بحث عن الزواج المبكر
الزواج المبكر
يُعرّف الزواج لمُبكّر أو ما يُسمّى بزواج الأطفال على أنّهُ الزواج الذي يكون فيه عمر أحد الطرفين أو كليهما دون سن 18 عاماً، أو لم يبلغا سن الرشد المحدد في الدولة، ويُعدّ الزواج المُبكّر أحد أنواع الزواج القسري، حيث إنّ أحد الطرفين أو كليهما لا يملك الحريّة الكاملة في الموافقة، أو لا يُظِهر موافقةً صريحةً على الزواج، حيث إنّه لا يمتلك القدرة على تحديد الشريك المناسب له.
لا سيّما أنّ أسباب عدم القدرة على الموافقة قد تختلف من شخص لآخر، وذلك لعدّة عوامل منها؛ معدل النمو الجسدي، أو النفسي، أو الجنسي، أو العاطفي، أو قد يفتقد أحد الطرفين إلى خبرات الحياة التي تُمكّنه من اتخاذ القرار المناسب.
وفي كثير من الأحيان، تُعدّ الفتيات الصغيرات هنَّ الأكثر تأثّراً بظاهرة الزواج المُبكّر، حيث إنّ بعض الأسر تفرض على الطفلة شريك حياتها المستقبلي منذ ولادتها، فما إن تصل إلى سنّ تستطيع فيه الإنجاب حتّى يتمّ تزويجها فوراً.
أسباب الزواج المبكر
تتعدّد أسباب الزواج المُبكّر، وهي على النحو الآتي:
محدودية التعليم
إنّ حرمان الفتاة من التعليم بسبب عدم توافر وسائل النقل الآمنة بين المنزل والمدرسة، وانخفاض نوعية التعليم، وندرة فرص التعليم أدّى إلى بقاء الفتاة في منزلها فتميل نحو الزواج المُبكّر، فالفتاة التي تلقّت تعليماً لمدّة عشر سنوات تنخفض نسبة تزويجها في سن دون 18 عاماً لستّة أضعاف.
ضعف الالتزام بالقانون وتنفيذه
إنّ عدم نشر المعرفة الكافية خاصةً بقانون حظر الزواج المُبكّر لعام 2006م، وفي كيفيّة تطبيق القانون ومعرفة عواقب تجاوزه أدّى إلى ضعف تنفيذه، كما أنّ هناك عدم ثقة من قِبل المجتمع بالمؤسسات المُنفّذة لهذا القانون، لا سيّما أنّ كثيراً من الأفراد يرون أنّ التقاليد والأعراف أقوى من القانون والمؤسسات، حيث إنّ عدد حالات التبليغ عن الزواج المُبكّر قليلة جداً.
سوء الوضع الاقتصادي
إن ما يقارب 40% الفتيات اللاتي تزوجن في سن مُبكّر هنّ من أفقر الأسر في العالم؛ وذلك لأنّ الأسرة التي تُعاني من الفقر تعتبر الزواج المُبكّر طريقةً لتحسين وضعها الاقتصادي، حيث إنّها تعتبر المهر المدفوع فرصةً لتأمين حاجات الأسرة ، وتغطية الديون المتراكمة، وحلّ الأزمات الاقتصادية التي تمرّ بها الأسرة.
كما أنّ هذه الأسر تعتبر زواج ابنة لديهم يُقلّل من نفقات الأسرة مع الاطمئنان إلى أنّها ستحصل على الطعام، والملبس، والتعليم المناسب بعد زواجها، أمّا في بعض الدول التي يقع فيها مهر الزواج على عاتق ذوي الزوجة فتميل أسرتها لتزويجها في سن مُبكّر، حيث تدفع أموالاً أقل إذا كانت العروس شابةً غير متعلمة.
التقاليد الاجتماعية
كثيرٌ من المجتمعات تعتبر أنّ الفتاة التي تعدّت سنّ البلوغ قد أصبحت مؤهلة في نظر المجتمع للزواج، ومن التقليد أن يتمّ إعطاؤها مكانتها كزوجة وأمّ عن طريق الزواج .
