بحث عن أهمية العائلات
الزواج في الإسلام
حثّ الإسلام على الزواج ، وجعله ركناً مهمّاً من أركان حياة الفرد المسلم، وضرورةً يجب أن تُنفّذ من قبل كلّ من يقدر عليها، فقد وجّه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- خطابه إلى الشباب، قائلاً: (يا معشرَ الشبابِ، مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصومِ فإنه له وجاءٌ)، ووضّح رسول الله بأنّ النكاح من سنّته، ومن أحبّه؛ فليتبع سنّته، فالنبي تبرّأ من كلّ من أعرض عنه، وذهبت جماعةٌ من علماء المسلمين إلى أنّ الزواج فرضٌ على كلّ مسلمٍ مقتدرٍ، فمن تركه مع قدرته عليه؛ فكأنّما ترك فرضاً من فرائض الإسلام، ويهدف الزواج إلى العديد من الأهداف، منها الولد؛ فهو الهدف الأساسي، الذي من أجله شُرع الزواج، وفيه ضمانٌ لبقاء النوع البشري، وإرضاءٌ لوصية الرسول المصطفى في تكثير الولد، فالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- سيُباهي بهم يوم القيامة ، إضافةً إلى ما يحصل عليه الوالد من الدعاء، من قبل الأبناء بعد وفاته، وفي الاستئناس بالنساء؛ ترويحاً للقلوب، وراحةً للنفوس، ولا بدّ أن يكون ذلك بالمباحات من النساء، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (حُبِّبَ إليَّ من دُنياكم: النِّساءُ و الطِّيبُ، و جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيني في الصلاةِ)، ومهمة الزوجة تكون بمسؤوليتها عن أعمال المنزل، كما أنّها تقوم باشباع الميل الجنسي لدى زوجها، فالزوج هو المسؤول عن العمل خارج المنزل، وتحقيق حاجاته، وفي الزواج مجاهدةً للنفس، ورياضةً لها على الرعاية والولاية؛ فالزوج يتحمّل الأذى من الزوجة والأولاد، ويحاول جاهداً لإصلاح كلّ ما هو سيءٌ، كما أنّه المسؤول عن الكسب الحلال ، من أجل تأمين كلّ ما تحتاج له أسرته، ما أنّ الزواج يعدّ ضرورةً دينيةً واجتماعيةً ونفسيةً كذلك.
الأسرة في القرآن الكريم والسنة النبوية
تتألف الأسرة في الإسلام من الزوج والزوجة والأبناء، بخلاف ما دعت إليه الجماعات الهدّامة إلى أنّ الأسرة قد تتكوّن من رجلين ، أو من امرأتين، حيث كانت نظرة الإسلام للزواج على أنّها اللبنة الأساسية التي يتكوّن منها المجتمع، والخلية الأولى التي ينبع منها أساس المجتمع، ومحور بنائه، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا وَجَعَلَ لَكُم مِن أَزواجِكُم بَنينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالباطِلِ يُؤمِنونَ وَبِنِعمَتِ اللَّهِ هُم يَكفُرونَ)، وكانت الأسرة النقطة التي قامت دولة الإسلام من خلالها، فقد كانت السيدة خديجة أول من آمن من النساء ، وكما كوّنت مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أول أسرةٍ مسلمةٍ، وكانت تلك الأسرة محضن الدعوة إلى الإسلام، فالزواج سنةٌ من سنن الله في خلقه، تدور معهم حيثما كانوا، سواءً أكانت المخلوقات من الإنس، أو النبات، أو الحيوان، ووصف الله -تعالى- تلك السنة الكونية في كتابه، قائلاً: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فبعد أن هيّأ الله كلّاً من الزوجين، جعل الزواج الوسيلة المباحة للتكاثر والتناسل، ولم يجعل العلاقة بينهما ذات فوضى دون تنظيمٍ ووعيٍ؛ بل وضع لها الأسس والمبادئ التي تقوم عليها، التي تبدأ برضى كلّ واحدٍ منهما، والإشهاد على زواجهما، والزواج عبادةٌ يستكمل المرء بها نصف دينه، حيث دلّ على ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (مَنْ رزقهُ اللهُ امرأةً صالحةً، فقدْ أعانَهُ على شطرِ دينِهِ، فليتقِ اللهَ في الشطرِ الباقِي)، ونهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الامتناع عن الزواج، وقال بأنّه لا يمنع عنه إلّا عجزٌ أو فجورٌ، ونهى كذلك عن الرهبانية ، وأخبر بأنّها ليست من الإسلام، كما أنّ من يمتنع عن الزواج، فإنّه يضيّع على نفسه الكثير من المنافع والفوائد.
أهمية العائلات
تكمُن أهمية العائلة ومكانتها في العديد من الأمور والمبادئ، وفيما يأتي بيان البعض منها:
- تلبية الحاجات الفطرية ، والضرورات البشرية؛ فتلك الحاجات موافقةٌ للفطرة التي خلق الله الإنسان عليها، فيشبع كلّ من الطرفين ما لدى الآخر من الميل له.
- تحقيق بعض المعاني الاجتماعية، التي لا يمكن لها أن تتحقّق إلّا بالزواج؛ مثل: حفظ الأنساب، وتنمية مبدأ التكافل الاجتماعي داخل المجتمع ، وحفظه من الآفات، والأمراض الجسمانية، والنفسية.
- غرْس الأخلاق والفضائل الحميدة في النفوس؛ ففي الزواج يعلم كلٌّ من الرجل والمرأة، أنّ أصل الخلقة واحدٌ، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وتقوم الأسرة المسلمة على مبدأ المودة، والرحمة، والسكينة بين أفرادها؛ حيث ينشأ الأبناء في بيئةٍ يسودها الراحة، المودة بوجود الوالدين، فتنشأ شخصياتهم على لين الجانب، والتواضع للوالدين، والخضوع لهما، والدعاء لهما؛ لحرصهما على تنشأتهم التنشئة الصالحة، وتقوم كذلك على مبادئ المساواة والعدل ؛ حيث يعلم كلّ فردٍ من أفراد الأسرة ما له من حقوقٍ، وما عليه من واجباتٍ، فلا يُقدم كلاً من الزوجين على إلحاق الضرر بالآخر، ويحرصان على العدل بين الأبناء، حيث نصّ الله على ذلك، فقال: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، كما شرعت أحكام النفقة والوصية والميراث ؛ لتحقيق مبدأ التعاون، والتكافل الاجتماعي، بين أفراد الأسرة الواحدة.