بحث عن هجمات الشمال القسنطيني
الظروف التي أدت إلى هجمات الشمال القسطنطيني
تعد هجمات الشمال القسنطيني التي وقعت في 20 من شهر آب لعام 1955م حدثاً تاريخياً مفصلياً في درب تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، تبعاً للظروف التي أحاطت بها، والتي تمثلت بمحاولة السلطات الاستعمارية تكميم الأفواه المنادية بالاستقلال.
حيث دكت الكثير من الثوار في السجون الفرنسية، وقمعت بالقوة تحركات جيش التحرير الوطني الجزائري، وعلى إثرها ارتقى العديد من الشهداء، مما حد من تأثير العمليات الفدائية، والأصداء التي خلّفتها.
التحضيرات السابقة لهجمات الشمال القسنطيني
اجتمع القيادي زيغود يوسف بمسؤولي وضباط منطقة شمال قسنطينة في دوار لمجاجدة، وحسب شهادة بعض المشاركين، حُسم أمر الهجمات في هذا الاجتماع، الذي جاء فيه على لسان زيغود أنه يجب على الشعب الجزائري الاختيار بين الموت خنقاً على يد الاستعمار الفرنسي، أو التحرر باذلين كل جهد ودافعين كل ثمن.
كما وينبغي على الشعب الانتقال من مرحلة التعاطف مع الثوار إلى الالتزام التام تجاه الثورة، كما أكد على أن التآخي مع فرنسا غير ممكن، وعلى ضرورة إفشال مخططات فرنسا الرامية لفرض التبعية على الجزائر، وطمس هويتها العربية الإسلامية، وجذب مسؤولي الأحزاب، حيث أمر زيغود بإعدام عدداً منهم، لردع مؤيدي الحوار مع العدو .
أهداف هجمات الشمال القسنطيني
حُددت أهداف هذه الهجمات بناءً على ما أملته الظروف التي مرت بها الثورة، نذكر من بينها ما يأتي:
- تعزيز الروح الوطنية، والتأكيد على الوحدة المغاربية باختيار تاريخ 20 آب تضامناً مع الذكرى الثانية لنفي الملك المغربي محمد الخامس .
- دحض الأكاذيب التي تروج لها فرنسا لتشويه سمعة الثورة الجزائرية.
- إثبات قوة جيش التحرير الوطني عن طريق تنفيذ الهجمات في وضح النهار لرفع معنويات الشعب وزعزعة صفوف العدو.
- إعدام كل من تعاون مع العدو وتآمر ضد الثورة.
- حث أبناء الشعب على الالتحاق بركب الثورة وتوسيع رقعة العمل الثوري.
- إيصال صوت الثورة إلى المحافل الدولية والعالمية، وفضح انتهاكات وجرائم الاستعمار الفرنسي.
تنفيذ هجمات الشمال القسنطيني
بحلول الموعد المقرر يوم السبت 20 من شهر آب لعام 1955م، تمت مباشرة العمليات الثورية حيث وقعت معارك حاسمة في مختلف مناطق الشمال القسنطيني بين جيش التحرير وقوات الاستعمار الفرنسي، وذلك بكل من: الحروش، الميلية، عين عبيد، وادي الزناتي، السمندو والشريط الممتد من سكيكدة والقل وصولاً إلى قسنطينة والخروب، وغيرها من المناطق.
كما يضيف الباحث مؤمن العمري أن هذه الهجمات شهدت مشاركة واسعة للشعب محملّين بمختلف الوسائل والإمكانات المتوفرة لديهم كالفؤوس والعصي والخناجر وغيرها، مستهدفين المراكز العسكرية والأمنية للاستعمار الفرنسي.
الآثار المترتبة على هجمات الشمال القسنطيني
ترتب على هذه الهجمات قيام الفرنسيين بحملة انتقام واسعة ووحشية ضد المدنيين العزل، شملت القتل الجماعي والحرق والنهب والقصف وانتهاك الأعراض والتمثيل بالبشر وسحق الأسرى المكبلين بالدبابات ودفن الناس أحياءً.
ومع كل ما قدمته هذه الهجمات من تضحيات وخسائر في الأرواح، إلا أنها كانت سببا في تدويل القضية الجزائرية، والتأكيد على الخيار الثوري في التحرر، وإقناع المجتمع الدولي بالوحدة المغاربية ، حيث تم الاعتراف رسمياً بمحمد الخامس سلطاناً على المغرب، وهكذا تكون هذه الهجمات بمثابة مسمار في نعش الاستعمار الفرنسي.