انعدام الأمن وانتشار الأزمات
في المجتمعات التي تتعرّض فيها الفتيات إلى خطر المضايقات والاعتداء البدني أو الجنسي، يتجه الآباء نحو تزويج بناتهم لحمايتهنّ والحفاظ على سلامتهنّ، كما أنّ نسب حالات الزواج المُبكّر تزداد في المناطق التي تُعاني من الأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية، وتلك التي ينتشر فيها العنف والفقر، فمن بين عشر دول تُعاني من أزمات بكافة أشكالها، تسع منها تُعاني من ارتفاع معدل الزواج المُبكّر فيها.
آثار الزواج المبكر
شهدت بعض الدول انتشاراً للزواج المُبكّر بين الأطفال الذكور، إلّا أنّ معدل الزواج المُبكّر عند الفتيات يزيد عن ضعف معدل الزواج المُبكّر عند الأولاد، لذلك تظهر آثار الزواج المُبكّر على كلّ من الأولاد والبنات على حدٍّ سواء لكنّها تظهر بشكل أوضح على الفتيات، حيث يواجه كلا الطرفين مخاطر وآثار تختلف بناءً على الاختلاف البيولوجي والاجتماعي لكلّ منهما، لا سيّما أنّ جميع هذه الآثار تُعتبر تعدٍّ على حقوق الطفل سواء كان ذكر أو أنثى.
تُعاني الطفلة التي تتزوج مُبكّراً من عزلة اجتماعية بعيدةً عن الأهل والأصدقاء ومن يُشكّلون مصادر دعم لها، بالإضافة إلى أنّها تجد صعوبةً في التعليم والتوظيف، فمثلاً في ملاوي حوالي ثلثا النساء اللواتي لم يتلقين التعليم الرسمي هنّ من العرائس الأطفال، و5% منهن فقط استطعن الالتحاق بالمرحلة الثانوية والتعليم العالي، كما أنّ هؤلاء الفتيات غير قادرات على التعامل بأمور الزواج، حيث إنّهنّ أكثر عرضةً للفيروسات المنتقلة جنسيًا؛ كفيروس الإيدز.
يُعرّض الضغط الاجتماعي العروس الطفلة لحالة حمل مُبكّر، ففي نيبال مثلاً هناك أكثر من ثلث النساء التي تترواح أعمارهن بين 20 و24 عامًا، واللواتي تزوجن قبل بلوغهنّ سنّ الخامسة عشر لهنّ ثلاثة أطفال أو أكثر، مقابل 1% من النساء اللواتي تزوجن بعد سن البلوغ ولهنّ نفس العدد من الأطفال، وبالرغم من ذلك فهي لا تتلقّى عنايةً طبيةً جيدةً أثناء فترة الحمل.
ففي بلدان مثل بنغلاديش، وإثيوبيا، ونيبال، والنيجر حصلت النساء اللواتي تزوجن عند سن البلوغ مرّتين أكثر على رعاية صحيّة مناسبة أثناء الولادة مقارنةً مع النساء اللواتي تزوجن تحت سن الخامسة عشر بالرغم من أنهنّ يمتلكن جسماً غير مؤهل بشكلٍ كافٍ للولادة، ممّا يُعرّض حياتهنّ وحياة أطفالهنّ للخطر.
آثار الزواج المبكر على الذكور
فمن آثار الزواج المُبكّر على الذكور من الأطفال؛ إجبارهم على تحمّل مسؤولية كبيرة وهم ليسوا مؤهلين لها، كما أنّ إشغال دور الأبوة في وقت مُبكّر يؤدّي إلى ضغوط اقتصادية قد تمنع الطفل المتزوج من متابعة التعليم وتطوير مهاراته للحصول على وظيفة مناسبة.
