بحث عن خصائص البيئة الساحلية
خصائص البيئة الساحلية
أدّى التداخل الحاصل بين الماء واليابسة عند السواحل إلى وجود عدد من الأنظمة البيئية الساحلية ذات الصفات المميزة، فالتنوع الكبير بين هذه الأنظمة البيئية المختلفة، والانتقال من الموائل الأرضية إلى الموائل البحرية، ومن المياه العذبة إلى المياه البحرية المالحة، أوجد عدداً كبيراً من الموائل الطبيعية المتنوعة، مما جعل البيئات الساحلية تتميز بضمها لأكبر تنوع حاصل بين أنواع الكائنات الحية المختلفة والتي وجدت أمامها خيارات واسعة من النظم البيئية، وكنتيجة لهذه الأعداد الهائلة من أنواع الكائنات الحية ، فإنّ تدفق الطاقة عبر الشبكات الغذائية يُعدّ أمراً معقداً للغاية، وعلى الرغم من تميز كل نظام بيئي ساحلي بعدد من الصفات الفريدة، إلّا أنّها قد تشترك جميعها بعدد من الصفات.
يؤثر كل من التضاريس المحلية والمناخ في المجتمعات البحرية ذات التنوع البيولوجي الكبير والتي تقع ضمن البيئات الساحلية حيث تختلف باختلافها، وتجد العديد من الأسماك، والسلاحف، والطيور المهاجرة في البيئات الساحلية موئلاً مناسباً لها، بسبب كمية الطعام الهائلة المتوفرة والأمن الذي تتمتع به المناطق الساحلية بعيداً عن مخاطر أعماق البحار، كما تمتاز البيئات الساحلية بتوفر كميات كبيرة من أشعة الشمس في أنظمتها، مما يُساعد الأنواع المختلفة على النمو والازدهار، حيث تخترق أشعة الشمس المياه القريبة من السطح العلوي للمحيط، مما يسمح للمغذيات الناتجة عن الأجسام الميتة بالتجمع ودعم الحياة الساحلية.
تستطيع أشعة الشمس أن تخترق المحيط حتى عمق يتراوح بين 50-100م فقط، وهذا يعني أنّ البيئات المزدهرة في الأعلى هي ميزة لا تتوفر في أعماق المحيط، فعندما تغوص المغذيات بعيداً في أعماق المحيط، لا تستفيد منها الكائنات التي تعيش هناك؛ لأنّها لا تتغذى عليها، مما يعني عدم قدرة المغذيات على دعم الكائنات الحية الموجودة في الأعماق، كما تمتاز المجتمعات البحرية بحساسيتها، لأنّها تضطرب بشكل كبير بسبب بعض الأنشطة البشرية، والكوارث الطبيعية ، والأنواع الدخيلة من الكائنات الحية الأخرى.
ومن أبرز الأمثلة على النظم البيئية الساحلية الشُعب المرجانية (بالإنجليزية: Coral Reefs) والتي تُعرَّف على أنّها موائل بحرية سطحية توجد عادة على الأطراف الساحلية من المناطق الاستوائية، وهذه الشُعب بيولوجية المنشأ أيّ أنّها تكوّنت بفعل الكائنات البحرية، ويستغرق الأمر ما يقارب عدة قرون إلى آلاف السنين لتكوين قشرة حديثة حية للشعاب المرجانية من خلال ترسُّب الكائنات المرتبطة بالشعاب كالطحلبيات المرجانية (بالإنجليزية: Coralline Algae)، والمنخربات (بالإنجليزية: Foraminifera) وبقايا هياكل عظمية للكائنات الحية كالرخويات فوق ترسبات كربونات الكالسيوم الموجودة مسبقاً مكوِّنة الشعاب المرجانية الصلبة المعروفة، وتساهم هذه الكائنات في ربط وتدعيم الرواسب الكلسية في الشعاب المرجانية.
