المشتقات في قصيدة واحر قلباه
المشتقات في قصيدة واحر قلباه
يُعتبر علم الاشتقاق عند الغرب بأنَّه فرع من فروع علم اللغة؛ حيث إنّه يدرس المفردات وألفاظ القاموس كلمة كلمة وأصلها، وكيفية صياغتها والتغيرات التي واكبتها، لذا فهو يُعتبر علمًا عمليًا ونظريًا في ذات الوقت، يهتم بتاريخ الكلمة، ويتتبع مسارها على مر العصور.
أمَّا عند العرب فهو علم تطبيقي عملي يقوم على "إنشاء بعض الألفاظ من بعضها البعض والرجوع إلى أصل واحد يُحدد مادتها، ويُقدم معناها المشترك الأساسي، كما أنّه يُقدم معناها الخاص الجديد، والمشتقات في قصيدة واحر قلباه فيما يأتي:
اسم الفاعل
يُعد اسم الفاعل من أكثر المشتقات أهميةً في الدرسين التصريفي والنحوي، ويعود السبب في ذلك إلى كثرة استعمال صيغة في الكلام، إضافةً إلى الشبه بينه وبين الفعل المضارع من حيث الدلالة والصيغة، ونلاحظ بأنّ اسم الفاعل في قصيدة وا حر قلباه كثيرًا، إذ بلغ تكراره وتواتره ثماني مرات على النحو الآتي:
- "ناظر" في قوله:
وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ
- إذا استَوَت عندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ
- "جاهل" في قوله:
وجاهلٍ مدَّه في جهلِهِ ضَحِكي
- حَتّى أتَتْه يدٌ فرَّاسةٌ وفَمُ
- "شوارد جمع شارد" في قوله:
أنامُ مِلْءَ جُفُوني عن شوارِدِها
- ويَسْهَرُ الخلقُ جرَّاها وَيَختَصِمُ
- "بارزة" في قوله:
إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً
- فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ
- "صاحب" في قوله:
وَمُهجةٍ مُهجتي مِن هَمّ صاحبها
- أدركْتُها بجَوادٍ ظهرهُ حَرَمُ
- "حاسد" في قوله:
إن كانَ سرَّكمُ ما قال حاسدُنا
- فما لجُرح إذا أرضاكُمُ ألَمُ
- "الراحلون جمع راحل" في قوله:
إذا ترحَّلتَ عن قومٍ وقد قدَروا
- ألا تُفارِقهُمْ فالرَّاحلونَ هُمُ
- "منفرد" في قوله:
صَحِبتُ في الفلواتِ الوحشَ مُنفرِداً
- حتى تعجَّبَ مني القُورُ والأكَمُ
اسم المفعول
عند قراءتنا لقصيدة المتنبي وا حر قلباه نجد بأنَّ اسم المفعول قليل الذكر فيها، حيث لم يتم ذكره في القصيدة إلّا في موضعين وكلا الموضعين ورد على صيغة "مُفْعَل" على النحو الآتي:
- "مُغمدة" في قوله :
قَد زُرتُهُ وسيوفُ الهندِ مُغمَدَةٌ
- وقد نظرتُ إليه والسُيوفُ دَمُ
- "مُرهَف" في قوله:
ومُرهَفٍ سِرتُ بين الجَحْفَلينِ بهِ
- حتى ضَربتُ وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ
الصفة المشبهة
ويطلق مصطلح الصفة المشبهة بحسب اللغويين على صفة صرفية تدل على إحدى ما يأتي:
- صفة خلقة ثانوية في صاحبها.
- طبيعة أو صفة كان موجودة في الإنسان منذ ولادته.
- صفة عارضة وغير مستقرة ولا مستمرة في صاحبها ولا تلازمه.