الآثار الصحيّة والنفسيّة للزواج المبكر على الفتاة
وفيما يلي توضيح للآثار الصحية والنفسية للزواج المبكر على الفتيات:
الآثار الصحيّة على الفتاة
تكون المرأة قادرةً على الإنجاب فور بلوغها، إلّا أنّ حدوث حمل قبل سن الخامسة عشر يؤدّي إلى نتائج سلبية عديدة؛ كفقر الدم، وارتفاع ضغط الدم لدى الأم، وزيادة حجم رأس الجنين عن حوض الأم، كما تواجه الأمهات الصغيرات التي تتراوح أعمارهنّ ما بين 10 و19 عاماً نسبةً أعلى من إمكانية الإصابة بتسمّم الحمل، والتهاب بطانة الرحم بعد الولادة، والتهابات في الجهاز التناسلي، من الأمهات التي تتراوح أعمارهنّ ما بين 20 و 24 عامًا.
كما أنّ حوالي 3.9 مليون حالة إجهاض خطيرة تحدث للفتيات من عمر 15 إلى 19 عام سنوياً، ممّا يؤدّي إلى الوفاة في بعض الأحيان أو الإصابة بمشاكل صحيّة دائمة، أمّا حاجات الأمهات الحوامل في سن المراهقة من عناية عاطفية، ونفسية، واجتماعية تكون بدرجة أكبر من حاجة النساء الأكبر سناً.
تكون الأم المراهقة أكثر عرضةً لاكتئاب ما بعد الولادة بمقدار الضعف عن المرأة الأم الأكبر سنّاً، وقد تظهر أعراض تقلّب في المزاج، وقلق، وحزن، وصعوبة في التركيز والأكل والنوم لمدّة أسبوع إلى أسبوعين، كما أنّ خطر الاكتئاب قد يزداد إذا أنجبت الأم قبل مرور تسعة أشهر، ومن الأعراض الإضافية التي قد تُصاحب اكتئاب ما بعد الولادة ما يأتي:
- صعوبة في إقامة علاقة أمومة جيدة بين الطفل والأم.
- التعب الشديد.
- نوبات الخوف، والهلع، والقلق.
- تفكير الأم في إيذاء نفسها أو إيذاء الطفل.
- عدم الاستمتاع بالأنشطة التي كانت تُسعد الفتاة سابقاً.
الآثار النفسيّة على الفتاة
تظهر الآثار النفسية للزواج المُبكّر على الفتاة نتيجة فقدانها لحنان ورعاية الوالدين وفرصة العيش والاستمتاع بمرحلة الطفولة ، حيثث تتعدّد المسؤوليات في الحياة الزوجية ممّا يؤدّي إلى تعرّضها للضغط لعدم تفهّمها طبيعة العلاقة الزوجية، فتظهر عليها بعض الآثار النفسيّة؛ كاضطرابات في العلاقة الزوجية نتيجة الخوف، وقد تحتاج إلى تدخّل طبي في بعض الحالات.
كما قد تظهر على الزوجة أعراض الاكتئاب والقلق نتيجة كثرة المشاكل الزوجية الناتجة عن عدم تفهّم الطرف المقابل، وقد تظهر بعض الاضطرابات الشخصية وصور من الهستيريا والفصام، كما تزداد احتمالية الإصابة بالأمراض النفسية أثناء فترتيّ الحمل والنفاس، حيث تزداد متطلبات الحياة على كاهل الزوجة لوجود طفل، بالإضافة إلى متطلبات الزوج والأقارب.
تعرّض حياة الفتاة ومولودها للخطر
تظهر الآثار الصحية للزواج المُبكّر على الفتاة من خلال ارتفاع معدل الوفاة عند الفتيات المتزوجات تحت سن 15 بخمس مرّات عن الفتيات المتزوجات في سن العشرين، كما أنّهنّ أكثر عرضةً لحدوث نزيف ومضاعفات أثناء الولادة.
كما تُشير منظمة أنقذوا الأطفال (بالإنجليزية: Save The Children) في منشورها السنوي لعام 2004م إلى أنّ احتمال وفاة مواليد الفتاة المتزوجة دون سن البلوغ بعد انقضاء عام واحد من أعمارهم مضاعفٌ مقارنةً بمواليد الفتاة التي تزوجت في سن العشرين، أمّا في حال بقائهم على قيد الحياة فإنّهم يُصبحون أكثر عرضةً للحصول على مستوى منخفض من الرعاية الصحية وسوء التغذية نتيجة لاتباع الأمهات سلوكيات خاطئة في التغذية مقارنةً مع الأمهات الأكبر سنّاً.