العوامل الطبيعية المؤثرة على البيئة الساحلية
تمتاز البيئة الساحلية بطبيعتها المتغيرة، وتأتي هذه التغييرات والتي قد تحدث بشكل سريع كاستجابة للعمليات الطبيعية، مثل: الأمواج، والرياح، والتيارات، والمد والجزر، والعواصف، وهذه هي العوامل الرئيسية المسؤولة عن إعادة تشكيل المناطق الساحلية، ويُطلَق على نواتج أفعال وتفاعلات العمليات الطبيعية على حواف الشواطئ وبالقرب منها مسمى العمليات الساحلية (بالإنجليزية: Coastal Processes)، وتشمل عمليات التعرية، والترسيب، وحركة الكثبان الرملية، والانجرافات الشاطئية، وتأثيرات العواصف على السواحل.، وفيما يأتي توضيح للعوامل الطبيعية الرئيسية المؤثرة على البيئات الساحلية بشكل مفصل:
الأمواج
تُعدّ الأمواج هي المسؤول الأول والمباشر عن تآكل السواحل، وتوصف العلاقة بين طاقة الموجة ومقدار التآكل بأنّها طردية، أي أنّه كلما زادت طاقة الموجة كان مقدار تآكل الشاطئ كبيراً، وهناك ثلاثة عوامل رئيسية تتحكم في طاقة الموجة، وهي سرعة الرياح التي تمر فوق سطح الماء الذي ستتولد منه الموجة، ومدى الريح (بالإنجليزية: The Length of Fetch) ويُقصد به المسافة التي قطعتها الرياح المارة فوق الماء، والعامل الثالث هو الوقت المستغرق لهبوب الرياح فوق سطح الماء.
التيارات المائية
تنشأ التيارات المائية بالقرب من السواحل بسبب الرياح، أو الأمواج، أو المد والجزر، أو تدفق الأنهار، وقد تحمل معها كميات كبيرة من الرمال والتي قد تغيّر الشكل الذي تتخذه الشواطئ الرملية، وتتكون التيارات البحرية الطويلة (بالإنجليزية: Longshore Currents) عندما تصل الأمواج إلى الشاطئ بحيث تميل بزاوية مائلة قليلاً، وتعمل الموجة على سحب الرمال نحو البحر في حركتها العكسية، ومن ثمّ رفعه إلى الأعلى قليلاً بواسطة الموجة التي تأتي بعدها، وينتج عن ذلك نمط متعرج من الرمال على طول الشاطئ، وقد تتسبب الأمواج بتحريك الرمال والتيارات باتجاه واحد فيما يُعرَف باسم الانجراف الشاطئي (بالإنجليزية: Longshore Drift)، وينتج عنه تجمع الرمال على بعض الأجسام الصلبة كحواجز المياه (بالإنجليزية: Groyne)، أو تشّكل ما يُعرَف باللسان الرملي (بالإنجليزية: Spit) عند مصبات الأنهار.
المد والجزر
عادة ما تحدث ظاهرة المد والجزر عند ولادة قمر جديد وعند اكتماله، أي كل 14 يوماً حسب الأشهر القمرية، ويلعب المد والجزر دوراً غير مباشر في نقل وإعادة تشكيل المناطق الساحلية الرملية، فقد تؤدي موجات المد والجزر إلى تكون تيارات المد والجزر المسؤولة عن نقل الرمال، كما تلعب هذه الظاهرة دوراً مهماً عند مصبات الأنهار الساحلية، فقد تغمر الموجات البحرية المناطق المنخفضة بشكل منتظم، مما يؤدي إلى تعزيز موائل المستنقعات المالحة والأراضي الرطبة، وتُعدّ هاتان البيئتان من أهمّ مرشحات المياه ومواطن حضانة الأسماك.
التآكل وانحسار السواحل
يُعرَّف التآكل (بالإنجليزية: Erosion) على أنّه عملية إزالة الغطاء الرملي من على اليابسة أو الشاطئ، أو إزالة الكثبان الرملية بعيداً بفعل موجات المياه، أو تيارات المد والجزر، أو تيارات الأمواج، أو بفعل الرياح، أو عمليات تصريف المياه، وقد يؤدي التآكل إلى فقدان السواحل لغطائها المكون من الرمل والرواسب الأخرى أو حتى الصخور، وفي بعض الأحيان قد يؤدي ذلك إلى إعادة تشكيل مؤقتة لهيئة الساحل الرملية، بينما يُعرَّف انحسار الساحل (بالإنجليزية: Recession) على أنّه فعل مستمر من عمليات التعرية مع انعدام أيّ وجود لرواسب جديدة، مما يؤدي إلى انحسار الخط الساحلي عن الشاطئ، ويزداد معدل التآكل الساحلي وانحسار الشاطئ في العديد من المناطق الساحلية بسبب تكوُّن العواصف المتكررة والشديدة الناتجة عن ارتفاع مستوى سطح البحر والتغيّر المناخي.
الرياح
تتفوق الرياح على المد والجزر في عملية تشكيل الكثبان الرملية، إذ تجمع الرياح حبيبات الرمال المترسبة بفعل بالأمواج، وتحملها معها في رحلتها إلى اليابسة، بعدها تصطدم في طريقها بالنباتات وغيرها من العوائق، ومما يُبطئ حركة الرياح ، وبالتالي تسقط حبيبات الرمال، وتُصبح محاصرة بين النباتات، عندها تتشكّل الكثبان الرملية، من جانب آخر قد تعمل الرياح على تآكل الكثبان الرملية، وإنهاء تجمعها عندما تصبح النباتات غير موجودة أو ضعيفة فتنقل الرياح الرمال من مكان إلى آخر.
الأعاصير
تمتلك الأعاصير القدرة على تغيير أنظمة الشاطئ والكثبان الرملية بشكل كبير وخلال فترة زمنية قصيرة، فالعواصف تُنتج كمية هائلة من الطاقة وموجات ذات ارتفاع عالٍ بإمكانها أن تشارك في عملية تآكل الشواطئ والكثبان التي تقع خلفها، وغالباً ما يستغرق الأمر سنوات عديدة قبل استعادة الكثبان الرملية لشكلها الأصلي، وقد يتطلب الأمر في بعض الأحيان تدخلاً بشرياً لإصلاح الوضع في حال كانت السلامة العامة في موضع تهديد، وقد تواجه الشواطئ أحياناً خلال فترات قوية من العواصف انجرافاً على كامل طولها، فقد تنقل ما يقارب من 90% من رمالها خلال أسبوعين فقط، ومن المحتمل أن تشهد المناطق الساحلية عاصفة مدمرة أو سلسلة من العواصف المدمرة مرة كل 20 سنة.
معدل الترسيب
يُشير مصطلح معدل الترسيب إلى الفرق بين الرواسب المضافة وتلك المُزالة من نظام الساحل الرملي خلال العمليات الساحلية، وعند إضافة الرواسب إلى الشاطئ بمعدل أكبر من تلك المتحركة أو المنقولة، ستبدأ الرواسب بالتراكم على الساحل مُتقدمة باتجاه البحر، وفي حال كانت الرواسب المتحركة أكثر من تلك المُضافة فإنّ التآكل سيصيب الساحل، ويؤثر معدل الترسيب للرمال والرواسب في النشاط البشري على السواحل، فقد تتراكم الرواسب في مناطق غير مرغوب بها كقنوات الأنهار، في حين أنّها ستقل من أماكن تُشكِّل تضاريس رملية مهمة على الشواطئ، لذا لا بدّ من فهم العمليات الساحلية بشكل جيد، حتى لا يؤدي تآكل الشاطئ إلى مجموعة من التغيّرات غير المرغوب بها في البيئة الساحلية.
