المرء مخبوء تحت لسانه
معنى مقولة المرء مخبوء تحت لسانه
ويراد بالمقولة أن المرء لا يمكن معرفته إلا في حال نطق لسانه، فلسانه دليل عليه وعلى فكره ومنطقه، فإن قال خيرًا فخير، وإن قال شر فشر. فاللسان دليل الدواخل وما يضمر في الإنسان، فبنطق اللسان تعرف النوايا وتترجم خفايا القلب واللب.
وورد في اللسان أنه؛ هو وسيلة إظهار الكلام والمسؤول عن التعبير عن الدواخل وما يشعر به الضمير، وباللسان يعرف الجواب والخطاب، وبه ينهى عن القبيح من الأفعال، ويمدح به جميلها، وباللسان يواسى الحزين، وتزرع المودة وتطفئ البغضاء.
شواهد على مقولة المرء مخبوء تحت لسانه
تُوجد الكثير من الشواهد التي تحمل نفس معنى مقولة: المرء مخبوء تحت لسانه، سواء أكانت من القرآن الكريم أم من أشعار العرب، وفيما يأتي بعض تلك الشواهد:
- قال الله تعالى في سورة مريم: (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا).
- قال تعالى في سورة محمد: (وَلَوْ نَشَآءُ لَأَرَيْنَٰكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَٰهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ لْقَوْلِ ۚ وَللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَٰلَكُمْ).
- إياكَ وَأنْ يَضْرِبَ لِسَانُكَ عُنُقَكَ.
- يقول عبد الله بن المعتز:
ويا رب أَلسِنَةٍ كَالسُيوفِ
- تُقَطِّعُ أَعناقَ أَصحابِها
وَكَم دُهِيَ المَرءُ مِن نَفسِهِ
- فَلا تَأكُلَنَّ بِأَنيابِها
- يقول الإمام الشافعي:
اِحفَظ لِسانَكَ أَيُّها الإِنسانُ
- لا يَلدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعبانُ
كَم في المَقابِرِ مِن قَتيلِ لِسانِهِ'"
- كانَت تَهابُ لِقاءَهُ الأَقرانُ
- وورد عن يحيى بن معاذ: (القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها).
- وقال عمرو بن العاص: (لسان المرء قطعة من عقله، وظنّه قطعة من علمه).
- وأعلم علماً ليس بالظن أنه
- إذا ذل مولى المرء فهو ذليل
وأن لسان المرء ما لم يكن له
- حصاة على عوراته لدليل.
أهمية حفظ اللسان
يشار في حفظ اللسان؛ أن يمسك الإنسان نفسه عن الكلام إلا فيما به المصلحة، وفي حال استوت المصلحة بين النطق والسكوت فالسكوت أولى، حيث يحفظ الإنسان بذلك عن الإنجرار نحو الشر من الكلام.
فاللسان أعظم الجوارح تجاوزًا للحرمات، ففي نطقه قد يكون الخير أو الحرام أو المكروه أو الفضول، وفي سكوته قد يتجنب الشر أو يسكت عن حق ويتستر على باطل. فكل منهما قد تكون أعظم إثماً من الأُخرى في وقتها؛ فالساكت عن الحق يعد شيطان أخرس، ويعد مراء مداهن عاصي لله. ومن تكلم بالباطل فقد أساء لنفسه وأوقع نفسه بالشر.
وأكثر الخلق هم بين هذين النوعين، وأهل الوسط من كفّوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم بالنفع في الآخرة؛ فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه بلا منفعة؛ فضلاً أن تضره في آخرته. فقد يأتي إنسان يوم القيامة متأمل بجبال حسناته فيجد أنها قد فنيت بحصيدة لسانه وكلامه، وعلى العكس؛ فمنهم من يأتي خائبًا خائفًا من جبال السئيات التي فعلها فيجد أن لسانه الذاكر الشاكر قد حفظه منها.
وعليه فحفظ اللسان أهم ما يقوم به الإنسان في يومه وحرصه على ذلك يقيه من شرور الكلام، وينال به الأجر والثواب والخير الكثير، وفي حال شعر الإنسان أنه قد أساء أو نطق بما ليس فيه خير؛ أن يستشعر ذنبه ويسارع إلى ذكر الله، والحرص على ما يخرج من اللسان فيما بعد طمعًا بالجنة ان شاءالله.