القوة الطاردة المركزية
القوة
كلمة القوة مألوفة في الحياة اليومية، ولدى العديد منا تصور عن ماهية القوة. وبشكلٍ عام يمكن القول إن القوة هي السحب والدفع، فعلى سبيل المثال عند التسوق يحتاج الشخص إلى قوة حتى يتمكن من دفع عربة التسوق، ويحتاج أيضاً إلى قوة من أجل رفع (سحب) البضاعة من على الرفوف. من هنا يمكن الاستنتاج أن القوة تسبب الحركة ، إلا أن هذا ليس صحيحاً دائماً، حيث إنه يمكن دفع الجدار (بذل قوة عليه) لكن دون تحريكه. بالعودة لمثال التسوق، فإنه عند دفع عربة التسوق بقوة كافية لتغيير حالتها الحركية من السكون إلى الحركة فإن هذا يعني أن العربة امتلكت تسارعاً لا يساوي صفراً عند التأثير فيها بقوةٍ ما، لكن عند دفع الجدار فإن حالته الحركية لم تتغير لذلك فإن تسارعها يساوي صفراً. ومن الجدير بالذكر أن وحدة قياس القوة في النظام العالمي للوحدات هي نيوتن ، سواء كانت قوة الجاذبية ، أو قوة كهربائية ، أو قوة مغناطيسية ، أو أي نوعٍ آخر من القوى.
من المفاهيم الأخرى المهمة عند الحديث عن القوة مفهوم (القوة المحصلة)؛ حيث إن معظم الأجسام في الحياة الواقعية تخضع لتأثير العديد من القوى، فعلى سبيل المثال عربة التسوق لن تتحرك حتى تقوم ببذل قوة عليها أكبر من قوة احتكاك العجلات بالأرض. إذاً إذا كنت القوة المحصلة على جسمٍ ما لا تساوي صفراً فإن الجسم سوف يكتسب تسارعاً يؤدي لتغير حالته الحركية، وإذا كانت القوة المحصلة على الجسم تساوي صفراً فإن تسارعه سوف يكون صفراً، وسوف يكون في حالةٍ من الاتزان.
قانون نيوتن الأول
ينص قانون نيوتن الأول في الحركة على أن الجسم الساكن يبقى ساكناً ما لم تؤثر فيه قوة تغير من حالته الحركية، بينما الجسم المتحرك (حركة منتظمة) يبقى متحركاً ما لم تؤثر فيه قوة تغير من حالته الحركية. هذا يعني أنه الجسم سوف يبقى يتحرك بالسرعة نفسها وبخطٍ مستقيم ما لم تؤثر فيه قوة خارجية تغير من سرعته أو تغير اتجاه حركته، قانون نيوتن الأول يعرف بقانون القصور الذاتي، وذلك لأن الأجسام لا تستطيع تغيير حالتها الحركية لوحدها.
قانون نيوتن الثاني
ينص قانون نيوتن الثاني على أن تسارع أي جسم يتناسب طردياً مع مقدار القوة المؤثرة على هذا الجسم، وعكسياً مع كتلته، ويعطى قانون نيوتن الثاني رياضياً كما يأتي:
- Σق= ت×ك
- حيث إن "ك" هي كتلة الجسم، و"ت" هو تسارعه، بينما "Σق" هو مجموع القوى المؤثرة على الجسم (القوة المحصلة). وهذا يعني أنه عند وجود تسارع فإنه بالضرورة يجب أن توجد قوة محصلة تؤثر على الجسم لا تسوي صفراً، والقوى التي تؤثر على الجسم في حالة الدوران هي ما يعرف بقوة الطرد المركزي (بالإنجليزية: Centrifugal Force) بالإضافة إلى قوة الجذب المركزي (بالإنجليزية: Centripetal Force).
قوة الطرد المركزي
حتى تكون فكرة قوة الطرد المركزي واضحة فإنه لا بد من تذكر انعطاف السيارة عند منعطفٍ ما (سواء كان دائرياً أو لا) فإن الشخص الجالس داخل السيارة سوف يشعر بقوة تدفعه بعيداً عن مركز الدائرة التي تدور حولها السيارة (أي قوة الدفع للخارج)، ومن هنا جائت تسميتها بقوة الطرد المركزي، لأنها تطرد الجسم بعيداً عن المركز! لكن هذا الفهم غير صحيح، حيث إن الشعور بالدفع للخارج لا يعني وجود قوةٍ ما تؤثر في الجسم. التفسير الصحيح لهذه الظاهرة ينبثق من قانون نيوتن الأول، حيث أن الأجسام قاصرة وتميل للبقاء في حركةٍ منتظمة (أي تتحرك بسرعة ثابتة وبشكلٍ مستقيم) فإنه عند الدوران عند منعطفٍ ما أو حول أي مسارٍ دائري فإن الجسم الذي يدور سوف يحاول المحافظة على حالة حركية منتظمة في كل مرةٍ يتغير فيها اتجاه حركته أثناء الدوران، وكأن جسد الشخص الذي داخل السيارة عند بداية الانعطاف يحاول بسبب القصور الذاتي الاستمرار في المسار الجديد الذي اتخذه من انعطاف السيارة، لكن مع استمرار السيارة في الانعطاف فإن الجسم القاصر يحاول في كل مرةٍ أن يتابع حركته في كل مسارٍ جديد في كل لحظةٍ خلال عملية الدوران، هذا الأمر هو الذي يسبب الشعور بالدفع للخارج بعيداً عن مركز الدائرة.
في المحصلة يمكن القول إن هذا الدفع ناشئٌ عن قصور الأجسام وليس بسبب وجود قوةٍ ما. لكن كيف يمكن للأجسام الحركة بمسارٍ دائري مع وجود القصور الذاتي؟ من المؤكد أنه يوجد قوة تجبر الجسم على المحافظة على مساره الدائري، ومقدار هذه القوة يكون مساوياً للطرد المركزي، حيث إنه لو كان الطرد المركزي أكبر من هذه القوة فإن الجسم سوف يتابع حركته بخطٍ مستقيم بسبب قصوره الذاتي، ولو كانت هذه القوة أكبر من الطرد المركزي فإن الجسم سوف يتجه نحو المركز. هذه القوة الأخرى والتي تسحب الجسم باتجاه المركز هي ما يُعرف بقوة الجذب المركزي، وهي التي تجعل الجسم يتحرك حركة دائرية.
التسارع المركزي
بعد أن عرفنا أن التسارع مرتبط بالقوة، فإن التسارع المركزي مرتبط بقوة الجذب المركزي، لذلك حتى تكون فكرة قوة الجذب المركزي واضحةً تماماً عند بدء الحديث عنها فإنه لا بد من الوقوف عند التسارع المركزي والتعرف عليه وعلى طريقة حسابه. بدايةً يجب الإشارة إلى أن السرعة والتسارع هما كميتان متجهتان ( الكمية المتجهة تحتاج إلى مقدار واتجاه للتعبير عنها). أيضاً التسارع هو تغير السرعة في وحدة الزمن، أي إنه حتى يمتلك الجسم تسارعاً غير صفري فإنه يجب أن يتغير إما مقدار سرعته، أو إتجاهها، أو كليهما معاً. من هنا فإن التسارع المركزي لا يكون ناتجاً عن تغير مقدار سرعة الجسم الذي يقوم بالحركة الدورانية، بل بسبب تغير اتجاه حركة (تغير اتجاه السرعة). ويكون اتجاه التسارع المركزي إلى مركز الدائرة التي يتحرك عليها الجسم، ويمكن حساب مقداره عن طريق العلاقة الآتية:
- تم = ع/نق
- حيث إن "تم" هو التسارع المركزي، "ع" هي مقدار سرعة الجسم الذي يدور، و"نق" هي نصف قطر الدائرة التي يدور فيها الجسم.
قوة الجذب المركزي
الفكرة من التسمية هي وجود قوة تجبر الجسم على الحركة بشكلٍ دائري وتسحبه باتجاه المركز. المثال هذه المرة سوف يكون عبارة كرة مربوطة بحبل ويتم تحركيها بشكلٍ دائري، قوة الشد في الحبل عند التلويح بالكرة بشكلٍ دائري هي ما يمثل قوة الجذب المركزي، وهي ما يبقي الكرة متحركةً بمسارٍ دائري، فلو قطع الحبل فإن الكرة سوف تتابع حركتها بخطٍ مستقيم (تذكر قوة الطرد المركزي !). عند الحديث عن سيارة تتحرك على مسار دائري فإن ما يبقيها في المسار الدائري هو قوة الاحتكاك، إذاً قوة الاحتكاك هنا هي التي تمثل قوة الجذب المركزي هذه المرة (لذلك يكون من الصعب الانعطاف بالسيارة عند حدوث الانجماد؛ حيث إن الاحتكاك يقل مما يؤدي بالسيارة إلى اتباع قصورها الذاتي). أخيراً قوة الجاذبية هي ما يبقي الأقمار الصناعية في مسارها الدائري حول الأرض، وهنا قوة الجذب المركزي هي قوة الجاذبية الأرضية . ويمكن حساب مقدار قوة الجذب المركزي عن طريق قانون نيوتن الثاني الآتي:
- قم = ك×تم
- بتعويض التسارع المركزي فإنه يمكن الحصول على العلاقة الآتية:
- قم = ك×ع/نق
- حيث إن "قم" هي قوة الجذب المركزي.