أحبك الله الذي أحببتني فيه
أحبّكَ الذي أحببتَني فيه
تعد من الآداب التي يتحلى بها المسلم أنه يُستحَبّ له الردّ على مَن أظهر له مَحبّته في الله بقَوْل: "أحبّك الذي أحبَبْتني فيه"؛ لِما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّ رَجُلًا كان عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فمرَّ به رَجُلٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إنِّي لأُحِبُّ هذا، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أعلَمتَه؟ قال: لا، قال: أَعلِمْه، قال: فلَحِقَه، فقال: إنِّي أُحِبُّك في اللهِ، فقال: أحَبَّك الذي أحبَبْتَني له).
وقد أرشد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى أهمّية التزام الآداب؛ لتحقيق المَحبّة في الله ، ويُستحَبّ لِمَن أحبّ شخصاً أن يُخبرَه أنّه يُحبّه في الله؛ لِما ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إذا أحبَّ الرجلُ أخاه فلْيخبره أنه يحبُّه).
الحبّ في الله
تُعَدّ المَحبّة في الله من أصدق العلاقات، وأكثرها دواماً، وأقواها رابطةً؛ إذ إنّها تبدأ في الدُّنيا، وتستمرّ في الآخرة، فهي خالصةٌ لله -تعالى- لا تشوبها شائبةٌ؛ من مَنفعةٍ، أو مَصلحةٍ دُنيويّةٍ؛ لأنّ أساسها قائمٌ على طاعة الله ، وعلى دِينِه، وهي علاقةٌ طريقها كلّه خيرٌ قائمٌ على التناصُح، والمَودّة، والمُواساة، أي أنّها علاقةٌ لله، وفي الله، قائمةٌ على الصدق والإخلاص، ولها أثرٌ في سُمُوّ أخلاق المسلم، وهي سببٌ في صَرْف سُوء الظنّ، فلا يحمل المسلم أفعال أخيه المسلم وأقواله على شرٍّ إن استطاع صَرْفها إلى معنىً فيه خيرٌ.
ثمرات الحبّ في الله
تترتّب العديد من الثمرات، والآثار الدينيّة، والدُّنيوية على المَحبّة في الله، وفيما يأتي بيان البعض منها:
- توريث مَحبّة الله؛ فقد قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (حَقَّتْ مَحَبَّتِي على المتحابِّينَ، أُظِلُّهُم فِي ظِلِّ العرشِ يومَ القيامَةِ يومَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي).
- التأثير في المُتحابّين تأثيراً إيجابيّاً؛ إذ يسعى كلٌّ منهم إلى الاقتداء بالآخر، والمنافسة في طاعة الله -سُبحانه تعالى-، وغير ذلك من الخِصال الحَسَنة.
- تحقيق الشعور بحلاوة الايمان؛ إذ أخرجَ الإمام البخاريّ في صحيحه أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ)، وبذلك يستشعر المُتحابّون في الله لَذّةَ العبادة، فيتحمّلون المَشاقّ؛ تحقيقاً لنَيْل رضا الله، ورسوله.
- ترتّثب الأجر العظيم؛ فقد وصف االله -تعالى- أهلَ الجنّة بأنّهم إخوةٌ في الله تصفو قلوبهم من الغلّ بمُجرَّد دخولهم الجنّة؛ لقَوْله -تعالى-: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)؛ ممّا يدلّ على فَضْل الأخوّة في الله، وبيان أجرها العظيم.
- عُلوّ درجات المُتحابّين في الله؛ فهم من السبعة الذين يُظلّهم الله -تعالى- في ظِلّه، على مَنابر من نورٍ، يُحشَرون معاً كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: رَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ).