهم يستقبل الوفود، وبعضهم يكتبون الكتب والرسائل إلى الملوك وزعماء القبائل، وبعضهم يجمعون الزكاة ، وبعضهم يقود السرايا والجيوش، وغيرها من المهام.
الدولة الإسلاميّة في عهد الخلفاء الراشدين
بعد وفاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، كانت فترة الخلافة الراشد ة بدءًا بأبي بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم-، وقد اتّسعت في عهد الخلفاء الراشدين الأربعة رقعة الدولة الإسلامية، ووصلت إلى خارج حدود الجزيرة العربية.
وامتدّت الفتوحات الإسلاميّة؛ ليدخل ضمن نطاق الدولة الإسلاميّة: العراق، وبلاد الشام، ومصر، وصولًا إلى دول المغرب العربي التي بدأ فتح نواحٍ منها زمن الخلافة الراشدة واستمرّ إلى ما بعدها، حتّى وصلت حدود الدولة الإسلاميّة إلى الأندلس على امتداد مدنها.
أسس الدولة الإسلامية
قامت الدولة في الإسلام منذ زمن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على جملةٍ من الأسس والمبادئ التي وضعتها الشريعة الإسلاميّة، ومن أبرز هذه الأسس والمبادئ:
- الشورى
ف الشورى أساسٌ الحكم في نظام الدولة الإسلاميّة، وقد جاء الأمر للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- بها، كما في قوله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)، والأمّة كذلك مطالبةٌ بالتشاور في شؤونها، قال تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ).
- العدل
فالعدل هو أساس الحكم في الدولة الإسلامية، وقد جاءت آياتٌ كثيرةٌ تأمر به، كما في قوله تعالى: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)، وإقامة العدل وتطبيقه واجبٌ على المسلمين وفي التعامل مع غيرهم.
- حماية الكرامة الإنسانيّة
فنظام الحكم في الدولة الإسلاميّة يصون كرامة الإنسان ويحفظها، ويحرّم الاعتداء عليها أو إهدارها؛ لأنّ الإسلام قد كرّم الإنسان كما جاء في قوله تعالى: (وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ).
- الحرية
فقد كفل نظام الحكم الإسلامي للناس حريّة الفكر والاعتقاد والتصرّف بما لا يخالف نظام الدولة العامّ أو حقوق أفرادها.