الهندسة وفن العمارة في العصر الأندلسي
ملامح تطور الهندسة وفن العمارة في الأندلس
تطورت الهندسة والعمارة في الأندلس بصورة كبيرة، ويرجع الفضل في هذا للعديد من العلماء الذين عاشوا آنذلك، على رأسهم العالم أبو بكر الكرجي، وهو عالم رياضيات كبير، وقد طور الكرجي العديد من التطبيقات المختلفة في مجال الهندسة، لا سيما في مجال الهندسة المعمارية ، التي كان لها دور كبير في بناء المساجد والمدارس والقصور هناك، ويمكن توضيح أهم معالم فن العمارة والهندسة في الأندلس فيما يأتي:
جامع قرطبة الكبير
يعد جامع قرطبة الكبير (بالإنجليزية: The Great Mosque of Córdoba) أحد أقدم المباني في الأندلس، وهو من أكثر الأبنية التي تدل على عظمة العمارة الأندلسية، فقد اعتاد الخلفاء المسلمين بناء مسجد كبير كأول شيء يقومون به حينما يفتحون بلداً جديداً، وهذا ما حدث في قرطبة، ويحتوي هذا المسجد على العديد من التقنيات المعمارية و الزخارف الإسلامية المبتكرة، التي أصبحت جزءًا مميزًا من العمارة الأندلسية، وقد تأسس هذا المسجد على يد الخليفة عبد الرحمن الأول، وكل خليفة أتى بعده عدل وطور في هيكل المسجد.
مدينة الزهراء
بنيت مدينة الزهراء (بالإنجليزية: Madina al-Zahra) في عهد عبد الرحمن الثالث، وتوسعت في عهد ابنه الحكم الثاني، وكانت عبارة عن قصر يحتوي على العديد من المباني، التي تحتوي على تراسات شاسعة، ومساحات داخلية وخارجية مع عدد كبير من الحدائق والنوافير، وهذا المجمع محاط بأسوار وأعمدة مزينة بالنقوش والبلاط، وقد لعبت مدينة الزهراء دور كبير في تشكيل العمارة الأندلسية الإسلامية المميزة، كما أن التصميمات الأخرى في المدينة تشبه الهندسة المعمارية الحديثة، ويشبه مسجد الزهراء مسجد قرطبة إلى حد كبير، وقد تم إضافة مدينة الزهراء إلى قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو.
قصبة مالقة
تعد قصبة مالقة (بالإنجليزية: Alcazaba) أفضل قلعة تاريخية ما زالت تحافظ على نفسها في إسبانيا الآن، وقد تم بناؤها في الأندلس في أوائل القرن الحادي عشر بناءً على تعليمات الملك باديس ملك البربر، وتصنف هذه القلعة بفضل جدرانها المزدوجة وتحصيانتها الكبيرة، كأول نموذج للعمارة العسكرية يتم بناؤها في هذه الفترة، وتتميز بموقعها المميز المطل على المدينة والخليج، وتحتوي القلعة على الأبراج، وشقوق السهام، وساحات القتال، بالإضافة إلى الأفنية المستطيلة والحدائق وأحواض السباحة.
الخيرالدة
تم بناء الخيرالدة (بالإنجليزية: Giralda) في البداية كمئذنة للمسجد الكبير عام 1195م، ولكنها حاليًا بمثابة برج الجرس لكاتدرائية إشبيلية وموقع من مواقع التراث العالمي، وبنيت هذه المئذنة خلال فترة حكم الموحدين لمدينة إشبيلية عاصمة الأندلس ، ويبلغ ارتفاع هذه المئذنة 103م، لهذا فهي كانت تعد أطول مبنى في إشبيلية لما يزيد عن 800 عام.
مسجد نور المسيح
يعتبر مسجد باب المردوم أو مسجد نور المسيح (بالإنجليزية: Mosque of Christ of the Light) صغيرًا نسبيًا مقارنة بآثار العصر الأندلسي الأخرى، لكنه يضم العديد من العناصر الأساسية التي تحدد معالم العمارة الأندلسية، وقد تم بناء هذا المسجد في عام 999م، وكان المسجد الوحيد المتبقي من بين المساجد العشرة التي بنيت على يد الخلفاء المسلمين في طليطلة ، وفي عام 1186م تم تحويل هذا المسجد إلى كنيسة صغيرة، ويقال إن جزءاً من هذا المبنى يصنف كأول أول مبنى بني على الطراز المدجن، والعمارة المدجنة هي فترة انتقالية تحسب كجزء من التراث الإسلامي في الأندلس.
أهمية الهندسة وفن العمارة في العصر الأندلسي
أكد العديد من المؤرخين وعلماء الآثار على أهمية وعظمة هذه الفترة التاريخية، مثل ليوبولدو توريس، وهنري تيراس، ومانويل جوميز مورينو، ففي هذه الفترة العظيمة ومن أجل زيادة التجارة والتوسع في الاقتصاد، كان لا بد من زيادة إنتاج السلع والموارد الطبيعية، وكان هذا يتطلب بناء الطرق والموانئ والجسور والسدود والمدن، حيث قام المهندسون المسلمون بالتخطيط واستخدام الهندسة في بناء هذه المرافق، وقد استطاع المهندسون المسلمون بالاستفادة من أفكار الحضارات السابقة، ودمجها بالمعرفة والأدوات الجديدة التي ابتكروها واكتشفوها، من بناء الآلات والأدوات التي ساعدت في تطوير المهارات والمعرفة البشرية.