النزيف الغزير: المديد بالدورة الشهرية
النزيف الغزير في الدورة الشهرية
النزيف الغزير في الدورة الشهرية أو غزارة الطمث، أو النزيف الحيضي الغزير (بالإنجليزية: Menorrhagia) هو مصطلح يطلق على الدورات الشهرية ذات النزيف الشديد أو الطويل بشكل غير طبيعي، ولتقدير ذلك يُشار إلى أنّ النساء تفقد في المتوسط الطبيعي 30-40 مل من الدم خلال الحيض؛ أي مقدار 6-8 ملاعق صغيرة، فإذا زادت كمية الدم المفقود عن 80 مل؛ أي مقدار 5-6 ملاعق كبيرة، فتُشخص هذه الحالة على أنها غزارة الطمث، وتتوجب هذه الحالة مراجعة الطبيب لوصف أحد العلاجات الفعالة لها، وعلى الرغم من أنّ نزيف الحيض الغزير يعتبر مصدرًا للقلق، إلا أن معظم النساء لا يعانين من فقدان الدم بشكل حاد بما يكفي ليُشخّص على أنه غزارة الطمث، حيث أُجريت دراسة على 306 امرأة، وكانت نسبة إصابة النساء بغزارة الطمث في سن الإنجاب 37.9%، وذلك بحسب ما نُشر في مجلة pakistan journal of medical sciences عام 2019 م في شهر آذار.
أعراض النزيف الغزير بالدورة الشهرية
تشمل علامات وأعراض غزارة الطمث ما يأتي:
- الحاجة إلى تغيير فوطة صحية أو سدادة قطنية واحدة أو أكثر كل ساعة، وذلك لعدة ساعات متتالية.
- الحاجة إلى استخدام فوط صحية مزدوجة للتحكم في تدفق دم الحيض.
- النزيف لأكثر من أسبوع.
- الحيض الذي يتكرر أكثر من مرة كل 21 يومًا.
- الحاجة إلى الاستيقاظ لتغيير الفوطة الصحية خلال الليل.
- ظهور تجلطات في دم الحيض بحيث يكون حجمها 2.4 سم أو أكثر.
- الحيض الغزير الذي يتطلب إجراء تعديلات في نمط الحياة، بحيث لا تستطيع المرأة الاستمرار في ممارسة أنشطتها الاعتيادية أثناء الدورة الشهرية بسبب فقدانها الكثير من الدم.
- المعاناة من ألم مستمر في الجزء السفلي من البطن أثناء الحيض.
- ظهور أعراض فقر الدم ، حيث يؤدي نزيف الحيض المفرط إلى الإصابة بفقر الدم، وتشمل أعراضه ما يأتي:
- الشعور بالتعب والإرهاق.
- شحوب الوجه .
- ضيق التنفس .
أسباب النزيف الغزير في الدورة الشهرية
تُعد الدورات الشهرية الغزيرة وغير المنتظمة في أول عامين بعد بدء الحيض أمرًا طبيعيًا، وفي بعض الحالات يكون سبب النزيف الطمثي الغزير غير معروف، ولكن هناك بعض الحالات التي قد تؤدي إلى غزارة الطمث، ومن هذه الحالات ما يأتي:
- اختلال التوازن الهرموني: في الدورة الشهرية العادية ينظم التوازن بين هرموني الإستروجين والبروجسترون نمو بطانة الرحم التي ستنسلخ ويُتخلَّص منها أثناء حدوث الحيض، وعند حدوث اختلال للتوازن الهرموني فإنَّ بطانة الرحم تنمو بشكلٍ مفرطٍ وتنسلخ وتسقط في النهاية على شكل نزفٍ طمثيٍ غزيرٍ، وهناك عدد من الحالات التي يمكن أن تتسبَّب في حدوث الاضطراب الهرموني؛ كمتلازمة المبيض متعددة الكيسات (بالإنجليزية: Polycystic ovary syndrome) واختصارها (PCOS) المعروفة بتكيس المبايض، واضطرابات الغدة الدرقيِّة، ومقاومة الإنسولين ، والسمنة .
- خلل في المبيضين: (بالإنجليزية: Dysfunction of the ovaries)، في حال لم يطرح المبيضان البويضة عند حدوث عملية الإباضة في منتصف الدورة الشهريِّة، فإنَّ الجسم لن ينتج هرمون البروجسترون ممِّا يؤدي لحدوث الاختلال الهرموني وبالتالي غزارة الطمث.
- مضاعفات الحمل: فيعد حدوث دورة شهرية غزيرة ومتأخرة عن موعدها لمرة واحدة علامةٌ على حدوث الإجهاض (بالإنجليزية: Miscarriage)، ومن الأسباب الأخرى لحدوث النزيف الشديد أثناء الحمل وجود المشيمة (بالإنجليزية: Placenta) في غير مكانها الطبيعي كالمشيمة المنزاحة (بالإنجليزية: Placenta previa) أو المشيمة المنخفضة (بالإنجليزية: Low-lying placenta).
