بحث عن علم الفيزياء
علم الفيزياء
يدْرُس علم الفيزياء كلّ ما يرتبط ويتعلق بالمادة، أو تحركاتها، أو طاقتها، أو أيّ شيء آخر يتعلق فيها، ويحاول علم الفيزياء باستمرار دراسة الظَّواهر الطبيعية المختلفة ودراسة مسبّباتها وكيف تؤثر على ما حولها، وصياغة العلاقات الرياضية القادرة على التنبّؤ بسلوكها في محاولة هامّة للسيطرة عليها، ويهتمّ علم الفيزياء بالقياس، وأدوات القياس، ودقّة القياس أيضاً، ممّا يساعد على الوصول إلى كمّيّات دقيقة تُفيد في دراسة مُختلف الظواهر، وهذه الطُّرُق في القياس تُستَعمل عادةً في العديد من العلوم الأخرى؛ على رأسها علوم الكيمياء، والهندسة، والطب، والأحياء، والعديد من العلوم الأخرى.
وتعتمد الفيزياء التي تنتمي للعلوم الطبيعية، على التجارب والقياسات والتحاليل الرياضية لخلق قوانين فيزيائية تتعلق بكل شيء في الكون؛ من الجزيئات متناهية الصغر إلى الكواكب والأنظمة الشمسية والمجرات، كما تبحث الفيزياء في دراسة الحركة، والمادة، والزمان والمكان، وتفاعلات المادة، وتعنى الفيزياء بالطاقة والمادة غير الحية للكون.
تاريخ علم الفيزياء
علم الإنسان منذ القدم مدى دقّة الكون وتنظيمه، فقد كان يُلاحِظ أنَّ الشمس تُشرق كُل يوم، والقمر يظهر في نفس المكان والزمان كُل 27 يوماً، إضافةً إلى المواسِم الأربعة، وهذا كُلّه دفع الإنسان إلى التفكُّر في الكون ومعرفة طبيعته، وقامت بعض الشُّعوب القديمة بربط ذلك التنظيم بالقوة الإلهية، ومن أمثال هذه الشُّعوب هم اليونانيّون القُدماء.
- في القرن الرابع قبل الميلاد، وضع اليونانيّين فرضيّات تُشير إلى أنَّ المادّة تتكوَّن من ذرّات صغيرة جدّاً، وأنَّ كل مادّة تتركَّب من مزيج مُختلف من هذه الذرّات.
- في القرن الثّالث قبل الميلاد، كان أرسطرخس الساموسي هو أوّل من اقترحَ دوران الأرض حول الشمس مرّة كُل سنة؛ وهذا يُناقِض الفكرة المُتعارف عليها آنذاك بكون الشمس هي التي تدور حول الأرض، وحاوَل أيضًا حساب أحجام كلّاً من كوكب الأرض، والقمر، والشَّمس، وكانت توضيحات أرسطو الشّاملة لهذه النظريّات هي الأكثر تقبُّلاً آنذاك؛ فقد أشار لوجود أربعة عناصر أرضيّة؛ هي الأرض، والنار، والماء، والهواء، ولكُلٍّ منها مكانها في الطبيعة الذي يتحدَّد بوزن هذا العنصر.
- في العصور المُظلمة الأوروبيّة (بالإنجليزيّة: Dark Ages)، ومع سقوط الإمبراطوريّة الرومانيّة في القرن الرابع الميلادي، فُقِدَت مُعظم العلوم اليونانيّة، وفي عصر النَّهضة التي بدأت في القرن الرابع عشر والذي أُعيد فيه اكتشاف العلوم العربيّة واليونانيّة؛ ازداد وعي الأوروبيين، وأدركوا أنَّ هناك الكثير من العلوم ما زالت تحتاج إلى اكتشاف.
