النظرية البنيوية التكوينية في علم الاجتماع
مفهوم البنوية التكوينية في علم الاجتماع
البنوية التكوينية في علم الاجتماع ؛ هي نظرية تنظر إلی النص كوحدة كاملة متماسكة داخليًا، إضافةً إلى مكونات بنيتها، لا على أنّها منفصلة قائمة بذاتها، بل مرتبطة بمجمل البنية والدلالة والسياق العام، وهي بهذا الفحوى مفهوم حركي، وليس مجرد أنماط شكلية أو وحدات بنيوية، كالحال في إطار البنيوية الشكلية أو الوظيفية.
كما أنّها بنية متغيرة ومتطورة ترتبط بجماعة اجتماعية يُمثّلها المبدع في لحظة تاريخية محددة، وهذا يعني أنّها قوة فعالة داخل هذه المجموعة؛ لما تحمله في طيّاتها من معانٍ أو دلالات يستخلصها الدارس من خلال التماسك الداخلي، الذي يعمل على إبراز الدلالات الموضوعية في النص.
فلسفة البنيوية التكوينية في علم الاجتماع
إنّ فلسفة البنيوية التكوينية تكاملية، فهي لا تنظر إلى النص الأدبي باعتباره بنية مستقلة بذاتها مثلما هو الحال في البنيوية الشكلانية، ولا كونه نسقًا متجاورًا مع أنساق أخرى كما في البنيوية الوظيفية، ولكن على أنّها بنية مركبة ومتكاملة، مرتبطة ببنية المجتمع وحركة التاريخ.
"فالبنيوية التكوينية تسعى إلى إعادة الاعتبار للعمل الأدبي والفكري في خصوصيته بدون أن تفصله عن علائقه بالمجتمع والتاريخ، وعن جدلية التفاعل الكامنة وراء استمرار الحياة وتجددها، مع المنهج البنيوي التكويني، لا يلغى "الفني" لحساب الأيديولوجي ، ولا يؤله باسم فرادة متمنعة عن التحليل".
علاقة النظرية البنيوية التكوينية بعلم الاجتماع
من المحقق أنّ ما حققته البنيوية التكوينية من صهر للمنهجين الداخلي والخارجي يُعد حاجةً ملحةً للإفادة من علم الاجتماع في تحليل الأدب؛ لهذا تسلط البنيوية الاجتماعية الضوء على القضايا المركزية التي تتضمنها النصوص الأدبية؛ وذلك ببيان صلة البنية بالتحولات الاجتماعية التي تُهيمن على أنظمة النص الأدبي.
كما يُركز المنهج البنيوي التكويني على دراسة آليات تكوين النصوص الأدبية، إذ يُظهر طرائق تشكيلها من خلال بيان العلاقات الداخلية والخارجية، وجاء هذا المنهج لتجنب الإشكاليات التي تعرضت لها البنيوية الشكلانية، خاصةً مسألة إغلاق النص الأدبي.
أظهر هذا المنهج أهمية الإفادة من المرجعيات الاجتماعية والتاريخية؛ لوعي المضامين الفكرية التي يُكونها النص الأدبي، ويعتمد المنهج البنيوي التكويني على أربعة عناصر في دراسة النصوص الأدبية؛ وهي فيما يأتي:
- البنية الدالة.
- الفهم والتفسير.
- الكلية والانسجام.
- تحديد رؤية العالم من خلال النصوص.
جدير بالذكر أنّ البنيوية التكوينية تجاوزت عدداً كبيراً من الإشكاليات التي تعرضت لها البنيوية الشكلانية، ومنها إغفال المؤثرات الاجتماعية والتاريخية لمؤلف النص المراد تحليله، وإغلاق النص والعناية بالجانب الداخلي، وتعمل البنيوية التكوينية على كشف الجوانب الاجتماعية التركيبية، وأبعاد الأعمال الأدبية الداخلية.
مفهوم البنيوية
ترجع الجذور التاريخية للبنيوية إلى المدرسة الشكلانية الروسية ، والمدرسة الماركسية، وهو ما جعل هذا المفهوم غامضًا؛ لأنّه كان نتاجًا وخليطًا من مناهج نقدية متعددة، وإنّ البنيوية في معناها الواسع تُعنى بدراسة ظواهر مختلفة، مثل: المجتمعات، والعقول، واللغات.
لكن في معناها الضيق تعني محاولة إيجاد نموذج لكل من بنية هذه الظواهر ووظيفتها على غرار النموذج البنيوي للغة، كما أنّ البنيوية تدرس النص في ذاته بعيدًا عمّا يدور خارجه، باعتباره بنيةً مستقلةً، وهو ما يقود إلى تعدد معاني الألفاظ؛ لأنّ كل مؤلف يُقدم تصوره الخاص عن البنية، ولعل أبرز مفاهيم وأدوات البنيوية، وهي فيما يأتي:
- النسق.
- التزامن.
- التعاقب.
في ضوء ما سبق، إنّ البنيوية تُعطل اللغة عن مهمتها في نقل المعاني، وتُحولها إلى هياكل جامدة يُعاد تركيبها وصنع دلالاتها بعيدًا عن معانيها الظاهرة ومرادات قائليها، وذاع صيت البنيوية، وصارت منهجًا منتشرًا، واشتهرت في فرنسا في الستينيات على يد الفرنسي (كلود ليفي شتراوس).