- الأورام الليفيّة الرحميّة: (بالإنجليزية: Uterine fibroids)، تظهرالأورام الليفيّة الرحميّة الحميدة خلال سنوات الإنجاب، وقد تتسبَّب هذه الأورام في حدوث نزيف حيضي أغزر من الطبيعي أو لمدة أطول.
- اللولب داخل الرحم: (بالإنجليزية: Intrauterine device) واختصاره (IUD)، إذ تُعد غزارة الطمث من أحد الآثار الجانبيِّة المعروفة لاستخدام اللولب غير الهرموني داخل الرحم لتنظيم النسل، وقد يساعد سؤال الطبيب على التخطيط للخيارات البديلة.
- سلائل الرحم: (بالإنجليزية: Uterine polyps)، قد تؤدي السلائل الصغيرة الحميدة الموجودة على بطانة الرحم إلى حدوث نزيف حيضي غزير أو طويل الأمد.
- السرطان: يمكن أن يتسبَّب سرطان الرحم أو سرطان عنق الرحم بحدوث غزارة في دم الطمث، خاصة في الفترة ما بعد انقطاع الطمث (بالإنجليزية: Postmenopausal) أو في حال كانت نتيجة اختبار عنق الرحم غير طبيعية في الماضي.
- العُضال الغدي: (بالإنجليزية: Adenomyosis)، تحدث هذه الحالة عندما تنغرس الغدد الموجودة في بطانة الرحم في العضلة الرحميِّة، ممِّا يؤدي إلى حدوث النزيف الرحمي الغزير أو طويل الأمد.
- الأدوية: يمكن أن تتسبَّب بعض الأدوية بغزارة الطمث بما في ذلك الأدوية الهرمونيِّة مثل الإستروجين والبروجسترون، والأدوية المضادة للالتهاب، ومضادات التخثر (بالإنجليزية: Anticoagulants) مثل الورافارين (بالإنجليزية: Warfarin) أو الإينوكسابارين (بالإنجليزية: Enoxaparin).
- اضطرابات النزيف الموروثة: (بالإنجليزية: Inherited bleeding disorders)، حيث إنَّ بعض اضطرابات النزيف يمكن أن تكون أحد أسباب غزارة الطمث، مثل داء فون ويلنبراد (بالإنجليزية: Von Willebrand's disease) والتي تكون فيها عوامل التخثر المهمَّة ضعيفة أو ناقصة في الدم.
- الحالات الطبيّة الأخرى: قد ترتبط عدد من الحالات الطبيّة الأخرى مع غزارة الطمث، والتي تشمل أمراض الكبد أو الكلى.
التشخيص
غالباً ما يُجري الطبيب فحصًا بدنيًا للمريضة بما في ذلك فحص الحوض، ويستفسر عن التاريخ الطبي للها ودورات الحيض لديها، وقد يطلب الطبيب تتبع فترات الدورة الشهرية الخاصة بها، وعدد الفوط الصحية أو السدادات القطنية التي تستخدمها لبضعة أشهر، وقد يطلب الطبيب عددًا من الفحوصات، نذكر منها ما يأتي:
- تحاليل الدم:حيث تكشف هذه التحاليل فيما إذا كانت المرأة مصابة بفقر الدم، بالإضافة إلى أنها تقيس مدى سرعة تجلط الدم .
- التصوير بالموجات فوق الصوتية: (بالإنجليزية: Ultrasound)، يستخدم هذا الفحص للكشف عن وجود أورام ليفية أو مشاكل أخرى داخل الرحم.
- لطاخة بابانيكولاو أو لطاخة عنق الرحم: (بالإنجليزية: Pap test)، في هذا الاختبار تُجمع خلايا من عنق الرحم وتُفحص، ويستخدم هذا الفحص للكشف عن وجود الالتهابات، أو الإصابة بالعدوى، أو السرطان.
- تنظير الرحم: (Hysteroscopy)، وهو إجراء يُستخدم لرؤية ما بداخل الرحم وعنقه، وذلك باستخدام أداة خاصة تُدخَل عبر المهبل.
- خزعة من بطانة الرحم: تُساعد الخزعة (بالإنجليزية: Biopsy) على الكشف عن الأنسجة غير الطبيعية أو المصابة بالسرطان، وتُجرى الخزعة بأخذ عينة من نسيج بطانة الرحم لفحصها.
- توسيع وكحت الرحم: (بالإنجليزية: Dilation and curettage) واختصاره (D&C)، يستخدم هذا الإجراء لفحص تجويف الرحم، وذلك بعد كشط تجويف الرحم.
العلاج
يمكن للمرأة عدم تلقي العلاج مطلقًا إذا لم تكن تُعاني من فقر الدم الناتج عن نزيف الحيض الغزير، وأما إذا كانت المرأة تُعاني من غزارة الطمث بسبب تناول الأدوية الهرمونية، فيمكنها استشارة الطبيب بشأن تغيير الدواء أو إيقافه، ويعتمد علاج غزارة الطمث على عدة عوامل، نذكر منها ما يأتي:
- مدى خطورة النزيف وسببه.
- التاريخ الطبي للمرأة وعُمرها وحالتها الصحية.