- كان فرانسيس بيكون الذي عاش ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، وهو أوّل من وضع أُسُس طُرُق الحلّ العلميّة الحديثة، وقد كانت أعماله التي نشرها في عاميّ 1605م و1620م، سبباً رئيسيّاً في تحفيز العلوم على مدى مائتيّ عام، وما زالت مُهمّة حتى العصر الحالي، وقد تبع ذلك العديد من العلماء أصحاب تخصُّصات مُختلفة في العلوم من أمثال إسحاق نيوتن وتوماس نيوكومين، واستمرَّ تطوُّر علوم الفيزياء بعد ذلك، ففي القرن الثامن عشر، كانت بداية اكتشاف وإثبات النظريّات المُتعلّقة بالذرّات.
- أنشأ الإغريق الأوائل القوانين الفيزيائية الكمية الأولى؛ مثل مبادئ العالِم أرخميدس في عمل الرافعات وطفو الأجسام في الماء، لكنهم لم يجروا تجارب واقعية، وظل بعدها علم الفيزياء راكدًا لعدة قرون.
- بحلول القرن السابع عشر؛ ساعد العالم جاليليو جاليلي والعالم إسحاق نيوتن بعده في ريادة علم الفيزياء باستخدام الرياضيات كأداة أساسية فيه، وهذا أدّى إلى التقدم في وصف قوانين الجاذبية الأرضية وقوانين الحركة الثلاثة وحركة الأجرام السماوية.
- طوّر العالِمين فاراداي وماكسويل قوانين الكهرباء والمغناطيسية والموجات الكهروميكانيكية، بينما ساهم علماء الفيزياء الآخرين في تبسيط فهمنا للبصريات والديناميكا الحرارية، وذلك في القرن التاسع عشر الميلادي.
- بدأ تطوّر الفيزياء الحديثة في مطلع القرن العشرين الميلادي، وذلك باكتشاف الأشعة السينية، وفرضية الكم والنسبية، والنشاط الإشعاعي، والنظرية الذرية.
أبرز علماء الفيزياء
إسحاق نيوتن
يعود الفضل لتأسيس علم الفيزياء الحديثة إلى العالم إسحاق نيوتن؛ بفضل مُكتشفاته في القرن السابع عشر، فقد أنهى نيوتن مشروعه على قوانين الحركة الثلاث الشّهيرة التي ما زالت حتى الوقت الحاضر تُدرَّس في الكُتُب الجامعيّة؛ وهذه القوانين هي:
- الجسم الساكن يبقى ساكناً والجسم المتحرك يبقى متحركًا ما لم تؤثِّر بهما قوى ما.
- العلاقة بين التسارُع والقوّة هي؛ (القوّة = الكُتلة × التسارع).
- لكُل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه.
بعد تشجيع من عالم الفلك إدموند هالي؛ أكمل نيوتن دراسته على الجاذبيّة، ونشر كتابه المعروف باسم الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية عام 1687م، الذي اعتبره الكثيرون أعظم كتاب علميّ على الإطلاق.
ألبيرت آينشتاين
ألبيرت آينشتاين هو عالم فيزياء ألماني، ويُعتَبَر الأكثر تأثيراً بين علماء الفيزياء في القرن العشرين، وتعتبر أعماله ذات تأثير كبير في تطوير علم الطاقة النَّوويّة، وقد انجز آينشتاين العديد من الأوراق والبحوثات العلمية، فقد توصَّلَ إلى الظاهرة الكهروضوئيّة، كما أنّه وجد علاقة تُشير إلى إمكانيّة تحويل الجُزيئات الصغيرة للمادّة إلى كمّيّات هائلة من الطّاقة، وهذه العلاقة كانت تلميحًا لتطوُّر علم الطّاقة النوويّة. وفي عام 1915م، أنهى أينشتاين النظريّة النسبيّة، وفي عام 1921م، وحصل على جائزة نوبل للفيزياء، وتُوفّي آينشتاين عام 1955م في ولاية نيو جيرسي الأمريكيّة.
والقائمة التالية تضم أشهر علماء الفيزياء الأخرين:
- جيمس كليرك ماكسويل.
- نيلز بور
- فيرنر هايزنبيرغ
- ريتشارد فاينمان
- بول ديراك
- إرفين شرودنغر
- إرنست رذرفورد
أهميّة علم الفيزياء
يمكن القول أنّ سبب التقدّم الكبير الذي شهدته الحضارة الإنسانيّة في القرون الأخيرة يرجع بشكل أو بآخر إلى علم الفيزياء، خاصّة بعد إيجاد قوانين الحركة للعالم إسحاق نيوتن، وبعد اكتشاف المبادئ التي بُنيت عليها العديد من الأجهزة التي لم يعد الإنسان قادراً على الاستغناء عنها كوسائل الاتصالات،
ويتقاطع كثيرًا علم الفيزياء مع علم الرياضيات ويعد الاثنين توأمًا في العلوم، إذ يجب تحويل معظم الظواهر الطبيعية وسلوكياتها المختلفة إلى معادلات وصِيَغ رياضية هامَّة تخدم حاجة الإنسان والتنبؤ بهذه الظواهر، وبذلك يُستنتج أنَّ الرياضيات والفيزياء لا يمكن أن ينفصلا أبداً.
ويتفرّع علم الفيزياء إلى عدد كبير وهائل من الفروع التي يتخصّص كل واحد منها بمجال معيَّن من المجالات، ولعلَّ أبرز فروع علم الفيزياء؛ الفيزياء الذَّرّيّة، والنَّوويّة، والصوتيّات، والبصريّات، والفيزياء الفلكيّة، وفيزياء الأرض، والديناميكا الحرارية، والعديد من الفروع الأخرى، وقد أسهم عدد كبير من العلماء في هذا المجال المعرفي الهائل على مرّ الإنسانيّة ممّا أوصل علم الفيزياء إلى هذا المستوى الراقي الذي هو عليه في الوقت الحاضر.
تطبيقات في علم الفيزياء
فيما يأتي عرض لبعض التطبيقات في علم الفيزياء:
- الأجهزة الميكانيكية البسيطة: لعل أبسط مثال عليها هي الرافعة؛ التي يمكن من خلالها مشاهدة عمل الفيزياء في حياتنا اليومية، وتتكون الرافعة من نقطة ارتكاز ثابتة تُغيّر من شدّة واتجاه القوة، فتعمل على تضخيم القوة، وتقليل الجهد اللازم لتحريك الجسم على الطرف المقابل.
- الحركة وقوانين نيوتن: مثل العجَلة التي تستخدِم في السيارات والقطار لتوفير حركة سلسة وثابتة، بينما تستخدم قوانين نيوتن للحركة والتسارع والقصور الذاتي في الطائرات عند إقلاعها.
- النسبية والاتصالات الحديثة: يعتمد نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على نظرية النسبية في الفيزياء، ومن دونها لن تتمكن الأقمار صناعية التي تدور حول الأرض من تحديد الموقع بدقة عالية تصل إلى عدة سنتيمترات.
- الفيزياء وعلم الأحياء: ومن استخداماتها تطور العدسات في العديد من عيون الكائنات الحية، ومن دون الفيزياء لن تتمكن الأذن من سماع الأصوات التي تحدث من بسبب حركة جزيئات الهواء.
بدأ تطور علم الفيزياء وتعريفه منذ القدم واستمر عبر القرون المتعاقبة، بفضل الكثير من العلماء أهمهم إسحاق نيوتن وألبرت آينشتاين، ولهذا العلم أهمية كبيرة، فهو يلعب دورًا بارزًا في تقدم الحضارة الإنسانية وله العديد من الاستخدامات والتطبيقات في الحياة العملية اليومية، مثل العجلة المستخدمة في مختلف أنواع المركبات، ونظام التموضع العالمي (GPS).