تأثير التدخين على الجهاز العصبي
تأثير التدخين على الجهاز العصبي
يمكن الحصول على التبغ عن طريقه استنشاقه أو مضغه، أمّا عند استنشاقه فينتقل المزيج من النيكوتين مع جزيئات القطران الصغيرة إلى الرئتين، وسرعان ما يتم امتصاصه هناك، ثمّ ينتقل النيكوتين بعدها إلى مجرى الدم، وما يلبث أن يصل إلى الدماغ في غضون ثماني ثوانٍ بعد استنشاقه، أمّا في حالة الحصول على التبغ عن طريق مضغه؛ فإنّ وصول النيكوتين إلى الجهاز العصبي المركزي (بالإنجليزية: The central nervous system) يستغرق من ثلاث إلى خمس دقائق، ونذكر هنا أن للنيكوتين تأثير واضح في كل من الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي الطرفي (بالإنجليزية: Peripheral nervous system)، فاعتمادًا على مزاج الشخص وجرعة النيكوتين المأخوذة يتسبّب التدخين في تحفيز هذين الجهازين أو استرخائهما، وبالحديث عن التأثير السريع للنيكوتين فيمكن بيانه فيما يأتي:
- ارتفاع ضغط الدم.
- زيادة معدل ضربات القلب.
- زيادة سرعة التنفس.
- انقباض وتقلص الشرايين.
- تحفيز الجهاز العصبي المركزي.
التدخين والإدمان
يمكن بيان الآلية التي يصبح فيها المدخّن مدمنًا ومعتمدًا على التدخين فيما يأتي:
- تسبّب مادة النيكوتين الموجودة في السجائر الإدمان، وإنّ إدمان مادة النيكوتين يُحدث تغييرات في الدماغ، فعند التدخين يزيد الدماغ من عدد المستقبلات التي يرتبط بها النيكوتين بشكل طبيعي كوسيلة للتكيف على استيعاب الجرعات العالية التي تصل إلى الدماغ، لذا فإنّ توقّف الشخص عن الحصول على كميات النيكوتين المعتادة ينتج عنه أعراض الانسحاب الخاصة بالنيكوتين ، بما فيها الاضطراب والرغبة بالتدخين، وفي الحقيقة إنّ من يدخنون بصورة مؤقتة تظهر أعراض الانسحاب لديهم بشكل أقل من الآخرين، وهذا يساعدهم على التخلص من هذه العادة بسهولة أكبر.
- يؤدي التدخين المنتظم والمتكرر إلى ما يُعرف بالاعتماد (بالإنجليزية: Dependence) على النيكوتين، مما يستدعي زيادة عدد السجائر المستخدمة بهدف التمكّن من رفع نسبة النيكوتين التي تدخل الجسم للوصول إلى نتائج مماثلة، ويمكن الإشارة أنّ المدخّن قد يعاني من مشكلة الاعتماد النفسي أو البدني أو كليهما، فيصبح التدخين عادة يصعب التخلص منها، وهنا نذكر لمحة بسيطة عن الفرق بين الاعتماد النفسي والبدني:
- الاعتماد النفسي: (بالإنجليزية: Psychological dependence) حيث يشعر المدخن بالرغبة في التدخين عند وجوده في محيط اجتماعي معين أو مع الأصدقاء.
- الاعتماد الفيزيائي أو البدني: (بالإنجليزية: Physical dependence) الذي يظهر بعد اعتماد جسم المدخن على كميات معينة من النيكوتين، وحاجة الجسم لوجوده بعد أن تكيّف معه.
التدخين والسكتة الدماغية
يضاعف التدخين خطورة حدوث الوفاة بسبب الإصابة بالسكتة الدماغية (بالإنجليزية: Stroke)، حيث تسبب السكتة الدماغية تلف الدماغ (بالإنجليزية: Brain damage) ومن ثم الوفاة، وفي الواقع يعتبر الأشخاص المدخنون أكثر عرضة لحدوث السكتة الدماغية مقارنة بغير المدخنين، وذلك نظرًا لزيادة فرصة تمدد الأوعية الدموية (بالإنجليزية: Aneurysm) لديهم، حيث يظهر هذا التمدد على شكل انتفاخ في الأوعية الدموية نتيجة ضعف جدرانها، وقد تظهر حالة مرضية أكثر خطورة تعرف بنزف تحت العنكبوتية (بالإنجليزية: Subarachnoid hemorrhage) حيث تؤدي إلى تشقق أو انفجار الوعاء الدموي، وقد ينتج عن هذه الحالة تلف دماغي شامل (بالإنجليزية: Extensive brain damage) يؤدي إلى الوفاة. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية من الجيد القول إنّه خلال 5 سنوات من الإقلاع عن التدخين تقل خطورة حدوث السكتة الدماغية، ثم لتصبح نسبة مماثلة لغير المدخنين بعد 5-15 سنة من الإقلاع عن التدخين.
التدخين وشيخوخة الدماغ
بالرغم من أنّ تأثير التدخين في القدرات الإدراكية يعتبر قليلاً نسبياً ويحتاج لدراسات كثيرة ليتم التنبؤ به بشكل صحيح وكامل؛ إلا أنه موجود بالفعل، ويمكن بيان ذلك بشي من التفصيل فيما يأتي:
- تقليل سمك القشرة الدماغية: على الرغم من أنّ سمك القشرة الدماغية يقل مع التقدم بالعمر بالوضع الطبيعي، إلا أنّ التدخين يزيد من احتمالية ذلك بصورة أكبر، حيث وُجد أن القشرة الدماغية (بالإنجليزية: Cerebral cortex) للأشخاص المدخنين تكون أقل سماكة من غير المدخنين، وذلك لأن التدخين يدمّر مكونًا مهمًّا من الدماغ وهي المادّة الرمادية (بالإنجليزية: Grey matter)، ونذكر هنا أنّ للقشرة الدماغية دورًا بالغ الأهمية في مهارات التفكير الأساسية كالتعلم والذاكرة.
- التغيرات العقلية: إنّ مقدار التغيرات التي تطرأ على الدماغ عند التدخين ليست معروفة بعد، كما أنه ليس واضحاً إذا كانت هذه التغيرات قابلة للإرجاع والإصلاح بعد إيقاف التدخين أم لا، ولكن من المعروف أنّ التدخين يصاحبه انخفاض في مستوى الإدراك أو المعرفة، أو حتى الإصابة بالخرف (بالإنجليزية: Dementia)، وفي الحقيقة هناك دلائل تشير أنّ المدخنين في المتوسط يكون إدراكهم ضعيفًا نسبيًا في مراحل حياتهم المتأخرة، كما أنّ الذاكرة والإدراك المرن تكون أقل مقارنة بغير المدخنين، ووفقاً لما نُشر في المركز الوطني للمعلومات التقنية الحيوية (بالإنجليزية: National Center for Biotechnology Information) فإنّ التدخين يصاحبه ارتفاع خطورة الإصابة بالخرف، ويعتقد أن ما نسبته 14% تقريباً من حالات مرض ألزهايمر حول العالم تُنسب إلى التدخين، كما يتم ربط التدخين أيضاً بضمور الدماغ (بالإنجليزية: Brain atrophy)، ونقص حجم القشرة الدماغية في بعض المناطق كما أشرنا أعلاه.
