بحث عن الشيخ الطاهر بن عاشور
اسمه ونسبه
إنّ اسم الشيخ الطاهر بن عاشور هو محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، وهو من عائلة عاشور إحدى العوائل التي يرجع نسبها إلى الأندلس وقد كانوا من أشرافها.
وجدّ الشيخ الطاهر لأبيه هو محمد الطاهر بن عاشور الذي كان قاضياً للحضرة التونسية، وجدّه لأمّه هو العلّامة الوزير محمد العزيز بو عتور.
مولده ونشأته
ولد الشيخ الطاهر بن عاشور في تونس في قصر جدّه لأمه في المرسى، وكانت تاريخ ولاته في شهر جمادى الأولى سنة 1296 للهجرة، الموافق لشهر سبتمبر سنة 1879 للميلاد، وقد نشأ وتربى على الأخلاق الحميدة وعلى تعلّم القرآن الكريم ودراسته حتّى أتقنه حفظاً.
كما أنّ الشيخ قد كانت حياته حافلة بالإنجازات والترقّي في الدرجات العلمية والإدارية، حيث عمل مُدرساً وقاضياً ومُفتياً للمذهب المالكي ، وحاز على شهادة التطويع ونال لقب "شيخ الإسلام المالكي"، وقد ساعده على ذلك ذكاؤه الفائق، وألمعيته الوقّادة.
سيرته العلمية
كانت مسيرة الشيخ الطاهر بن عاشور العلميّة مسيرة غنية بمحطات التفوّق والتميّز والنبوغ، وفيما يأتي سردٌ لشيءٍ ممّا كانت عليه مسيرة هذا الشيخ ورحلته العلمية:
التحاقه بالجامع الأعظم
التحق الشيخ الطاهر بن عاشور سنة 1310 للهجرة بالجامع الأعظم؛ وهو جامع الزيتونة طلباً للمزيد من العلم، حيث كان الجامع الأعظم بمثابة معهد يَتم فيه تدريس مواد متنوعة ما بين علوم المقاصد وعلوم الوسائل.
وقد درس الشيخ في الجامع علوم النحو والصرف والبلاغة والمنطق، ودرس علم التفسير والقراءات ودرس الحديث وعلومه، بالإضافة إلى علوم العقيدة والكلام والفقه وأصول الفقه والفرائض.
وقد كان الشيخ عمر ابن الشيخ هو الذي عمل على توجيه الشيخ ابن عاشور أثناء دراسته وهو الذي كان يختار له الشيوخ الذين يدرس عندهم.
وقد كان من نظام الدراسة في الجامع الأعظم أن يتم توزيع المادة الواحدة على أكثر من شيخ إمّا لأهميتها وإمّا لطولها، ولأجل أن يضمنوا أنهم قد ختموا المواد والكتب.
شيوخ الطاهر بن عاشور
درس الشيخ الطاهر بن عاشور على أيدي علماء كبار، فيما يأتي ذكرٌ لبعضهم:
- الشيخ عبد القادر التميمي
درس على يديه علم القراءات وتجويد القرآن الكريم.
- الشيخ محمد النخلي
درس على يديه مجموعة من الكتب ومنها مقدمة الإعراب في النحو ومختصر السعد في البلاغة، والتهذيب في المنطق، وتخرّج على يديه في أصول الفقه حيث درس شرح الحطّاب على متن الورقات، والتنقيح للقرافي، ودرس على يديه كتاب كفاية الطالب على الرسالة في الفقه المالكي، وغير ذلك من الكتب.
- الشيخ محمد صالح الشريف
درس على يديه السلم في المنطق، والقطر لابن هشام، والمكودي على الخلاصة في النحو، بالإضافة إلى كتب وعلوم أخرى.
- الشيخ عمر ابن عاشور
- درس على يديه لامية الأفعال وشروحها في الصرف، والدردير في الفقه، والدرّة في الفرائض، وغير ذلك.
- الشيخ محمد النجار الشريف
درس على يديه البيقونية في مصطلح الحديث المواقف في علوم الكلام، وكتب أخرى.
- الشيخ محمد طاهر جعفر
درس على يديه شرح المحلّي على جمع الجوامع في أصول الفقه، وشرح الشهاب الخفاجي على الشفاء للقاضي عياض في السيرة النبوية.
عمله في التدريس
تنقّل الشيخ الطاهر بن عاشور في مراتب التدريس وترقّى فيها، وفيما يأتي بيان لبعض هذه المراتب وأماكنها وتواريخها:
- في عام 1320 للهجرة تولّى مهام التعليم بصفة رسمية في جامع الزيتونة.
- في عام 1321 للهجرة انتدب للتدريس في المدرسة الصادقية، وبقي فيها حتّى عام 1351.
- في سنة 1324 شارك في مناظرة التدريس للطبقة الأولى في جامع الزيتونة، وكان موضوعه بيع الخيار في الفقه .
وقد درّس الشيخ الطاهر مجموعة من الكتب التي تُعدّ من أمهات الكتب وأصولها، فيما يأتي ذكر بعضها:
- الشرح المطوّل للتفتازاني.
- كتاب دلائل الإعجاز للجرجاني في البلاغة.
- شرح المحلّي لجمع الجوامع للسُّبكي في أصول الفقه.
- مقدمة ابن خلدون.
- ديوان الحماسة لأبي تمّام.
- موطّأ الإمام مالك في الحديث.
- تفسير البيضاوي بحاشية الشهاب.
كما تخرّج على يديه أجيالٌ كثيرةٌ من العلماء وطلّاب العلم الذين كانوا يجلسون ويحتشدون حوله في حلقته في جامع الزيتونة كانوا ينهلون من علمه ومتعلّمين من أدبه وحُسن تفكيره ومن عطائه.
التحرير والتنوير: تفسير للطاهر بن عاشور
يعدّ الطاهر بن عاشور من كبار المفسرين في العصر الحديث، وقد استمر في تأليف تفسيره المُسمّى "التحرير والتنوير" والذي يُعرف أيضاً بتفسير ابن عاشور، قرابة خمسين عاماً.
ويعد تفسيره تفسيراً بلاغياً؛ حيث اهتّم فيه ابن عاشور بالدقائق البلاغية للقرآن ، وذكر فيه بعض الحقائق العلمية دون توسّع ومزيد إسهاب.
وقد احتوى التفسير على خلاصة أفكاره الاجتهادية والتجديدية، وأشار في مقدّمة التفسير إلى أنّه يقف موقف الحكم بين طوائف المفسّرين، فمرّةً لهم ومرّةً عليها.
ومن أقواله: "الاقتصار على الحديث المعاد في التفسير هو تعطيل لفيض القرآن الكريم الذي ما له من نفاد"، ووصف تفسيره بأنّه: "احتوى أحسن ما في التفاسير، وأن فيه أحسن مما في التفاسير".