بحث عن سورة الحجرات
سورة الحجرات وتسميتها
سورة الحجرات هي سورة مدنية، نزلت بعد الهجرة وعدد آياتها ثماني عشرة آية، تقع في الجزء السادس والعشرين من القرآن الكريم، سُميت في جميع المصاحف وكتب التفسير بسورة الحجرات ولم تُسمّى بغيره، وسبب تسميتها بالحجرات؛ لأنّه ذُكر فيها لفظ الحجرات، قال الله -تعالى-:(إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ).
مناسبة سورة الحجرات لما قبلها
الناظر في سورة الحجرات وما قبلها -سورة الفتح- يجد أنهما تناسبا على النحو الآتي:
- ذكرت سورة الحجرات قتال الطائفة الباغية، قال تعالى:(فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّـهِ)، وذكرت سورة الفتح قتال الكافرين، قال الله تعالى:(وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).
- بدأت سورة الحجرات بنداءٍ للمؤمنين، قال الله -تعالى-:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ)، واختتمت سورة الفتح بذكر المؤمنين، قال الله تعالى: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
- تحدثت السورتان الكريمتان عن تشريف النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسورة الحجرات تحدّثت عن آداب التعامل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وسورة الفتح تحدثت عن بشارته بالفتح المبين.
أسباب نزول سورة الحجرات
- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ).
جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة: (أبا بَكْرٍ وعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا؛ رَفَعَا أصْوَاتَهُما عِنْدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حِينَ قَدِمَ عليه رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ)، فنزلت الآية.
- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة: (أنّ الأقرع بن حابس أتى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ: يا محمَّدُ اخرُج إلينا فلم يُجبْهُ، فقالَ: يا محمَّدُ إنَّ حمدي زينٌ وإنَّ ذمِّي شَينٌ فقالَ: ذاكَ اللَّهُ، فأنزلَ اللَّهُ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ)، وقد وردت روايات أخرى في سبب نزولها ولكن الرواية الأصح هي التي قدمناها.
- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)،
جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة: أنّ الحارث بن ضرار الخزاعي -رضي الله عنه- أسلم وأقرّ بتعاليم الإسلام بما فيها الزكاة، وذهب ليدعو قومه للإسلام ويجمع زكاتهم، وينتظر رسول النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي سيأخذ زكاتهم وتم ذلك، فدخل الناس في دين الله -سبحانه وتعالى- وجمعوا زكاتهم وانتظروا الرسول.
ولكن الرسول عندما وصل مشارف ديارهم خاف منهم، وعاد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- واعتقد أنّهم منعوه الزكاة وأرادوا قتله، فبعث لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- جيشاً لقتالهم، فلمّا توضح الأمر وتبيّن كذب الرجل أنزل الله -سبحانه وتعالى- الآية الكريمة.
موضوعات سورة الحجرات
تحدثت السورة عن مجموعة من الموضوعات ونعرض أهمها:
- مجموعة من الآداب مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- التثبّت من الأخبار.
- ما يجب أن يفعله المسلمون عند حدوث نزاع وقتال فيما بين فئاتهم.
- جملة من الآداب التي تجمِّل حياة المسلمين وتحفظ ودّهم.
- التحذير من بقايا صفاة الكفار في نفوس بعض جفاة الأعراب.
الآداب العامة المستفادة من سورة الحجرات
حوت السورة جملة من الآداب العامة، حتّى سماها بعض العلماء بأنّها سورة الأخلاق وهذه بعض تلك الآداب:
- على المسلمين ألا يسبقوا أحكام الله -سبحانه وتعالى-، وألا يصدروا أحكامهم إلا عن أمره -سبحانه وتعالى-.
- حسن التأدّب مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدم رفع الصوت في حضرته، والأدب في مناداته.
- عدم التسرّع في تصديق الأخبار، بل يجب التأكّد من مصدر المعلومات.
- عدم السخرية بين أبناء المجتمع، والتنابز بالألقاب فيما بينهم.
- الابتعاد عن سوء الظن، والتجسس وتتبع عورات الناس.
- التشجيع على التعارف والتعاون بين الناس؛ فأصلهم واحد.