الآثار الصحيّة والنفسيّة للزواج المبكر على الأطفال
وفيما يلي توضيح لها:
الآثار الصحية
تكون الأمهات المراهقات أكثر عرضةً لإنجاب أطفال خدج يُعانون من نقص في الوزن عند الولادة؛ وذلك لعدم توافر الوقت الكافي لإتمام مرحلة النمو داخل بطن الأم، حيث يزن الطفل الذي يُعاني من نقص في الوزن عند الولادة ما بين 1500 إلى 2500 غم، وفي حالات نقص الوزن الحادّ قد يصل وزنه إلى أقل من 1500 غم، ففي هذه الحالة يحتاج الطفل إلى تدخّل طبي في وحدة الأطفال الخدج داخل المستشفى، وتقديم جهاز التنفس الصناعي إذا لزم الأمر لمساعدته على التنفس.
تظهر الآثارالصحية بأشكال متعددة على صحة الجنين ومنها؛ التعرّض للاختناق داخل بطن الأم؛ بسبب القصور الشديد في الدورة الدموية المغذيّة للطفل، كما أنّ الولادة المبكّرة تُعرّض الطفل لبعض المخاطر منها؛ عدم اكتمال نمو الرئتين، وحدوث عدّة أضرار في الجهاز الهضمي، كما قد يُصاب الطفل بتأخّر النمو الجسدي والعقلي، وزيادة الفرصة بالإصابة بمرض الشلل الدماغي، أو العمى، أو الإعاقة السمعية، أو قد يتوفّى الطفل بسبب الالتهابات بعدّة أنواعها.
الآثار النفسية
تتمثّل الآثار النفسيّة المترتبة على الطفل في مشاعر الحرمان التي تنتابه لعدم قدرة الأم القاصرة على القيام بواجبها اتجاه طفلها، فينشأ عن ذلك اضطربات نفسية قد تُصاحب الطفل حتّى يكبر وينتج عنها أمراض نفسية؛ كالفصام والاكتئاب، كما أنّ انخفاض الرعاية التربوية السليمة تؤدّي إلى تأخّر النمو الذهني لدى الطفل، لذلك فالزواج المُبكّر هو أحد أسباب انتشار الأمراض والاضطربات النفسية داخل الأسرة والمجتمع، ممّا يؤدّي إلى زيادة العبء الاقتصادي على النظام الصحي.
آثار الزواج المبكر الاجتماعية
يولّد الزواج المُبكّر عدّة آثار اجتماعية؛ كالطلاق المُبكّر الناتج عن اكتشاف الزوجين عدم استعدادهما لبناء أسرة ناجحة؛ وذلك لصغر سنّهما وعدم وعيهما الكافي في آلية بناء الأسرة، ومن الآثار الاجتماعية الناجمة عن الزواج المُبكّر ما يأتي:
انتشار العنف الأسري
تبلغ نسبة الفتيات المتزوجات التي تترواح أعمارهنّ ما بين 15 و19 سنة واللواتي يتعرّضن للعنف الجنسي من قِبل أزوجهنّ 13% مقارنةً مع النساء الأكبر سنًا والأعلى تعليمًا، كما أنّهن أكثر عرضةً للعنف، و إساءة المعاملة، والإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة.
وعادةً ينشأ الزواج المبكر بين طرفين بينهما فجوة كبيرة ناتجة عن الفرق الكبير في السن، ممّا يُسبّب أزمةً في العلاقة الزوجية، فينشأ العنف الأسري ، حيث إنّ 50% من الفتيات اللواتي تزوجن تحت سن 18 يتعّرضن للعنف من قِبل الشريك أثناء فترة الزواج.
انتشار الفقر
ينتشر الزواج المُبكّر بين الفئات الأكثر فقراً في أنحاء العالم، كما أنّ الزواج المُبكّر عائق في تحقيق مستويات تعليم أعلى وتحقيق استقرار مادي أمام الطرفين سواء كان ذكر أو أنثى، لذلك فالفقر والزواج المُبكّر مشكلتان متلازمتان.
