تاريخ أوروبا الحديث
أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر
شهِدَ العام ألف وسبعمئة وتسعة وثمانون اندلاع الثورةِ الفرنسيّة التي تُعتبَر من أهمّ الثوراتِ التي هدفَت للوصول إلى الحُكمِ العادِل في أوروبّا، وقد كان لهذه الثورةِ الأثرُ البارزُ في خوفِ ملوك الدُّوَل الأوروبّية من انتشارِ الديمقراطيّة، ونظامِها، ممّا يُهدّدُ عروشَهم، علماً بأنّها شهدت ظهورَ واحدٍ من أشهرِ القادةِ العسكريّين على الإطلاق، وهو نابليون بونابرت الذي تولّى حُكمَ فرنسا مع نِهايةِ الثورةِ في العام ألف وسبعمئة وتسعة وتسعين، وقادَ نابليون جيشَه نحوَ باقي الدُّول الأوروبيّة، وتمكّنَ من الاستيلاءِ على أهمِّ الأراضي الأوروبيّة في الجزءِ الغربيّ من روسيا، إلّا أنّ قُوّات الحُلفاءِ الأوروبيّين تمكّنت من هزيمةِ جيش نابليون في العام ألف وثمانمئة وخمسة عشر، ممّا أدّى إلى عَزله عن الحُكمِ، ومن الجدير بالذكر أنّ الثورةُ الفرنسيّة مهَّدت الطريقَ لاندلاع العديدِ من الثورات في القارّة الأوروبيّة خلالَ القرن التاسع عشر، حيث تأسّسَ على إثرها ما يُعرَف بالحكومة الوطنيّة في أكثرَ من دولة، ومع نهايةِ القرنِ اتَّخذت الدُّول الأوروبيّةُ (باستثناء روسيا) نظاماً دستوريّاً للحُكم.
كما شهِدَ القرنُ الثامن عشر اندلاع الثورةِ الصناعيّة التي بدأت في بريطانيا، وبحلولِ أواسطِ القرنِ التاسع عشر وصلت هذه الثورةُ إلى دُوَل أوروبّا الغربيّة، حيث تمثّلت بتطوُّرِ الآلات، واستخدامِ الأساليبِ الإنتاجيّة الحديثةِ، وتحوُّلِ المُدنِ النامية إلى مُدنٍ صناعيّةٍ، ونمَت الطبقةُ الوُسطى، وسيطرت على مُعظَم القِطاعات الصناعيّةِ، والتجاريّةِ، إلّا أنّها في الوقتِ نفسِه أدّت إلى ازدحامِ العُمّال في المُدنِ، وانخفاضِ أجورهِم، ممّا أدّى إلى تكوينهم للنقابات العُمّالية خلالَ القَرن التاسع عشر تزامُناً مع ظهور الفلسفةِ الاشتراكيّة، ومع نهايةِ القرنِ ظهرت عِدّة قوانينَ؛ لتنظيمِ العملِ، والعُمّال في مُعظَم الدُّول الصناعيّة، فأعقبَ ذلك توسُّعٌ كبيرٌ للدُّول الأوروبيّة، وظهرت رغبتها الجامحةُ في الاستعمارِ؛ لتلبيةِ مُتطلَّبات الأسواقِ، والمصانع من الموادّ الخام، والأوّلية.
أوروبّا في القرن العشرين
مع بدايةِ القرنِ العشرين شهِدَت أوروبا اندلاع الحربِ العالَميّة الأولى بين الحُلَفاءِ، وما يُعرَف بدُوَل الوَسَط، وانتهت هذه الحربُ بانتصارِ الحُلفاء، وتوقيعِ معاهدةِ فرساي في العام ألف وتسعمئة وتسعة عشر، والتي تقضي بانتهاءِ الحربِ، وبعدَ ذلك تمَّ تأسيسُ المُنظّمة الدوليّة (عُصبةُ الأمم المُتَّحدة) التي ضمّت في البداية أربعاً وعشرين دولةً، ثمّ انضمّت إليها لاحقاً دُوَلٌ أخرى مُستقِلّة، فوصلَ العددُ ألى ثلاثٍ وستّين دولةً، إلّا أنّ هذه المُنظَّمةَ فشِلَت في منعِ الحروبِ، وحلِّ القضايا الكُبرى؛ فاستمرّت الأزَماتُ الدوليّة، والنِّزاعاتُ إلى أن اندلعت الحربُ العالَميّةُ الثانيةُ في العام ألف وتسعمئة وتسعة وثلاثين، وكانت بين قُوّات الحُلَفاء، ودُوَل المحورِ.
انتهَت الحربُ العالميّة الثانية في العام ألف وتسعمئة وخمسة وأربعين بهزيمةِ ألمانيا، وانتصارِ الاتِّحاد السوفيتيّ، وممّا يجدر ذِكره أنّ هذه الحرب أعقبها نشوء الأحلافِ، والمُنظَّمات الدوليّة، مثل: حلفِ الناتو، وحلفِ وارسو، كما ظهرَ في النصف الثاني من القرن العشرين الصراعُ الدوليّ بين الاتِّحاد السوفيتيّ (الشيوعيّة)، وأمريكا (الرأسماليّة) فيما يُعرَف بالحربِ الباردةِ، حيث انتهت هذه الحربُ ببَسطِ الولايات المُتَّحِدة هيمنتَها على أوروبّا، والعالَم.
أوروبّا في القرن الحادي والعشرين
شهِدَت نهايةُ القرنِ العشرين إطلاقَ العُملةِ الجديدةِ في أوروبا (اليورو)، حيث تمّ استخدامُها في أسواق المال العالَميّة، وفي العام ألفين وأربعة انضمَّت عشرِ دُوَلٍ أخرى حديثةٍ إلى الاتِّحاد الأوروبيّ الذي تأسَّس في نهاية القرن العشرين، كما انضمّت بُلغاريا، ورومانيا إلى الاتِّحاد في العام ألفين وسبعة، ثمّ انضمّت كرواتيا في العام ألفين وثلاثة عشر، ووصلَ عددُ أعضاء هذا الاتِّحادِ حتى اليوم إلى ثمانٍ وعشرين دولةً، أمّا في العام ألفين وستّة عشر فقد أجمعتِ الأغلبيّةُ في المملكة المُتَّحِدة على الانسحابِ من الاتِّحاد الأوروبيّ؛ بسببِ زيادةِ أعدادِ المهاجرين من الدُّوَل الأعضاءِ إلى المملكة المُتَّحِدة، إلّا أنّ الاتِّحاد الأوروبيَّ في النهاية لم يُصادق على قرارِ الانسحابِ.