رؤبة بن العجاج
رؤبة بن العجاج
رؤبة بن العجاج هو رؤبة بن عبد الله العجاج بن رؤبة بن لبيد وهو أبو جذيم بن مالك بن قدامة بن أسامة بن الحارث بن عوف بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ويكنَّى بأبي الجحاف أو بأبي محمد، وهو راجز معروف وفصيح مشهور مخضرم عاصر الدولتين الأموية والعباسية وكان واحداً من أعراب البصرة وأكثر مقامه فيها.
حكاية رؤبة بن العجاج مع شبيل بن عزرة الضبعي
ذكر هذه الحكاية يونس بن حبيب وهو أديب نحوي من أهل البصرة فقال إنه قد كان عند أبي عمرو بن العلاء حين جاء إليه شبيل بن عزرة الضبعي يزوره، فحدثه الضبعي قائلاً: يا أبا عمرو، سألت رؤبتكم عن اشتقاق اسمه فما عرفه، يعني رؤبة. قال يونس: فلم أملك نفسي عند ذكره، فقلت له: لعلك تظن أن معد بن عدنان أفصح منه ومن أبيه؟
أفتعرف أنت ما الروبة، والرؤبة وانا غلام رؤبة، فلم يحر جواباً، وقام مغضباً، فأقبل علي أبو عمرو وقال: هذا رجل شريف، يقصد مجالستنا ويقضي حقوقنا، وقد أسأت فيما فعلت مما واجهته به، فقلت: لم أملك نفسي عند ذكره رؤبة.
فقال أبو عمرو: أو قد سلطت على تقويم الناس؟ ثم فسر يونس ما قاله فقال: الروبة: خميرة اللبن؛ والروبة: قطعة من الليل؛ والروبة: الحاجة، يقال: فلان لا يقوم بروبة أهله: أي بما أسندوا إليه من حوائجهم؛ والروبة: جمام ماء الفحل، والرؤبة-بالهمزة-القطعة التي يشعب بها الإناء، والجميع بسكون الواو وضم الراء التي قبلها، إلا رؤبة فإنها بالهمز.
رؤبة بن العجاج والشعر
عرف رؤبة بن العجاج بكونه راجزاً، وقد قيل إنه كان أفصح من معد بن عدنان، وقد كتب رؤبة شعراً في مدح بني أمية ، وفي مدح بني العباس، وقد كان معاصروه يأخذون عنه وجوه اللغة ويحتجُّون بشعره، وقد قال عنه يونس بن حبيب إنه قد سأله إلى متى أزخرف لك كلام الشيطان، أما ترى الشيب قد بلغ في لحيتك، وقد أنشد أبا هريرة شيئاً من الشعر في أحد الأيام فشهد له أبو هريرة بالإيمان، ومن ذلك قوله:
الحمد لله الـذي استقلت
بإذنه السماء واطمأنت
بإذنه الأرض وما تـعتت
وحى لها القرار فاستقرت
وفاته
عاش رؤبة بن العجاج سنوات طويلاً في البصرة، ولم يغادرها إلا حين خاف على نفسه يوم خرج إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وخرج على أبي جعفر المنصور ، وحصلت الواقعة المعروفة تاريخياً، وقد كان خروجه من البصرة باتجاه البادية اتقاءً للفتنة الدائرة، لكنه لم يكد يصل المكان الذي قصده في البادية حتى أدركه الموت، وكان هذا سنة 45 للهجرة.
نماذج من شعره
كتب رؤبة الكثير من الأشعار التي أظهرت فصاحته وتمكنه من اللغة ومن قصائده:
قد بكرت باللوم أمُّ عتاب
- تلوم ثلباً وهي في جلد نابِ
أن ناله من كدنة جلد جلحابِ
- نحتُ الليالي كانتجاب النَّجاب
حتى عظامي من وراء الأثواب
- عودٌ دقاق من تحنِّى الأجناب
ترى قناتي كقناة الإضهاب
- يعملها الطاهي ويضبيها الضباب
كأن بي سلا وما من ظبظاب
- بي والبلى أنكر تيك الأوصاب
ورهن أحداث الزمان النكاب
- لمن رمى رهن برمي أصواب
فإن ترى نسراً طويل الإكباب
- في البيت بعد قوة وإصحاب
إذ لا أني في رحلٍ وتركاب
- مرتجعاً بعد السّفار الذَّهاب
وقد أري زير الغواني الأتراب
- والعرب في عفافة وإعراب
عواجز الرأي دواهي الأخلاب
- يكنين عن أسمائنا بالألقاب
كأنَّ مزنتً مستهل الإرضاب
- روَّى قلاتاً في ظلال الإلصاب
رشفتها غراً عذاب الأشناب
- فأيها الغادي براح الأغراب
إليَّ والراوي كلام الآلاب
- أقصر فلا ترمِ العجى بكثاب
تنهاك عنّي معذبات الإعذاب
- والكفر والخيبة حظُّ المغتاب