وجاءت الصفة المشبهة في القصيدة على عدة أبنية على النحو الآتي:
فَعِلَ
وفي هذا البناء جاءت في القصيدة في عدة مواضع، وهي الآتي:
- "شَبِمُ" في قوله :
واحرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
- وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
فَعْل
وفي هذا البناء ورد موضع واحد في القصيدة على النحو الآتي:
- "الخصم" في قوله:
يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي
- فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ
فَعَل
وفي هذا البناء ورد موضع واحد في القصيدة على النحو الآتي:
- "الحَكَمُ" في قوله:
يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي
- فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ
فاعلة
وفي هذا البناء ورد موضع واحد في القصيدة على النحو الآتي:
- "صادقة" في قوله:
أعيذُها نظراتٍ منكَ صادقةً
- أن تَحْسبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ
صيغة المبالغة
يُقصد بالمبالغة التكثير، لذا فالمبالغة في اسم الفاعل تعني تكثيره، وتأتي صيغة المبالغة على عدة أوزان، وجاءت صيغة المبالغة في هذه القصيدة على عدة أبنية منها وفي ثلاثة مواضع، وهي على النحو الآتي:
فعيل
وفي هذا البناء ورد موضع واحد في القصيدة على النحو الآتي:
- "شديد" في قوله:
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوفِ واصْطنَعَتْ
- لكَ المهابةُ ما لا تَصنعُ البُهَمُ
فعّال وتأنيثه فعّالة
وفي هذا البناء ورد موضعين في القصيدة على النحو الآتي:
- "فرّاسة" في قوله:
وجاهلٍ مدَّه في جهلِهِ ضَحِكي
- حَتّى أتَتْه يدٌ فرَّاسةٌ وفَمُ
- "الوخّادة" في قوله:
أرى النَّوى يَقتضيني كلَّ مرحلَةٍ
- لا تَستقلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
اسم المكان
واسم المكان هو اسم تتم صياغته للدلالة على مكان وقوع الحدث، إذ أنَّه تتم صياغته من الفعل المضارع لا من غيره من الأفعال الأخرى، وجاء اسم المكان في أربع مواضع من القصيدة، وهي كالآتي:
- "معترك"
وهو مكان وميدان الحرب، وجاءت في قوله :
عليكَ هَزمُهُمُ في كلِّ مُعتركٍ
- وما عليكَ بِهِمْ عارٌ إذا انهزَموا
- "مجلس"
دل على مكان الاجتماع والجلوس، وجاءت في قوله:
سيَعلَمُ الجمعُ ممَّن ضمَّ مَجلسُنا
- بأنَّني خيرُ مَن تسعى بهِ قَدَمُ
- "مرحلة"
للدلالة على التنقل من مكان إلى آخر، وجاءت في قوله:
أرى النَّوى يَقتضيني كلَّ مرحلَةٍ
- لا تَستقلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
- "مكان"
ودلَّ فيه الشاعر على المكان الذي ليس فيه صديق ومؤنس، وجاءت في قوله:
شرُّ البلادِ مكانٌ لا صديقَ بهِ
- وشرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
الوصف بالمصدر
عند دراسة المشتقات والتعمق فيها نجد بأنَّ هنالك اعتماداً عند النحاة لبعض المصادر بدلاً من استعمال المشتقات عبر التراكيب في أسلوب متخصص أطلقوا عليه "الوصف بالمصدر"، لذا رأينا أنَّ المتنبي قام بتوظيف بعض المصادر للوصف بديلاً عن الوصف بالمشتق.
نجد بأنَّ ابن جنّي يقول في هذا السياق: "إنّما انصرفت العرب للوصف بالمصدر لأمرين أحدهما صناعيّ؛ الذي يزيدك أنسا بشبه المصدر للصفة التي أوقعته موقعها، كما أوقعت الصفة موقع المصدر في قولك: أقائما والناس قعود؛ أي تقوم قياما والناس قعود. وأمّا الآخر فهو معنوي؛ أي حين يوصف الموصوف بالمصدر يكون كأنّه مخلوق من ذلك الفعل لكثرة تعاطيه له واعتياده إيّاه".
جاء الوصف بالمصدر في ثلاثة مواضع في القصيدة، وهي كالآتي:
- "ظَفْر" في قوله:
فوتُ العدوِّ الذي يَمَّمْتُه ظَفَرٌ
- في طيّه أسَفٌ في طيّه نِعَمُ
- "هَرَباً" في قوله:
أكُلَّما رُمتَ جيشاً فانْثَنى هَرَباً
- تَصرَّفَت بكَ في آثارِه الهِمَمُ
"عَدَم" في قوله:
يا مَن يَعِزُّ علينا أن نُفارقهم
وِجْدانُنا كل شيءٍ بعْدَكُم عَدَمُ