بحث عن القدوة الحسنة
تعريف القدوة الحسنة
تعرف القدوة في اللغة له عدَّة معانٍ منها ما يأتي:
- التقدُّم على الاخرين.
- متابعة الغير.
- إذا شَممت الرائحة الطيِّبة تُمسِي قدوةً، وهكذا من كان طيِّباً في سُمعته يُتابَع في فعله.
- الأسوة، وما يُمتثَل به.
وتعرف القدوة في الاصطلاح: اتّخاذ الغير مِثالاً لنا، واتِّباعا له، فإن كانت المتابعة في الخير، فهو المثال الحسن والقدوة الحسنة، وإن كانت المتابعة في الشرِّ فهو مثال السوء و القدوة السيئة .
أصول القدوة الحسنة
يتصدَّر في المجتمعات بين الحين والآخر من يقتدي به الناس، مع أنَّه في ميزان الشرع لا يصلح أن يكون قدوةً للناس؛ حيث إنَّ القدوة التي أُمرنا باتباعها والتَّمثُّل بها، لها أصولٌ شرعيةٌ، يجب أن تكون هذه الأصول مُتمثِّلةً مجسدةٌ فيما يفعل، وإلاَّ فلا يُقتدى به أبداً.
أمّا أصول القدوة الحسنة فهي كما يأتي:
الصلاح
أمر الله -تعالى- الخَلق جميعاً بالاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنّه جمع كلَّ الخصال الحميدة، وليس به خصلة قبيحة، قال -تعالى-: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، فالقدوة في الإسلام هي شخصٌ يتابعه الناس في أقواله وأفعاله.
ولا يكون القدوة من أهل الصلاح إلاّ إذا تحقَّق به ما يأتي:
- الإيمان
فلا يُقتدى بمن فسدت عقيدته، ولا يَصحُّ أن يتقدَّم الناس؛ لأنّه سيحرف عقائد الناس ويَضلُّهم.
- العبادة
فمن صَلُحَت عبادته، وكانت على الكتاب والسُّنة، اتّخذه الناس قدوةً لهم، وإن كانت عبادته فيها تشدُّد أو تساهلٌ؛ وِفق هواه فلا يصحّ أن يكون قدوة.
- الإخلاص
إنّ الغاية من مُتابعة القدوة هي أن يوصل الخلق إلى الله -تعالى-، والإخلاص شرطٌ لقبول العمل ، فإن كان غير مُخلصٍ لله أضَّل الخلق في أفعاله.
حسن الخلق
يُعًدُّ الخُلق الحسن هو التطبيقُ العمليُّ لما في قلب المسلم، والخُلق الحسن هو الذي يؤثِّر في الناس، ويسعى الناس إلى تقليده، فمن حَسُن خلقه، صحَّ أن يكون قدوةً للناس، ومن فقد هذا الأصل فلا يصحُّ أن يتَّخذه الناس لهم قدوة ومثالاً يُحتذى به.
ومن أمثلة الخلق الحسن ما يأتي:
- الحكمة في القول والفعل.
- الصبر، والحِلْم، والتأني، في سائر سلوكياته.
- الصدق في ما بينه وبين ربه وفي ما بينه وبين الناس.
- العفو والصفح والتجاوز.
موافقة القول للعمل
يقول الله -تعالى- مُقرِّعاً من خالف قوله عمله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.
وتُعتبر مخالفة القول للعمل من القدوة، هي من أسباب انتكاس الناس، حين يَرون أنَّهم يقلدون إنساناً لا يفعل ما يقول، مع قدرته على ذلك، فهم يريدون صدقاً في القول واستقامةً في العمل، فالناس يتأثرون بالعمل أسرع من تأثرهم بالأقوال الكثيرة.
ومن كان قدوةً للناس، فعليه أن يطابق قوله عمله، وإلاَّ كانت عنده صفةٌ من صفات المنافقين ؛ لقوله -تعالى- عنهم: ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ﴾.
فوائد القدوة الحسنة
القدوة الحسنة لها أثرٌ في كثيرٍ من أعمال المسلم، وإن التزم المسلم باتِّباعها، حقَّق فوائد كثيرة منها ما يأتي:
- بأنّه يكون مُتَّبِعاً لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هو القدوة الأولى للمسلمين.
- القدوة الحسنة ترشد المسلم إلى الوسطية، فلا يتشدَّد ولا يتراخى في عباداته.
- يصبح المسلم قدوةً لغيره؛ بحسن سلوكه، وينال الأجر والثواب كلَّما اقتدى به الناس.
- الاقتداء بالصالحين سببٌ لحشر المسلم معهم يوم القيامة، فقد قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ ولَمَّا يَلْحَقْ بهِمْ؟ قالَ: المَرْءُ مع مَن أحَبَّ).