فضل بر الوالدين وثمرات ذلك في الدنيا والآخرة
فضل وثمرات بر الوالدين في الدنيا والآخرة
يحصد المسلم ثمار برّ الوالدين في الدنيا قبل الآخرة، وإن كان أجر الآخرة أعظم، ومن أهم فضائل بر الوالدين على البارّ في الدنيا والآخرة:
- يعلو شأنه في الدنيا، ويطيب ذكره بين الناس.
- ويبارك الله له في عمره ورزقه، ويرزقه التّوفيق في حياته.
- تكفّر سيّئاته، وتضاعف حسناته، وينال رضا ربّه، ويدخله الله الجنّة بإذنه، وينجيه من النار، فرضا الله -تعالى- من رضا الوالدين، وبهما ينال العبد أجر الجهاد في سبيل الله، ففي الحديث الشريف عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: (أَقْبَلَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: أُبَايِعُكَ علَى الهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ، قالَ: فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا)،
- وهذا دليلٌ على أنّ إذن الوالدين شرطٌ لصحّة الجهاد، وأن القيام بشؤونهما وطاعتهما نوعٌ من الجهاد في سبيل الله.
- برّ الوالدين في المرتبة الثانية في الأهميّة بعد الصّلاة ، ثم جعل الجهاد بعده في الفضل، وهذا الترتيب دليلٌ على أهميّة هذه العبادة العظيمة.
- ففي الحديث الشريف عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ ، قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي)،
- بر الوالدين من كمال الإيمان، وهو من أحبّ الأعمال إلى الله -سبحانه-، وسببٌ في انشراح الصدر والنّور التامّ في الدنيا والآخرة.
- البرّ سببٌ لمغفرة الذنوب، للحديث الذي رواه ابن عمر -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رجلًا أتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أصَبتُ ذنبًا عظيمًا فَهَل لي مِن تَوبةٍ قالَ هل لَكَ مِن أمٍّ؟ قالَ: لا، قالَ : هل لَكَ من خالةٍ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فبِرَّها).،
- بالبرّ يُبارك الله -تعالى- للإنسان برزقه وعمره، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ سَرَّه أنْ يُعظِمَ اللهُ رِزْقَه، وأنْ يَمُدَّ في أجَلِه، فَليَصِلْ رَحِمَه)، والوالدان من الأرحام.
- وبالبرّ يفرّج الله كربة العبد ويقبل دعاءه؛ كما ورد في القصّة المشهورة للثلاثة الذين حُبسوا بالغار بسبب صخرةٍ ضخمةٍ سدّت عليهم الطريق، فكان دعاء الرّجل البارّ بوالدته سببٌ لانفراج هذه الصّخرة عن الغار وخروجهم منها، وبالبرّ يصلح الله -تعالى- للعبد في ذريّته، ويسبغ عليه صفةً من صفات الأنبياء -عليهم السلام-؛ قال -تعالى- واصفاً يحيى -عليه السلام-: (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا).
كيفية الإحسان إلى الوالدين
الإحسان إلى الوالدين يكون بإحدى خصلتين، هما:
- برّهما باللّسان
ويكون ذلك بالقول الكريم الطيّب، وتجنّب القول الذي لا يليق بحقّهما، وتجنّب التّعرّض لهما بالسبّ أو الشّتم، فيناديهما الابن بأحبّ الأسماء إلى قلبيهما، ولا يتكلّم بحضورهما إلّا عن علمٍ أو حاجةٍ، وإن كان معهما فعليه الحديث بأدبٍ ولينٍ وخشوعٍ.
وهو أمر الله -سبحانه- لعباده، قال -تعالى-: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).
- برّهما بالعمل والجوارح
ويكون ذلك بطول صحبتهما وملازمتهما، والإنفاق عليهما، وتيسير أمورهما، والقيام على شؤونهما، فلا يجوز للولد أن يخرج مسافراً إلّا بإذنهما، ومن طاعتهما بالجوارج إطعامهما، وإسكانهما، وقضاء حاجتهما.
ومن صور برّ الابن لوالديه؛ شكرهما على إحسانهما له، وبرّ خاصّتهما من الناس والإحسان لهم، والترحّم عليهما بعد وفاة أحدهما أو كلاهما، حيث يستمرّ برّ العبد لوالديه حتى بعد موتهما، وذلك بالدعاء والاستغفار لهما على الدّوام، لقوله -تعالى- على لسان نوح -عليه السلام-: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له).
مكانة بر الوالدين
برّ الوالدين هو إحسان الأبناء لأبويهم قولاً وفعلاً، بإحسان العشرة معهما وطاعتها بقدر الاستطاعة إلا في معصيةٍ، وهذا البرّ من أعظم القربات لله -تعالى-، وسببٌ من أسباب دخول الجنّة ، وكسب رضا الله -تعالى- على العبد، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سأله أحد الصحابة -رضي الله عنهم-: (يا نَبِيَّ اللهِ، أيُّ الأعْمالِ أقْرَبُ إلى الجَنَّةِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى مَواقِيتِها، قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: برُّ الوالِدَيْنِ، قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ).