بحث عن الزيادة السكانية
الزيادة السكانيّة
ظهرت مشكلة عالمية مُلحّة في أوائل القرن العشرين حتّى وقتنا الحاضر تُشير إلى زيادة غير منتظمة ومدروسة في عدد السكان، حيث كشف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الUNDP عن فروقات غير منطقيّة بين عدد المواليد ومعدلات السكان بين مناطق العالم، ويرافق هذه الفروقات عدم عدالة في في توزيع الموارد العالمية، حيث يتركز الحظ الأوفر من الثروات والمعارف وسبل الإنتاج في يد فئة قليلة من الشعوب بينما تعاني الشعوب الأخرى من زيادة كبيرة في عدد السكان يرافقها فقر شديد ومدقع، ونظراً لخطورة هذه القضية سنقوم بطرح موضوع الزيادة السكانيّة من حيث المفهوم والأسباب بشكل مفصل في هذا المقال.
مفهوم الزيادة السكانيّة
يُطلق عليها أيضاً اسم الزيادة الديمغرافية، وتتمثل في الزيادة الكبيرة في معدل أعداد السكان في منطقة ما، بحيث يزيد عدد المواليد الجدد في الوقت الذي ينخفض فيه عدد الوفيات بشكل كبير، وتكون هذه الزيادة السكانيّة في ظلّ ثبات الموارد المتاحة، ممّا يؤدّي إلى حدوث ضغط كبير على هذه الموارد ويرافق ذلك العديد من الآثار الاقتصاديّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة كما ويؤثّر بشكل مباشر على مستوى الحياة والخدمات في المناطق التي تشهد هذه الزيادة.
الآثار السلبية المترتبة على الزيادة السكانيّة
يترتب على الزيادة السكانية مجموعة من الآثار السلبية التي يتأثّر بها الآتي:
التنمية المجتمعيّة
إنّ التأثيرات السلبية التي يسببها التزايد الكبير في عدد السكان على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تقف عائقاً في تنمية المجتمع وازدهاره وذلك بسبب تأثيرها على إمكانية زيادة دخل الفرد الذي يقلل من نسب الادخار المرغوب به لغرض الاستثمار، كما يؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في نفقات تقديم الخدمات الأساسية للأفراد في قطاعات الصحة والتعليم والمواصلات وغيرها وهو الأمر الذي يعدّ استنزافاً لموارد الدولة وحائلاً بينها وبين التقدّم المجتمعي، بالإضافة إلى ما يسببه هذا التضخم من نقص في فرص العمل والبطالة المسببة للعديد من الآفات.
المشكلات الاجتماعية
يؤثر التضخم السكاني الكبير على استقرار المجتمع بشكل عام، حيث تتناسب المشكلات الاجتماعية التي تظهر في مجتمع ما مع عدد السكان فيه طردياً، فيُرى في المجتمعات الكبيرة العديد من الجرائم والجُنح ومشكلات السكن والتفكك الأسري وغيرها، فيما يُنظر للأفراد هذه المجتمعات على أنّهم أعداد فقط مما يقلل من فرصهم في تحقيق عدالة اجتماعية تضمن لهم الاستقرار والأمان النفسي كما يجب.
تلوّث البيئة
يرتبط التلوّث البيئي الذي يشهده العالم اليوم بشكل أساسي بازدياد عدد سكان البلدان، فمظاهر ازدحام المدن وتعقد الحياة الصناعية بمظاهرها المختلفة المتمثّلة بالتصنيع وتصريف العوادم وانبعاث الغازات الضارة في الجو، بالإضافة إلى ما تسببه الحياة الاجتماعية بتنقلاتها واستخدام وسائل النقل المتعددة تتسبب بخطر بيئي كبير على البشريّة يدعو العالم باستمرار للالتفات وإيجاد حلول بيئية مناسبة تمنع أو تحدّ من هذه التأثيرات.