- الاستجابة لبعض الأدوية.
- رغبة المصابة ورأيها الشخصي، فقد لا ترغب بحدوث الحيض على الإطلاق، أو قد ترغب بتقليل كمية النزيف فقط.
- الرغبة في الحمل والإنجاب في المستقبل.
الأدوية
تجدر استشارة الطبيب قبل استخدام أي من الادوية لعلاج غزارة الطمث، حتى وإن كان الدواء يُباع دون وصفة طبية، ومن الخيارات الدوائية ما يأتي:
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية: (بالإنجليزية: Nonsteroidal anti-inflammatory drugs) واختصارها (NSAIDs)، تساعد هذه الأدوية مثل الأيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen) أو نابروكسين الصوديوم (بالإنجليزية: Naproxen sodium) على تقليل فقدان الدم أثناء الحيض، بالإضافة لدورها في تخفيف تقلصات الطمث المؤلمة التي يطلق عليها مصطلح عسر الطمث (بالإنجليزية: Dysmenorrhea).
- حبوب منع الحمل الفموية: (بالإنجليزية: Oral contraceptives)، يمكن أن تساعد وسائل منع الحمل الفموية على تنظيم دورات الحيض، وتقليل نوبات النزيف الحيضي المفرط أو طويل المدة، إلى جانب منعها للحمل.
- حبوب البروجسترون الفمويّة: (بالإنجليزية: Oral progesterone)، يمكن أن يساعد هرمون البروجسترون على تصحيح اختلال الهرمونات، والحد من غزارة الطمث.
- حمض الترانيكساميك: (بالإنجليزية: Tranexamic acid)، يساعد حمض الترانيكساميك على تقليل فقدان الدم الحيضي، ولا توجد حاجة إلى أخذه إلا في وقت حدوث النزيف.
- اللولب الهرموني داخل الرحم: يطلق هذا الجهاز الرحمي نوعًا من البروجستين يسمى الليفونورجيستريل (بالإنجليزية: Levonorgestrel)، مما يجعل بطانة الرحم رقيقة، ويقلل من تدفق دم الحيض وتقلصاته.
- مكملات الحديد الغذائية: (بالإنجليزية: Iron supplements)، قد يوصي الطبيب المرأة بأخذ مكملات الحديد الغذائية بانتظام إذا كانت تُعاني من فقر الدم بسبب غزارة الطمث، وأما إذا كانت مستويات الحديد لديها منخفضة ولكنها لم تُصَب بفقر الدم بعد، فيُتخذ القرار بحسب الحالة.
- بخاخ دسموبريسين: (بالإنجليزية: Desmopressin)، يُستخدم هذا العلاج لوقف النزيف عند الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نزفية معينة، مثل مرض فون ويلبراند والهيموفيليا الخفيفة (بالإنجليزية: Mild hemophilia)، وذلك عن طريق إطلاق بروتين التخثر المُخزن في بطانة الأوعية الدموية وزيادة مستواه بشكل مؤقت في الدم، حيث يُساعد هذا البروتين على تجلط الدم.
الإجراءات الجراحية
يوجد عدد من الإجراءات الجراحية التي قد يلجأ لها الطبيب لعلاج أو تخفيف أعراض غزارة الطمث، نذكر منها ما يأتي:
- توسيع الرحم وكحته: وهو عبارة عن إجراء جراحي، يكشط فيه الطبيب أنسجة بطانة الرحم لتقليل النزيف الحيضي كما ذكرنا سابقًا.
- تنظير الرحم: يجري الطبيب تنظير الرحم عن طريق إدخال كاميرا في الرحم لتقييم الحالة الصحية لبطانة الرحم، وللمساعدة على إزالة الأورام الليفية، وبطانة الرحم، والسلائل.
- إصمام الشريان الرحمي: (بالإنجليزية: Uterine artery embolization)، يهدف هذا الإجراء إلى تقليص الأورام الليفية في الرحم التي تسبب غزارة الطمث، وذلك عن طريق سد الشرايين التي تغذيها.
- الجراحة بالموجات فوق الصوتية المركزة: يستخدم هذا الإجراء الموجات فوق الصوتية لتدمير الأنسجة المصابة بالورم الليفي.
- استئصال جزئي لبطانة الرحم: (بالإنجليزية: Endometrial resection)، يُستخدم في هذا الإجراء حلقة سلكية جراحية لإزالة بطانة الرحم.
- استئصال بطانة الرحم: (بالإنجليزية: Endometrial ablation)، ينطوي هذا الإجراء على تدمير بطانة الرحم بشكل دائم.
- استئصال الورم العضلي: (بالإنجليزية: Myomectomy)، يتضمن هذا الإجراء إزالة الأورام الليفية في الرحم، عن طريق إجراء عدة شقوق صغيرة في البطن، أو من خلال المهبل.
- استئصال الرحم: (بالإنجليزية: Hysterectomy)، في هذا الإجراء يزيل الطبيب الرحم وعنق الرحم، وفي بعض الأحيان قد يلجأ إلى إزالة المبايض.