آثار تشغيل الأطفال
آثار تشغيل الأطفال الصحية
ينتج عن تشغيل الأطفال أو عمالة الأطفال العديد من الآثار الضارّة التي تنعكس على صحتهم، فقد يتعرّض بعض الأطفال العاملين للعديد من الاعتداءات الجسدية، والجنسية، إضافة إلى سوء المعاملة العاطفية، ويتمثّل ذلك بالعقاب البدنيّ كالضرب، أو من خلال الشتم، واللّوم، والرفض، والإهانة، إلى جانب إهمال تأمين احتياجاتهم من الغذاء، والمأوى، والعلاج، والملابس، وقد يظهر ذلك على شكل إصابات مختلفة في أجسامهم، كالحروق، والجروح، والكسور، والإرهاق، والدوار، وغيرها.
لا تقتصر أضرار عمالة تشغيل الأطفال على مجال عمل محدّد، إذ يعمل الأطفال في العديد من المجالات المختلفة، ويجدر بالذكر أنّ آثار تشغيلهم تختلف باختلاف الأعمال التي يقومون بها، ولكنّها بالمجمل تعود بأضرار عديدة على الجانب الصحيّ لهم على المدى الطويل، بالاضافة إلى الإرهاق، والأذى النفسي الذي يلحق بهم نتيجة لذلك، ففي مجال الزراعة (بالإنجليزية: agriculture) يمكن أن يتعرّض الأطفال العاملون للعديد من الأضرار الناتجة عن استخدام المبيدات الحشرية، أو الأسمدة السامّة والضارّة، كما يمكن أن يتعرّضوا لمخاطر استخدام بعض الأدوات الحادّة، أو حمل الأوزان الثقيلة، ويُعدّ مجال التعدين (بالإنجليزيّة: mining) واحداً من مجالات تشغيل الأطفال التي يمكن أن تُلحق الأذى بهم، وذلك من خلال استخدامهم للمواد الكيماوية السامّة.
تتمثّل الأخطار الناجمة عن تشغيل الأطفال في مجال البناء (بالإنجليزيّة: construction) برفع الأوزان الثقيلة، والعمل على ارتفاعات عالية جداً دون توفير وسائل السلامة والأمان، إضافة إلى خطر تعرّضهم للإصابات المختلفة نتيجة استخدام الآلات الخطيرة، أمّا في مجال التصنيع (بالإنجليزيّة: manufacturing) فقد يتعرّض الأطفال لاستخدام المواد المُذيبة السامّة، إضافة إلى القيام بمهام متكرّرة بوضعيات مؤلمة، وتعرّضهم لخطر استخدام الأدوات الحادّة.
آثار تشغيل الأطفال النفسية
يتأثّر الجانب الاجتماعي للأطفال العاملين سلباً بسبب العمل، فبدلاً من قضائهم مرحلة الطفولة باللّعب مع غيرهم من الأطفال، والاستمتاع مع أفراد عائلاتهم، والتفاعل مع الآخرين بطريقة سليمة وصحيحة، فإنّهم يقضون الكثير من الوقت في العمل، ممّا يؤدّي إلى ضعف قدراتهم على التواصل الاجتماعي بالأسرة والمجتمع، إلى جانب ضعف كبير في بناء شخصياتهم ، وانخفاض ثقتهم بأنفسهم، وقد يواجه بعض الأطفال العاملون مشاكل نفسية تتمثّل بالاكتئاب، فالأطفال والمراهقون الذين يعملون أكثر من 20 ساعة في الأسبوع معرّضون لاكتساب عادات سيئة وغير سليمة بشكل كبير كإدمان المخدّرات، إضافة إلى نموّ السلوك العدوانيّ في شخصياتهم.