الأمن الغذائي والموارد الأخرى
يُعرّف الأمن الغذائي بأنّه توفّر الغذاء الكافي والمتوازن للفرد في كل الأوقات، مما يعني ارتباطه بالإمدادات الغذائية المختلفة بشكل رئيسي، فيما حددت منظمة الأمم المتتحدة للأغذية والزراعة ركائز أربعة أساسية يقوم عليها الأمن الغذائي وهي: التوافر، والقدرة على الحصول على الغذاء، والاستخدام، والاستقرار، وهي الأمور التي تتأثر بشكل أساسي وعكسي بعدد السكان وإمكانية تحقق هذه الركائز في حالات التضخم السكاني لا سيما في حالات الحروب والنزعات والطوارئ، حيث تعتبر هذه ظروفاً تزيد من أعداد مَن يعانون من الجوع المزمن وسوء التغذية وما يتعلّق بذلك من أمراض، يُضاف إلى ذلك نقص الموارد الأخرى مثل الماء والدواء وغيرها من الضروريات التي تتأثر بهذه الزيادة بشكل مشابه لما سبق.
أسباب الزيادة السكانيّة
- تحسّن وتطوّر الرعاية الصحيّة وذلك في ظل التطور العلمي والتكنولوجي الذي ظهر في القرن العشرين، حيث أدّى إلى التوسّع في مجال علاج ومكافحة الأمراض الخطيرة والمزمنة، وما رافق ذلك من أجهزة طبية ومخبرية للكشف المبكر عن تلك الأمراض، ممّا قلّل من معدّلات الوفيات إلى أقصى حد، وبالتالي زاد من عدد السكان.
- التطوّر الكبير في جانب العناية بالصحّة الإنجابية للمرأة، حيث ظهرت المراكز المتخصصة في متابعة حالات النساء الحوامل ورعايتهم وتطوّر عمليّات الولادة، ممّا شجّع من زيادة عدد الولادات.
- الزيادة الكبيرة في معدل الهجرات من مناطق إلى أخرى، بسبب الحروب الدامية التي شهدها العالم بعد ما يسمّى بظاهرة العولمة التي رافقها التنافس الشديد والدموي سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي بين دول العالم.
- الزيادة في انتاج الطعام والمحاصيل وتوزيعها على مستوى العالم، بسبب تطور التطبيقات الزراعية والتقنيات التكنولوجية المستخدمة في هذا القطاع؛ مما عمل على تقليل أعداد من يقضون بسبب المجاعات وسوء التغذية والأمراض المترتبة على ذلك.
- الزواج المبكر الذي لا زال من العادات الاجتماعية السائدة في بعض المناطق، وهو الأمر الذي يترتب عليه زيادة عدد المواليد والتسبب في هذه الظاهرة.
حلول مشكلة الزيادة السكانيّة
لا بدّ من اتّخاذ العديد من الإجراءات للحدّ من الأضرار والآثار الخطيرة الناجمة عن الزيادة الكبيرة جداً في عدد السكان إن لم يكن بالإمكان حل هذه المشكلة مع ما يشهده العالم من تطورات، وتتمثّل هذه الإجراءات بشكل أساسي في:
- نشر الوعي حول أهمية تنظيم الإنجاب وعدد أفراد الأسرة وخاصة بين فئات النساء غير المتعلمات أو ذوات المستوى الثقافي المتدني في دول العالم الثالث أو المجتمعات النامية.
- تعزيز دور برامج التنمية المستدامة التي تستهدف النهوض بكافة القطاعات الصحيّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والخدماتيّة، والقانونيّة وغيرها بصورة تضمن استيعاب هذه الزيادة إلى أقصى درجة ممكنة، ومحاولة إيجاد فرص عمل والحد من البطالة من خلال تشجيع الاستثمار وفتح الباب أمام الريادة تجنباً للمشاكل الاجتماعية التي ترافق التضخّم السكاني والتي تنتج بشكل أساسي عن أوقات الفراغ وعدم وجود هدف للشباب والفقر.
- تحقيق التنمية البشرية التي تعني تحسين القدرات البشرية للحد من خطورة هذه الظاهرة والتعامل معها بحكمة، ويكون ذلك من خلال تطوير المعرفة التي يمتلكها الأفراد وتحسين مهاراتهم وقدراتهم التي تصب في تحسين المجال الإنتاجي.
- تسخير الدول للموارد المتوافرة بشكل حكيم يضمن الاستفادة القصوى منها، حيث يتم استغلال الأراضي الفارغة بعد إصلاحها بالزراعة والانتاج مثلاً، فيما يتم تحلية المياه المالحة لمعالجة مشكلة شح المياه وغيرها من الأمور والخطط التنموية الفاعلة لمجاراة هذه الزيادة.