أحاديث عن الحج
الحج
يعتبر الحج من أركان الإسلام الخمسة، فلا بدَّ من أدائه للقادر عليه، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حجَّ مرةً واحدةً فقط، وقد رُويت العديد من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، وسنذكر في هذه المقالة بعض الأحاديث الورادة عن الحج مما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
معنى الحج
يُعرّف الحجّ في اللغة بأنّه القصد مُطلقاً، وحجه، يحجه، حجاً أي قصده، وحججت فلاناً أي قصدته، ويُقال: رجل محجوج أي مقصود، وقيل الحج هو: القصد المُعظم.
أما الحجّ في الاصطلاح الشرعي فيُعرّف بأنّه: قصد المسلم لمَوضع مخصوص وهو البيت الحرام وعرفة، في وقت مخصوص وهو أشهر الحج، وذلك للقيام بأعمال مخصوصة؛ وهي الوقوف بعرفة والطواف والسعي عند جمهور العلماء، وبشروط مخصوصة.
أحاديث عن الحج
ذكرت السنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث التي تحثُّ على الحج وتبين فضله، منها:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (سُئِلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قال: إيمانٌ باللهِ ورسولِه. قِيلَ: ثم ماذا؟ قال جهادٌ في سبيلِ اللهِ. قِيلَ: ثم ماذا؟ قال: حجٌّ مَبرورٌ) يُبين الحديث النبوي أنّ الحج الذي يفعله المسلم ويكون خالصاً لوجهِ الله سبحانه وتعالى هو الحج الذي يقبله الله، وذلك لأنه يكون خالياً مما يؤثر في قبوله مِن الرِّياءِ والسُّمعةِ والمالِ الحرامِ، كما ويبين ظاهر الحديث أنّ الجهاد في سبيل الله مقدّم على الحج من حيث الأفضلية، وقد حمل العلماء هذا على حج النافلة، لا حجة الإسلام، أما إذا كان الجهاد فرض كفاية لا فرض عين فإنّ حجة الإسلام مقدمة على الجهاد.
- عَن أبي هُريرة رضي الله عنه، قال: سَمعتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: (مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث، ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه) يبين الحديث النبوي الشريف أنّ المسلم إذا حج ولم يفعل في حجه ما يُبطله من جماع، أو إتيان بمعصية، أو ذنوب، عاد كيوم ولدته أمه خالياً من الذنوب مغفوراً له.
- قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (جِهادُ الكبيرِ، والصَّغيرِ والضَّعيفِ والمرأةِ: الحجُّ والعُمرةُ). يبين الحديث النبوي الشريف أنّ جهاد كلٍّ من: المُسِنِّ والصَّغيرِ الَّذي لم يبلُغْ والضَّعيفِ صاحبِ المرَضِ والمرأةِ هو الحجُّ والعُمرةُ، فهم يُؤجَرونَ بتأديتهم للحجِّ والعُمرةِ بمِثْلِ ما يُؤجَرُ به مَن يَخرُجُ للغزوِ والجِهادِ في سبيلِ اللهِ، وقيل إنّ المراد أنَّ الجِهادَ المفروضَ على هذه الفئة هو أداءُ الحجِّ والعَمرةِ.
- عَنْ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسولَ اللهِ، نرى الجهادَ أفضلَ العملِ، أفلا نجاهِدُ؟ قال: لا، لكنَّ أفضلَ الجهادِ حجٌّ مبرورٌ).
- عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه، قال : (...أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقلت: ابسُطْ يمينَك فلْأُبايِعْك، فبسَطَ يمينَه، قال: فقَبَضْتُ يَدي، قال: ما لَك يا عمرُو؟! قال: قلتُ: أردتُ أن أشتَرِطَ، قال: تشتَرِطُ بماذا؟ قلتُ: أن يُغفَرَ لي، قال: أمَا عَلِمْتَ أنَّ الإسلامَ يَهدِمُ ما كان قَبْلَه، وأنَّ الهجرةَ تَهدِمُ ما كان قبلها، وأنَّ الحَجَّ يهدِمُ ما كان قَبلَه...)
- قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ). يبين الحديث الشريف أنّ الحج المبرور الخالي من الرياء، والرفث، والفسوق، جزاء صاحبه الجنة.
- قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : (ما من يومٍ أكثرَ من أن يُعتِقَ اللهُ فيهِ عبدًا من النار، من يومِ عرفةَ، وإنَّهُ ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكةُ، فيقول: ما أراد هؤلاءِ ؟) يبين الحديث الشريف أنّه ليس هناك يوم يُعتِق فيه الله سبحانه وتعالى من النار أكثر من يوم عرفة.
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تابِعوا بين الحجِّ والعُمرةَ فإنَّهما يَنفيان الفقرَ والذُّنوبَ كما ينفي الكِيرُ خبثَ الحَديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليس للحجَّةِ المبرورةِ ثوابٌ إلَّا الجنَّةَ وما من مؤمنٍ يظلُّ يومَه مُحرِمًا إلَّا غابت الشَّمسُ بذنوبِه). في الحديث النبوي الشريف حثٌّ على المتابعة بين الحج والعمرة والمقاربة بينهما، لما في المقاربة بينهما من إزالة الفقر، ومحو الذنوب.
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أيها الناسُ، قد فرض اللهُ عليكم الحجَّ فحجُّوا فقال رجلٌ: أكل عامٍ يا رسولَ اللهِ، فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لو قلتُ: نعم لوجبت ولما استطعتم...). يبين الحديث النبوي الشريف أنّ الحج مفروض على المسلم مرة في العمر، وفي ذلك تيسير على المسلمين وتسهيل عليهم.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من طاف بهذا البيتِ أسبوعًا فأحصاه، كان كعِتقِ رقبةٍ، لا يضعُ قدمًا، ولا يرفعُ أخرى، إلا حَطَّ اللهُ عنه بها خطيئةً، و كَتب له بها حسنةً).
- عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم (سُئل أيُّ الأعمالِ أفضلُ قالَ العَجُّ والثَّجُّ).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاءَني جبريلُ فقالَ يا محمَّدُ مُر أصحابَكَ فليَرفَعوا أصواتَهُم بالتَّلبيةِ فإنَّها مِن شعارِ الحجِّ).
حكم الحج
يُعتبر الحج فرض عين على كل مسلم مُكلّف، يستطيع أداءه، مرة في العمر، وقد ثبتت فرضية الحج بالقرآن الكريم؛ فقال الله سبحانه وتعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) والسنة النبوية فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ؛ علَى أنْ يعبَدَ اللهُ ويُكْفَرَ بمَا دونَهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وحجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)، والإجماع فقد أجمعت الأمة الإسلامية على وجوب الحج مرة في العمر، على المستطيع القادر عليه.
حكمة مشروعية الحج
لفريضة الحج الكثير من الحكم العظيمة، والمنافع عديدة، منها:
- في الحج يُظهر العبد التذلل لله سبحانه وتعالى؛ فيتجرّد من الدنيا وما فيها من مشاغل، ومُلهيات، ويُقبل على ربه سبحانه وتعالى، لينال مغفرته ورضوانه، ورحمته.
- العبد في تأديته لفريضة الحج يشكر ربه على نعمه العظيمة؛ كنعمة المال، وسلامة الجسم والبدن، وهما أعظم نعمتين يتمتع بهما المرء.
- في الحج يجتمع المسلمون من جميع أقطار الأرض، في مكان واحد، ويناجون ربّاً واحداً، لا فوارق بينهم، فكلهم سواء، لا يُفرّقهم جنس، أو لون، أو غنى أو فقر.
- في الحج تطهير لنفس العبد من الذنوب والمعاصي.
كيفيات الحج
للحج ثلاث كيفيات يستطيع الحاج أداء أيٍّ منها:
- الإفراد: ويُقصد به أن ينوي الحاج عند إحرامه أداء الحج فقط، ثم يقوم بأعمال الحج.
- القران: ويُقصد به أن ينوي الحاج عند إحرامه أداء الحج والعمرة معاً، ويتوجب عليه أن يذبح هدياً.
- التمتع: ويُقصد به أن يأتي الحاج بالعمرة فقط في أشهر الحج، فيؤدي مناسكها ويتحلل، ثم يُحرم للحج ويقوم بأعماله، ويتوجب عليه أن يذبح هدياً.