المذهب العلمي في طبيعة المعرفة
طبيعة المعرفة عند التجريبيين
إنّ طبيعة المعرفة عند المذهب التجريبي، وهو المذهب العلمي، تتأسس بناءً على فكرة التطابق، فتطابُق ما هو خارجي لما يقع في ذهن الإنسان هو المدخل لفهم بنية المعرفة وسُبل تشكّلها، وهذا الأمر يقود إلى نتائج منها أن المعرفة ليست ذاتية، أي أنها ليست تصورات محضة، وفي هذا نقد للتيار المثالي، الذي يعد العقل مصدر المعرفة الوحيد، والذات محور نظرية المعرفة.
التيار التجريبي هو تيار واقعي، اعتمد في نظريته المعرفية على الواقع الخارجي، إلّا أنّه لم يُلغي الذات، وأكّد على دورها، ونظرية التطابُق هي أبسط النظريات عند التجريبيين والواقعيين، وتطوّرت لاحقًا ليظهر تيار آخر يُدعى الواقعية النقدية، والتي عدّت التطابُق النسخة البسيطة في المعرفة، فالمعارف ليست تطابُق شامل، فنظرة التجريبيين النقديين للأشياء تقتضي النظر في صفات الأشياء أولًا.
هذه الصفات ليست كلّها على نفس القدر من المُساواة، ومن هنا قال جون لوك وهو من روّاد التيار التجريبي، إنّ هنالك صفات أولية، وهي صفات لا تنفصل عن الشيء كالشكل، أمّا الصفات التي يُمكن أن تنفصل عن الشيء فهي صفات ثانوية كاللون، والصفات الأوّلية تصل إلى الإنسان مُباشرةً من خلال الحواس، أمّا الصفات المُركبة فتصل بطريقة أعقد، وليست نتيجة تطابق مُباشر.
خطوات منهج العلم التجريبي في تحصيل المعارف
إنّ تحصيل المعرف في العلوم المختلفة يعتمد على التجربة، والتفاعل مع العالم الخارجي؛ لذلك يُقال إنّ المنهج التجريبي هو المنهج العلمي، ومن هذا المُنطلق صاغ المُفكرون المنهج التجريبي ووضعوا خطواته، وهي كالآتي:
الملاحظة
وهي أوّل خطوة في المنهج التجريبي، وهي أقدم الوسائل التي اتبعها الإنسان في المعرفة، وعرفها المُفكرون على أنّها الحصول على المعلومات من خلال الحواس الخمس، ولكن المُلاحظة شيء لا إرادي فالإنسان يُمارسها باستمرار، ولا يُمكن التوقف عن الملاحظة، وفي البحث العلمي ينقسم المُلاحظة إلى ثلاثة أنواع، وهي كالآتي:
- المُلاحظة البسيطة.
- المُلاحظة العلمية.
- المُلاحظة غير المباشرة.
- المُلاحظة المضبوطة.
الفروض
وهي التوقعات والتخمينات، والأسباب المُقترحة التي شكّلت الظاهرة التي لوحظت، ومن تعريفاتها أيضًا أنّها نظرية لم تثبت صحتها، ولا زالت رهن التحقيق، وقيد الدراسة وهنالك عدّة أنواع للفروض، وهي كالآتي:
- الفروض الوهمية أو الأسطورية.
- الفروض الفسفية.
- الفروض العلمية.
التجربة
وهي أهم خطلوات المنهج التجريبي للوصول إلى معرفة نهائية، وتُعرف على أنّها فحص الفرضية، أو اختبارها، وتنقسم التجربة إلى عدّة انواع، وهي كالآتي:
- التجربة غير المُباشرة.
- التجربة المُباشرة أو الإيجابية: وتشمل التجربة المُرتجلة والتجربة العلمية.
- التجربة الصناعية.
- التجربة الطبيعية.
- التجربة التي تستخدم مجموعة من الأفراد لإجراء دراسة ما.
- التجربة العشوائية.
الاستبيان
وهو وسيلة لجمع البيانات، وعرفه المُفكرون على أنّه المُرادف لاستمارة البحث، وينقسم إلى عدّة أنواع، وهي كالآتي:
- الاستبيان المُباشر.
- الاستبيان غير المُباشر.
- الاستبيان المُحدّد أو المقفول.
- الاستبيان المفتوح.
إذاً فالمعرفة العلمية هي معرفة تعتمد على التجربة، وليست تأمُّلية محضة، إلّا أنّ رواد هذا التيار لم ينكروا أن للذات دور من خلال التفكير فيما يتمّ تحصيله، وتطوُّر المنهج التجريبي في العصور الحديثة وأصبح يُمثل مجموعة من الخطوات.