وللتعرف أكثر على معلومات حول البيئة يمكنك قراءة مقال تعريف البيئة ومقال موضوع عن البيئة
البيئة الساحلية
يُعرَّف النظام البيئي (بالإنجليزية: Ecosystem) على أنّه مجموعة من العناصر الحية وغير الحية المترابطة والمتفاعلة مع بعضها البعض بشكل مستمر، لذا تمتاز الأنظمة البيئية بأنّها أنظمة ذات تركيب مُعقد، وأيّ تغيير يحصل في أحد عناصر البيئة يعني تغييراً في النظام بأكمله، إمّا بطريقة جيدة أو سيئة، وهناك صور عديدة للأنظمة البيئية، منها الأنظمة البيئية الساحلية (بالإنجليزية: Coastal Areas)، والتي تَصف المناطق التي تلتقي فيها اليابسة مع الماء لتُشكل بيئة مميزة ذات تنوع حيوي كبير مليء بالطاقة، وتتألف البيئة الساحلية من عناصر عديدة، كالمستنقعات المالحة، وأشجار الأيكة الساحلية (بالإنجليزية: Mangrove)، والأراضي الرطبة، ومصبات الأنهار، والخُلجان ، وتُشكل هذه العناصر غير الحية مأوىً لأنواع مختلفة من النباتات والحيوانات.
ولمعرفة مزيد من المعلومات حول عناصر الوسط البيئي يمكنك قراءة مقال عناصر الوسط البيئي
ونظراً إلى أنّ المناطق الساحلية تتألف من تفاعل اليابسة مع الماء، فإنّ المختصين بشكل عام لم يتفقوا على تعريف واحد لهذه المناطق، فالبعض يرى أنّ المناطق الساحلية هي ذلك الجزء من اليابسة والمتأثر بقربه من البحر، ويرى البعض الآخر بأنّها ذلك الجزء من المحيط والمتأثر بقربه من اليابسة، إجمالاً يُمكن تصنيف البيئات الساحلية حول العالم إلى أربع فئات رئيسية اعتماداً على صفاتها الفيزيائية بعيداً عن سماتها البيولوجية، هي:
- النطاق الشاطئي أو النطاق الساحلي: (بالإنجليزية: Near-shore Terrestrial Environment)، وهي المناطق البرية القريبة من الشاطئ، ومن الأمثلة عليها الكثبان الرملية، والجروف البحرية، والشواطئ الرملية، والصخرية، والموائل الساحلية الجافة، والمناظر الطبيعية الزراعية، والحضرية، والصناعية.
- البحر الوحلي: (بالإنجليزية: Intertidal Environment)، وهو منطقة المد والجزر، ومن الأمثلة عليها مصبات الأنهار، والدلتا، والبُحَيْرات الشاطِئَة أو اللاجون، وغابات الأيكة الساحلية، والسهول الطينية، والمستنقعات المالحة، والأراضي الرطبة الساحلية، والمراسي، والموانئ، ومناطق الاستزراع المائي.
- النطاق القاعي أو نطاق القاع أو المنطقة القاعية: (بالإنجليزية: Benthic Environment)، ومن الأمثلة عليها غابات أعشاب البحار، ومروج الأعشاب البحرية أو النجيل البحري، والشعاب المرجانية، وبيئات قاع البحر فوق مناطق الجرف القاري، والشعاب الاصطناعية.
- منطقة البحر المفتوح: (بالإنجليزية: Pelagic Environment)، ومن الأمثلة عليها البحر المفتوح فوق الجرف القاري، ومزارع الأسماك مثل مناطق إزهار ونموّ العوالق، ومناطق الكائنات الحية الطائفة، ومناطق تكاثر أسماك الرنجة البحرية.
ولمعرفة مزيد من المعلومات حول التنوع البيئي والأوساط المائية يمكنك قراءة مقال تنوع الأوساط البيئية