تأثير سلوك الآباء على الأبناء
كيف يؤثر الآباء على أبنائهم
كل ما يفعله الآباء من سلوكيات وتعاملات، والطرق التي يتصرفون بها مع بعضهم، ومع الآخرين أمام أطفالهم تؤثر في الأبناء، ومشاعرهم وشخصياتهم وسلوكياتهم؛ فالطفل بلا أي خبرة سابقة، يفترض أن ما تفعله هو الصواب، وأنك تنتظر منه القيام بمثل هذه التصرفات، ولو تعرض أحد الوالدين لمشاعر قوية من الاكتئاب والضيق ، والحزن، فإن الطفل يخزن الطريقة التي يتعامل بها والده مع هذه المشاعر، ويتبعها في التعامل مع مشاعره الخاصة.
وحتى الطريقة التي تأكل بها، والكميات والممارسات اليومية، وكيفية اعتنائك بمظهرك؛ كلها تمثل لديه قواعد يتبعها بحذافيرها دون أن يدرك ذلك، ويجب التنبيه هنا إلى أن ما تقوله أيضًا، والكلمات التي تستخدمها أثناء حديثك تؤثر في طفلك، وطريقة تفكيره وشعوره نحو نفسه ونحو الآخرين، ويمكنك استغلال مثل هذا التأثير في الوقت الذي يطور فيه طفلك قدرته على فهم التجارب ومشاعر الآخرين في مساعدته على إدارة سلوكه ، والتحكم فيه، وذلك بشرح كيفية تأثيره على الآخرين.
أنماط الأبوة الأربعة
هناك أربعة أنماط للأبوة موضحة كما يأتي:
- الأبوة الاستبدادية: يوجب هذا النمط من الآباء على الأطفال اتباع القواعد الصارمة بحيث يعاقبون إذا خالفوها، وهؤلاء الآباء لا يشرحون لأطفالهم أسباب وجود هذه القواعد؛ حتى وإن طلب الأطفال شرح سبب ذلك، وهم يتوقعون من أبنائهم أن يكونوا مثاليين، ولا يرتكبوا أي أخطاء مع عدم تقديم نصائح وإرشادات حول كيفية فعل ذلك، وعند العقاب فإنهم يعاقبون أطفالهم بقسوة، وغالباً ما يترك الطفل من غير معرفة خطئه الذي سبب العقاب .
- الأبوة الموثوقة: يعد هذا النمط أكثر ديمقراطية من السابق، ولكن ما يزال الآباء يضعون قواعدَ ونهجًا للسلوك الواجب على الأبناء اتباعه، إلا أنهم منفتحون أكثر للاستماع إلى أسئلة الأبناء، ويقدمون الرعاية والدفء والدعم الكافي، ويكونون أكثر تسامحًا بدلاً من العقاب، أي أنهم حازمون وأساليبهم التأديبية داعمة وليست عقابية.
- الأبوة المتساهلة: عادة ما يسمى الآباء من هذا النمط "بالمتسامحين"؛ فهم يطلبون القليل جدًا فقط من أبنائهم، ونادرًا ما يؤدبون الأطفال ويعود ذلك لانخفاض توقعاتهم بخصوص النضج وضبط الذات ، ويتواصل الأبوان بكثرة مع صغارهم، وفي غالب الأوقات يحتلان منزلة الصديقان لأطفالهم وليس منزلة الآباء.
- الأبوة غير المتورطة: أو بمعنى آخر "الأبوة المهملة"؛ وتتسم بالمطالب القليلة والاستجابة المنخفضة، والقليل من التواصل، ويلبي الآباء من هذا النوع احتياجات الأطفال الأساسية، ولكنهم ينفصلون عن حياة أطفالهم، ويتركونهم من غير نصائح وتوجيهات.
أوجه تأثير الآباء على سلوك الأبناء
هناك العديد من أوجه التأثير نذكر منها:
- السلوكات الاجتماعية: يتعلم الأطفال كل أنماط السلوك الاجتماعي من الوالدين؛ بدءًا من قول "رجاءً" و "شكرًا"، وحتى كيفية الوقوف والتحدث مع الآخرين، وإذا كان الآباء انطوائيين فكذلك يكون الأبناء في غالب الأوقات.
- التعامل مع المشاعر: عندما يصاب الآباء بالإجهاد مثلًا فإن طريقة تعاملهم مع هذا الشعور سواء كانت سلبية أم إيجابية، فإنها تؤثر على طريقة تصرف الطفل حيال هذا الشعور، وعند التوتر إن بدأ الآباء بالصراخ والضرب يخاف الطفل، ويعتقد تلقائيًا أنه السبب في كل ذلك، وينغلق على نفسه.
- شجار الآباء: إذا كان الوالدان يختلفان بشكل ناضج أمام أطفالهم، ويسوون المشكلات الأكبر والأكثر تحديًا بعيدًا عنهم، فإن ذلك سيسمح للأطفال برؤية الطريقة الصحيحة للتعامل مع النزاعات وحلها، ولكن إبداء الوجه الآخر للنزاعات، والسماح للعنف والألفاظ الشديدة بإدارة الموقف تسبب صدمة لدى الأطفال، وترسّخ لديهم عنفًا مكبوتًا يتفجر لاحقًا بصور أخرى؛ كالعنف تجاه أقرانهم وغيرها من العواقب، كما يقال: "العائلات المختلة تولد أطفالًا مختلين"، الأمر الذي يتكرر مع عائلاتهم المستقبلية.