التدخين والصحة العقلية
هناك معلومة تفيد أنّ الأشخاص المدخنين يلجؤون للتدخين للسيطرة على التوتر (بالإنجليزية: Stress) وأعراضه وعلاماته، ويمكن بيان الرابط بين التدخين والصحة النفسية للفرد فما يأتي:
- التدخين والقلق: نظرًا لأن النيكوتين يمنح المدخنين شعوراً مباشراً بالراحة؛ يعتقد المدخنون أنه يقلل من التوتر والقلق، إلا أن هذا الشعور يكون مؤقتاً وسرعان ما يزول، فتظهر على الأشخاص الأعراض الانسحابية -التي تكون مشابهة لأعراض القلق- وزيادة الرغبة بالتدخين، وتزول هذه الأعراض عند العودة للتدخين، فيظنّ المدخنون أنّ القلق قد زال، وحقيقة ذلك أنّ ما جرى ما هو إلّا زوال الأعراض الانسحابية للتدخين والتي تشبه أعراض القلق كما أشرنا أعلاه، مما يقود إلى الاستنتاج بأنّ التدخين لا يقلل من القلق أو مسبباته.
- التدخين واضطراب الاكتئاب النفسي: يوجد ارتباط معقد بين التدخين ومرض الاكتئاب، ولكن لم تتضح الصورة بعد فيما إن كانت الإصابة بالاكتئاب تدفع للتدخين أو أنّ التدخين يُسبب الشعور بالاكتئاب، ولفهم ذلك بشكل أفضل يُشار إلى أنّ النيكوتين يحفز إفراز مادة الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) في الدماغ، والدوبامين هو المادة المسؤولة عن تحفيز المشاعر الإيجابية في جسم الانسان، ولأنّ المصابين بالاكتئاب تكون نسبة هذه المادة لديهم منخفضة، فإنّه يُعتقد أنّهم يلجؤون للتدخين لرفع نسب الدوبامين بشكل مؤقت، والواقع أنّ التدخين يؤثر في الدماغ بطريقة تُوقف تصنيع الدوبامين فيه؛ فيقل تزويد الجسم بالدوبامين مع الوقت، مما يستدعي زيادة كمية السجائر التي يدخنها الشخص، وبالتالي لا يُجدي تدخين السجائر نفعًا في تخفيف أعراض الاكتئاب، وقد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من صعوبة أثناء محاولتهم الامتناع عن التدخين، حيث تظهر عليهم أعراض الانسحاب بشكل أكبر مقارنة بغيرهم خلال محاولات الإقلاع عنه، ومع ذلك فإنّ الكثيرين نجحوا في الإقلاع عن التدخين بغض النظر عن حالتهم النفسية.
- التدخين والفصام: وفقًا لمؤسسة الصحة النفسية (بالإنجليزية: Mental Health Foundation) فإنّ من يعانون من الفصام (بالإنجليزية: Schizophrenia) يدخنون ثلاثة أضعاف الأشخاص الآخرين، إذ يعتقدون أنّ التدخين يخفف من الأعراض التي تصاحب حالتهم المرضية، أو يقلل من الأعراض الجانبية التي تسببها الأدوية التي يأخذونها بهدف العلاج، ويُعتَقد وجود علاقة سببية بين كلّ من التدخين والفصام، لكن هناك عوامل مختلفة قد تزيد من خطورة حدوث الفصام، لذا يلزم وجود أبحاث إضافية لفهم العلاقة السببية بينهما بشكل كامل.
تأثير الإقلاع عن التدخين على الجهاز العصبي
يمكن الإشارة إلى العديد من الآثار المترتبة على الإقلاع عن التدخين على مستوى الجهاز العصبي فيما يأتي:
- إعادة الدماغ لحالة أفضل.
- كسر حلقة الإدمان.
- عودة عدد مستقبلات النيكوتين لنسبها الطبيعية تقريباً بعد شهر من التوقف عن التدخين.
- انخفاض مستويات التوتر والاكتئاب والاضطراب.
- تحسّن نوعية الحياة.
- الشعور بإيجابية وتحسن الحالة النفسية.
- تقليل تناول الأدوية المستخدمة من أجل تحسين الصحة النفسية.
ولمعرفة المزيد عن طرق الإقلاع عن التدخين يمكن قراءة المقال الآتي: ( طرق الإقلاع عن التدخين ).