انخفاض مستوى التعليم
يمنع الزواج المُبكّر الفتاة من مواصلة تعليمها، وذلك لأنّ الكثير من المجتمعات ترفض فكرة ذهاب فتاة متزوجة أو خاطبة إلى المدرسة، أو قد يكون الزوج هو الطرف الرافض لحضور زوجته إلى المدرسة، بالإضافة إلى أنّ متطلبات الحياة الزوجية من أعمال منزلية ورعاية الأطفال ، أو وجود مضاعفات ناتجة عن الحمل، تُعيق الفتاة من الذهاب إلى المدرسة ومواصلة التعليم.
معدلات وأماكن انتشار الزواج المبكر في العالم
ينتشر الزواج المُبكّر في المناطق الريفية بشكل أكبر من المناطق الحضرية، ومن جهة أخرى هناك اختلاف بانتشار الزواج المُبكّر بين المجتمعات الطائفية والقبلية، حيث وجد انخفاض معدل زواج الأطفال عند بعض الجماعات القبلية مقارنةً مع الجماعات الأخرى.
حقّقت دول جنوب أفريقيا في الصحراء الكبرى تحديداً أعلى مستوى من انتشار الزواج المُبكّر بنسبة تبلغ 4 من كلّ 10 شابات تزوجن تحت سن 18، تليها دول جنوب آسيا حيث بلغ عدد 3 شابات من أصل 10 قد تزوجن قبل سن 18، أمّا في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بلغت نسبة الزواج المُبكّر 25%، وفي دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 18%، و أخيراً في أوروبا الشرقية ودول آسيا الوسطى بلغت النسبة 11%، كما أنّ هناك اختلاف جغرافي في الدول التي تنشر فيها زواج الفتيات عن تلك الدول التي ينتشر فيها زواج الأولاد في سن مُبكّر.
وقد وثّقت منظمة اليونيسيف لعام 2019م العدد الكلي الذي يضم عدد الذكور والإناث الذين تزوجوا دون سن 18 حيث بلغ 765 مليون حالة، ووصل عدد المتزوجين من الأولاد والرجال الذين سبق لهم وتزوجوا دون سن 18 إلى 115 مليون حالة، وتُشكّل جمهورية أفريقيا الوسطى أعلى نسب لانتشار زواج الأطفال الذكور حيث بلغت النسبة فيها 28%، تليها نيكاراغوا بنسبة 19%، وأخيراً مدغشقر بنسبة 13%.
لا يقتصر الزواج المُبكّر على المجتمعات الفقيرة، فالواقع يُثبت أنّ الزواج المُبكّر ظاهرة انتشرت في جميع أنحاء العالم على اختلاف القارات، والثقافات، والأديان، والمستوى الاقتصادي سواء الدول الفقيرة أو الدول الغنية، إلّا أنّه ينتشر بنسب أكبر في الدول النامية كوّن الفقر أحد الأسباب الرئيسية له، حيث إنّ حوالي فتاة واحدة من أصل 3 فتيات في العالم النامي تزوجن دون سن 18، فالفتيات حققن الغالبية في الزواج دون سن 18 حيث وصلت النسبة إلى 82%، ففي كلّ عام تتزوج 12 مليون فتاة دون سن البلوغ دون أيّ استعداد جسدي أو حتّى عاطفي.
انخفض معدل الزواج المُبكّر بشكل كبير في دول جنوب شرق آسيا خلال العشر سنوات الماضية، فتحوّلت النسبة من 50% إلى 30%، حيث كان لدولة الهند تحديداً الدور الأكبر في هذا التقدّم، ويعود سبب ذلك إلى الاستراتيجيات التي تبنّتها الحكومة الهندية من خلال زيادة معدل التعليم للفتيات، وزيادة الاستثمارات التي تستهدف فئة المراهقات ، وبثّ رسائل توعوية على المستوى الوطني تستنكر شرعية زواج الأطفال وتوضّح مدى ضرره.
