بحث عن العشر الأواخر من رمضان
مفهوم العشر الأواخر من رمضان
أطلق الفقهاء لفظ العشر الأواخر من شهر رمضان على اللّيلة الواحدة والعشرين من الشهر، وتستمر هذه العشرة إلى نهاية رمضان كاملاً إذا كان ثلاين يوماً، وعليه فإنّها بالفعل عشرة أيام، وإذا كان الشهر تسع وعشرين يوماً فإنّها تسع ليالٍ، وقد أطلق عليها في هذه الحالة عشر من باب التغليب، وهي اسم للأيام بلياليهنّ، قال -تعالى-: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ).
الأمور المستحبة في العشر الأواخر من رمضان
يُستحب في العشر الأواخر من رمضان العديد من الطاعات، نذكر بعضها فيما يأتي:
- يُستحبّ الإكثار من الطاعات عامة في العشر الأواخر من رمضان مثل؛ قيام اللّيل والإكثار من الصّدقات، وتلاوة القرآن ومُدارسته؛ وذلك بأن يقوم المسلم بقراءة القرآن على مسلمٍ آخر.
ويستمع لتلاوة غيره والإكثار من أعمال الخير اقتداءً برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كما روت عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).
- يُستحبّ للرجل أن يُوسّع على أهل بيته ممّا أوسع الله عليه، ويُحسن إلى جيرانه ويصل رحمه.
- يتأكد الاعتكاف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، ويُستحب كذلك أن يبدأ الاعتكاف من قبل أذان المغرب ليلة الحادي والعشرين ويبقى في المسجد إلى ليلة العيد بعد أن يبيتها ويصلي العيد.
وذلك كما فعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وقد ثبت عن أمّ المؤمنين عائشة -رضيَ الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ).
- قيام ليلة القدر الواقعة في هذه العشر، والأحرى أنّها في اللّيالي الفرديّة منها، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبْقَى، في خَامِسَةٍ تَبْقَى).
فضل العشر الأواخر من رمضان
تفضّل الله على عباده بالعشر الأواخر من رمضان بما جعل لهم فيها من الأجر العظيم والثواب الجزيل، ففيها تجتمع العديد من الطاعات البدنيّة والقلبيّة، وما فيها من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
فضل ليلة القدر
فضّل الله أمّة سيدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- على جميع الأمم بأنّه أرسل إليها خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمّد، وأنزل عليهم القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد جعل نزول القرآن الكريم في ليلة القدر من العشر الأواخر من شهر رمضان.
هذه الليلة التي جعل الله العبادة فيها خير من ألف شهرالمقدّرة تقريباً بثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر، قال -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، ويعود سبب تسميتها لعظيم قدرها وفضلها، ولما يكون فيها من تقدير مقادير الخلق وأرزاقهم آجالهم.
فضل الاعتكاف في العشر الأواخر
حرص رسول الله على الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان في كلِّ عام، ولشدة حرصه -صلّى الله عليه وسلّم- عليه فقد كان يقضيه إذا فاته.
وجاء عن أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- فقال: (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يعتَكفُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ فلم يعتَكف عامًا فلمَّا كانَ في العامِ المقبلِ اعتَكفَ عشرينَ)، ويهدف الاعتكاف إلى التماس ليلة القدر ورجاءً من المسلم أن يكون قد قامها ونال فضلها الذي لا يعادله فضل.
أقسام الناس في إحياء العشر الأواخر
ينقسم النّاس في إحياء العشر الأواخر إلى أربعة أقسام على النحو الآتي:
- الإحياء بالعبادات
كالصّلاة، وقراءة القرآن، وطول القيام في الصلاة والإكثار من الآيات في القيام كما كان يفعل رسول الله والصحابة، والسلف الصالح من بعدهم.
- الإحياء في التجارة والكسب
وهذه الفئة نالوا الربح الدنيوي، وفاتهم الربح الكبير في الآخرة.
- الإحياء في اللّهو واللّعب
وهذه الفئة هي الغالبة، حيث يجتمع النّاس يلهون ويضحكون، وربما تجاوز الأمر بهم إلى الغيبة والنميمة، ولا يذكرون الله في مجالسهم، فلم نالوا الربح الأخروي كما نالت الفئة الأولى، ولا الربح الدنيوي كما نالت الفئة الثانية.
- الإحياء في ارتكاب الصغائر والكبائر من المعاصي
وما يُرافقها من الذنوب والمعاصي، كالنّظر إلى النّساء وشرب الخمر، والاستماع إلى آلات المجون، فهؤلاء إضافة إلى أنّهم حُرموا من الأجر فقد ارتكبوا إثماً كبيراً.