ان كنت تعلم فتلك مصيبة
صحة المقولة الشهيرة إن كنت تعلم فتلك مصيبة
هذا الجملة غير صحيحة، والصحيحة هي إن كنت لا تدري فتلك مصيبة، وهي بيت من قصيدة لابن القيم الجوزية، الذي سنتطرق للحديث عنه في هذا الموضوع مع ذكر القصيدة الذي ذكر فيها هذا الشطر من البيت.
معلومات عن ابن القيم الجوزية
ابن القيم الجوزية هو من مواليد سنة 1292 م/691 هـ، الشهير بشمس الدين، ويعتبر من علماء المسلمين في القرن الثامن للهجرة، عاش في دمشق ودرس على يد ابن تيمية الدمشقي وقد لازمه لمدة ستة عشر عاما وقد سجن في قلعة دمشق وخرج سنة 728 هـ وكان شيخه قد توفي، وهو من صاحب المؤلفات العديدة في النحو والصرف والقرآن والحديث وغيرها الكثير من العلوم.
توفي ابن القيم الجوزية سنة 1349 م/751 هـ، وصلى عليه في الجامع الأموي في دمشق ودفن بمقبرة الباب الصغير عند والدته.
أبيات من قصيدة إن كنت لا تدري فتلك مصيبة
وهذه بعض الأبيات من قصيدته التي ذكر فيها شطر إن كنت تدري فتلك مصيبة
وصم يومك الأدنى لعلك في غد
- تفوز بعيد الفطر والناس صوم
وأقدم ولا تقنع بعيش منغص
- فما فاز باللذات من ليس يقدم
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها
- ولم يك فيها منزل لك يعلم
فحي على جنات عدن فإنها
- منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى
- نعود إلى أوطاننا ونسلم
وقد زعموا أن العدو إذا نأى
- وشطت به أوطانه فهو مغرم
وأي اغتراب فوق غربتنا التي
- لها أضحت الأعداء فينا تحكم
وحي على السوق الذي فيه يلتقي
- المحبون ذاك السوق للقوم يعلم
فما شئت خذ منه بلا ثمن له
- فقد أسلف التجار فيه وأسلموا
وحي على يوم المزيد الذي به
- زيارة رب العرش فاليوم موسم
وحي على واد هنالك أفيح
- وتربته من أذفر المسك أعظم
منابر من نور هناك وفضة
- ومن خالص القيان لا تتقصم
وكثبان مسك قد جعلن مقاعدا
- لمن دون أصحاب المنابر يعلم
فبينا همو في عيشهم وسرورهم
- وأرزاقهم تجرى عليهم وتقسم
إذا هم بنور ساطع أشرقت له
- بأقطارها الجنات لا يتوهم
تجلى لهم رب السماوات جهرة
- فيضحك فوق العرش ثم يكلم
سلام عليكم يسمعون جميعهم
- بآذانهم تسليمه إذ يسلم
يقول سلوني ما اشتهيتم فكل ما
- تريدون عندي أنني أنا أرحم
فقالوا جميعا نحن نسألك الرضا
- فأنت الذي تولى الجميل وترحم
فيعطيهمو هذا ويشهد جمعهم
- عليه تعالى الله فالله أكرم
فيا بائعا هذا ببخس معجل
- كأنك لا تدري؛ بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة
- وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
قصائد أخرى لابن القيم الجوزية
- حُكمُ المَحَبَّةِ ثَابتُ الأركَانِ
- مَا للصُّدُودِ بِفَسخِ ذَاكَ يَدَانِ
أنَّي وَقَاضِي الحُسنِ نفَّذ حُكمَها
- فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الخَصمانِ
وَأتَت شُهُودُ الوَصلِ تَشهَدُ أنه
- حَقًّا جَرَى في مَجلسِ الإِحسانِ
فتأكَّدَ الحُكمُ العزيزُ فَلَم تَجِد
- فَسخُ الوُشَاةِ إلَيهِ مِن سُلطَانِ
وَلأجلِ ذَا حُكمُ العَذُولِ تَدَاعت ال
- أركانُ مِنهُ فَخَرَّ للأذقَانِ
وأتى الوُشاةُ فَصَادَفُوا الحُكمَ الذِي
- حَكَمُوا به مُتَيَقَّنَ البُطلانِ
ما صَادَفَ الحُكمُ المَحَلَّ وَلا هُوَ اس
- تَوفَى الشُروطَ فَصَارَ ذا بُطلاَن
فَلِذَاكَ قَاضِي الحُسنِ أَثبَتَ مَحضَراً
- بِفسَادِ حُكمِ الهَجرِ والسُّلوانِ
وَحكَى لَكَ الحُكمَ المُحالَ وَنَقضَهُ
- فاسمع إذاً يا مَن لَهُ أُذُنَانِ
حُكمُ الوُشَاةِ بِغيرِ مَا بُرهَانِ
- إنَّ المحبَّةَ والصُدُودَ لِدَانِ
وَاللهِ ما هذَا بِحُكمٍ مُقسِطٍ
- أينَ الغَرامُ وصَدُّ ذِي هِجرَان
- أمَا وَالذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَه
- وَلبُّوا لهُ عندَ المَهَلِّ وَأحْرَمُوا
وقدْ كَشفُوا تِلكَ الرُّؤوسَ توَاضُعًا
- لِعِزَّةِ مَن تعْنو الوُجوهُ وتُسلِمُ
يُهلُّونَ بالبيداءِ لبيك ربَّنا
- لكَ المُلكُ والحَمْدُ الذي أنتَ تَعْلمُ
دعاهُمْ فلبَّوْهُ رِضًا ومَحَبَّةً
- فلمَّا دَعَوهُ كان أقربَ منهمُ
ترَاهُمْ على الأنضاءِ شُعْثًا رؤوسُهُمْ
- وغُبْرًا وهُمْ فيها أسَرُّ وأنْعَمُ
وَقدْ فارَقوا الأوطانَ والأهلَ رغبةً
- ولم يُثنِهِمْ لذَّاتُهُمْ والتَّنَعُّمُ
يَسِيرونَ مِن أقطارِها وفِجاجِها
- رِجالا ورُكْبانا ولله أسْلمُوا
ولمَّا رأتْ أبصارُهُم بيتَهُ الذي
- قلوبُ الوَرَى شوقًا إليهِ تَضَرَّمُ
كأنهمُ لمْ يَنْصَبُوا قطُّ قبْلهُ
- لأنَّ شَقاهُمْ قد ترحَّلَ عنهمُ
فلِلَّهِ كمْ مِن عَبْرةٍ مُهْرَاقةٍ
- وأخرى على آثارِها لا تَقَدَّمُ
وَقدْ شَرِقتْ عينُ المُحِبِّ بدَمْعِها
- فينظرُ مِن بينِ الدُّموعِ ويُسْجِمُ
إذا عَايَنَتْهُ العَيْنُ زالَ ظلامُها
- وزالَ عن القلبِ الكئيبِ التألُّمُ
ولا يَعْرِفُ الطرْفُ المُعايِنُ حسْنَهُ
- إلى أن يعودَ الطرْفُ والشوقُ أعْظمُ