تنعكس الآثار النفسية على الأطفال العاملين بجوانب عدّة أخرى تتمثّل في تعرّضهم للتنمّر، والمضايقات، والرفض من قبل زملائهم وأقاربهم، إلى جانب عدم تلقّيهم لمعاملة عادلة، ممّا يؤدّي إلى تنمية العزلة الاجتماعية لديهم، وضعف روابطهم العاطفية، وإمكانية ممارسة سلوكيات خطيرة كالجرائم في بعض الأحيان، ويجدر بالذكر تعرّض الأطفال العاملين للاستغلال المادي دون وجود أيّ أمان وظيفي.
آثار تشغيل الأطفال الأكاديمية
يؤثّر تشغيل الأطفال أو عمالة الأطفال سلباً على حياتهم التعليمية، إذ يقضي الطفل معظم وقته في العمل الوقت بدلاً من تخصيصه للدراسة، ممّا يشكّل عبئاً عليه، ويسبّب له التعب والإجهاد، وهذا بدوره يؤدّي إلى ضعف قدرة الطفل على متابعة تعليمه، وقيامه بالنشاطات الدراسية والأكاديمية، والاندماج بالبيئة التعليمية، ومن جانبٍ آخر تشير الدراسات إلى عدم قدرة الأطفال العاملين على التوفيق بين المدرسة والعمل، ممّا يؤدي إلى شعورهم بالقلق وضعف في التركيز، كما يساهم عمل الأطفال بتدنّي أدائهم في المدرسة، أو انقطاعهم عن التعليم.
آثار تشغيل الأطفال الاقتصادية
يؤثّر تشغيل الأطفال على نموّ المجتمع على المدى الطويل، إلى جانب تأثيره المباشر على حياة الفرد والأسرة، إذ يمكن أن تعاني المجتمعات التي ترتفع فيها نسبة عمالة الأطفال من فقد التوازن المجتمعيّ بسبب ارتفاع نسبة العمالة غير المتعلّمة، ممّا قد يحدث تدنّي في مستوى الإنتاج وجودة السلع المنتجة، لذا لا بدّ من السعيّ للحصول على جيل جديد قادر على تحدّي الصعوبات، بهدف السعيّ للحصول على إنتاجية أفضل في المستقبل، ويكون ذلك من خلال إرسال الأطفال لتلقّي التعليم فضلاً عن تشغيلهم، حيث سيكون لهم دور فاعل عند تلقّيهم التعليم المناسب، الأمر الذي قد يرفع من إنتاجية وجودة السلع على المستويين المحلي والدولي.
يرسل الآباء أطفالهم إلى العمل اعتقاداً منهم أنّ ذلك يساهم في مساعدتهم على مواجهة ظروف الحياة المعيشية الصعبة، إلّا أنّهم قد يغفلون عن الآثار السلبية لتشغيل أطفالهم على المدى البعيد، فقد تتعارض عمالة الأطفال مع تلقّيهم التعليم في المدارس، إلى جانب افتقارهم إلى القدرة على رفع الإنتاجية، وزيادة أرباحهم المستقبلية، ممّا يعني انخفاض الدخل المستقبلي لأسرهم، الأمر الذي قد يؤدّي إلى انتشار الفقر، وزيادة احتمالية تشغيل أطفالهم أيضاً في المستقبل.
تُعدّ المهارة في القيام بالأعمال أمراً مهماً، إلّا أنّ نوع العمل الذي يقوم به الأطفال يحتاج إلى القليل من المهارة، والتعليم، والتدريب المتخصّص، لذا تفتقد الدول التي تمتلك الكثير من الأطفال العاملة للعمالة الماهرة، الأمر الذي قد يؤدّي إلى انخفاض الأجور، وبالتالي ارتفاع نسبة تشغيل الأطفال، ويجب الإشارة إلى تقلّص قدرة الدول التي ترتفع فيها نسبة عمالة الأطفال على جذب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المختلفة.
لمعرفة مزيدٍ من المعلومات عن ظاهرة تشغيل الأطفال، يمكنك قراءة مقال بحث حول ظاهرة تشغيل الأطفال .