بحث حول الذبح في الاسلام
مفهوم الذبح في الإسلام
يعود أصل الذبح في اللغة إلى الشقّ، وفي الاصطلاح الشرعي: هو إزهاق الروح من خلال قطع الحلق أو عن طريق النحر، ويُطلق على الذبح أيضاً النسيكة، وقد وردت في قول الله -تعالى-: (قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّـهِ رَبِّ العالَمينَ)، وقد دلّ اقتران الذبح بالصلاة على مكانة الذبح في الإسلام، وأنّه من الأمور التي يجب على المسلم أن يحرص فيها على التوجه إلى الله -تعالى-.
مزايا الذبح الإسلامي عن غيره من الطرق
نهى الإسلام عن كل ذبح لا يقصد فيه صاحبه وجه الله ويبتغي مرضاته، وذلك كمن يقوم بالذبح عند القبور، أو بين يدي الحاكم أو السلطان، أو لمن يأتي من الحج عند باب بيته، فكل ذبح جاء من أجل تعظيم غير الله، أو اتخاذ الذبيحة وسيلة لجلب النفع أو دفع الضرر فهي من الأمور التي تدخل صاحبها في الشرك ، وتخرجه من الملّة.
وقد كان الناس في الجاهلية يتبعون مثل هذه الأمور، فلمّا جاء الإسلام أبطلها، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا عَقْرَ فِي الإسلامِ)، وامتاز الذبح في الإسلام بالعديد من المزايا، منها ما يأتي:
- لا يعاني الحيوان بالذبح الإسلامي من الألم، ويعدّ ألمه كمن يقوم بالتبرع بالدم، بخلاف غيره الذي يبقى فيه الحيوان ينازع الموت حتى يموت.
- يؤدي قطع الأوداج في الطريقة الإسلامية إلى خروج الدم منه على الفور وسرعة موته.
- يؤدي الذبح إشعار الحيوان بالتخدير، مما لا يشعره بالألم.
- يعتبر الذبح الطريقة السليمة والصحية التي تخلّص اللحم مما قد يبقى فيه من الدماء، مما يجعله ذا طعم لذيذ إضافة إلى صحّته.
آداب الذبح
يُسنّ للذابح أن يلتزم بمجموعة من السنن والآداب أثناء الذبح ، منها ما يأتي:
- أن تكون السكين حادّة، مع إراحة الذبيحة وطمأنينتها قبل الذبح، لما روى شداد بن أوس -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتُمْ، فأحسِنوا القتلةَ، وإذا ذبحتُمْ، فأحسِنوا الذَّبحَ، وليحدَّ أحدُكُم شفرتَهُ، وليُرِحْ ذبيحتَهُ).
- السرعة في الذبح؛ وذلك من خلال إمرار السكين عليها بسرعة، ويتطلب ذلك أن يكون القائم على الذبح متمكنّاً مما يفعل.
- استقبال القبلة من قبل الذابح وكذلك الذبيحة؛ وهو من الأمور المستحبة في كل ذبيحة وبخاصة الهدي والأضحية، ويقوم الذابح بذلك ما تيسّر له، فقد تكون البهيمة صعبة فلا يتمكن من توجيهها.
- السنة نحر الإبل ، وذبح البقر والغنم، لقول الله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، ويكون النحر من خلال طعن الذابح للذبيحة بالسكين في الليّة أولاً، ويعتبر النحر للإبل والذبح للبقر والغنم من السنة، فإن نحر البقر والغنم وذبح الإبل كان ذلك مكروهاً لكنه أجزأ.
- استحباب نحر البهيمة وهي صوافّ؛ بمعنى أنّها واقفة على ثلاث أرجل واليد اليسرى مربوطة، لقول الله -تعالى-: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ).
- التسمية على الذبيحة ، لما روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- فقال: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا).
- يُسنّ عرض الماء على الذبيحة قبل ذبحها لتشرب منها؛ وذلك يعمل على نفخ جلدها مما يعين على عملية السلخ.
- انتظار خروج روحها كاملة والدم منها قبل أن يبدأ يسلخها وتقطيها.
- الأكل من الأضحية وإطعام الفقير، لقول الله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).