آليّات التعامل مع الزواج المبكر
هناك بعض الآليّات المناسبة للتعامل مع ظاهرة الزواج المُبكّر، وهي كالآتي:
نشر الوعي
فقد أقام صندوق الأمم المتحدة للسكان "UNFPA" برنامج "العمل من أجل المراهقات" الذي يشمل 12 دولة في كلّ من آسيا، وأفريقيا، وأمريكيا اللاتينية، يهدف إلى تعليم الفتيات حقوقهنّ التي تتضمّن الحق في التعليم، والصحة، والحق في العيش في مكان آمن خالٍ من العنف، وحق الكرامة، والحق في اختيار شريك الحياة كأيّ إنسان بالغ.
كما تتلقّى الفتيات أيضاً برامج تخصّ الصحة الإنجابية، وتدريبات تشمل المهارات الحياتية؛ كمهارة التفاوض التي يُمكن أن تُساعد على إقناع الأهل عن صرف النظر عن أمر الارتباط لفترة معينة أو حتّى رفضه، حيث أصبحن هؤلاء الفتيات قدوةً في مجتمعاتهنّ يُعبّرن عن الفتاة المراهقة المتعلمة، أملاً في أن يكون هذا الوضع الطبيعي لجميع الفتيات في ذات السن.
فرض القوانين والتشريعات
حيث أصدرت معظم دول العالم قوانين صارمةً ضدّ زواج الأطفال، وفرضت العقوبات اللازمة في تجاوز هذه القوانين، ولكنّ خوف الآباء على بناتهم أضعف هذه القوانين بعض الشيء، فادّعى الأمر إلى إيجاد حلول لجذور ظاهرة الزواج المُبكّر من خلال تعزيز المساواة بين الجنسين، وإنهاء مشكلة الفقر عن طريق بناء شبكة أمان اجتماعي تحمي الفتيات وذويهنّ، وزيادة فرص التعليم، وتقديم الخدمات الصحية، وتوفير فرص العمل.
إنشاء حملات جماهرية
وذلك من خلال جذب انتباه جميع سكّان العالم والحكّام العالميين، حيث تمّ نشر عواقب الزواج المُبكّر التي يُعاني منها الكثير من الشباب من خلال حملات عالمية، والدعوة لوضع قضية زواج الأطفال ضمن مرتبة ذات أولوية على المستوى الدولي، ففي عام 2015م دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إظهار الدعم ورفض الزواج المُبكّر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
إنشاء خطط طوارىء
وذلك من خلال تقديم المساعدة اللازمة لمن يُعاني من آثار الزواج المُبكّر أو الزواج القسري، عن طريق تقديم المساعدة القانونية من خلال تلقّي الحماية، أو الانفصال القانوني، أو الطلاق، أو البتّ في أمر الحضانة في حالة وجود أطفال، كما يُمكن تقديم الخدمات الاجتماعية، أو تأمين سكن آمن في حالات الطوارىء.
إنشاء مراكز توعوية للمقبلين على الزواج
حيث تستهدف هذه المراكز الشباب في مرحلة ما قبل الزواج، بدعم من منظمات المجتمع المحلي، لإيجاد حلول لمشاكل الشباب في سن المراهقة؛ كالمساعدة في إيجاد فرص عمل مناسبة لهم، وتقديم دورات تأهيل ما قبل الزواج تهتم بالأسرة، وتوضّح أهميتها، وكيفية التعامل مع الزوجة واحترامها، وطرق تأمين سبل العيش في المستقبل.
أمّا بالنسبة للزوجة فتُقدّم هذه المراكز توعيةً تخصّ الفتيات الصغيرات في كيفية تحمّل مسؤولية الزواج، واحترام الزوج، وطرق التربية الصالحة، وأمور تربوية أخرى، بالإضافة إلى التوعية الصحية، والنفسية، والاجتماعية، وغيرها من الأمور التي تهمّ المرأة المتزوجة.
الاهتمام بترابط الأسرة
يؤدّي الحثّ على تماسك الأسرة من خلال بناء أسرة متكاملة مترابطة متفاهمة إلى انخفاض عدد الفتيات المتزوجات في سن مُبكّرة.