الفرق بين المفهوم والتعريف
الترادف
يكثر على ألسنة الناس ترداد كلمات مختلفة في سياق معين ظناً منهم أنها من المترادفات، والمترادفات كما هو معروف هي الكلمات المختلفة التي تفيد معنى معيّناً، وقد ألقى الترادف بظلال سلبيّة عديدة على الفكر العربيّ والإسلاميّ، ولا يزال إلى يومنا هذا، فبعض الكلمات وعلى الرغم من وجود اختلاف جوهري بينها إلا أنّها لا تزال تُستعمل وكأن لها الدلالة نفسها، مما انعكس سلبياً على فهم أبناء الأمة لأدق التفاصيل، وخاصة تلك التي تضمّنتها النصوص الدينية وعلى رأسها كتاب الله تعالى، وهنا تكمن المأساة الكبرى، فبعض الآيات في هذا الكتاب الحكيم لم تستوف غاياتها على الوجه الأمثل بسبب التعامل النمطي مع الكتاب العظيم.
يبحث المختصون بشكل مستمر عن مخرج لمشكلة الترادف، وذلك من خلال توضيح معاني الكلمات التي تبدو وكأنّها تحمل المعنى ذاته، غير أنّها في حقيقة الأمر تختلف اختلافاً كبيراً فيما بينها، ويُعتبر هذا الأمر الشغل الشاغل للعديدين، ومن الكلمات التي تُستعمل بشكل يومي تقريباً كلمتا المفهوم والتعريف، وفيما يلي توضيحهما.
الفرق بين المفهوم والتعريف
يعرف المفهوم على أنه الفكرة التي تتكوّن في ذهن الإنسان نتيجة للخبرات المكتسبة بشكل متتالٍ فيما يتعلّق بشأن من الشؤون أو تجربة من التجارب التي يخبرها بنفسه، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك تجربة الإنسان مع النواحي والأمور الدينية المختلفة، كالصلاة، والصوم، والحج، وما إلى ذلك، حيث تبدأ هذه التجارب مع الإنسان منذ الصغر، فيتلقّاها وهو لا يزال في مراحله العمريّة الأولى، ومع مرور الزمن تزداد خبرته بها من خلال ممارسته لها ممارسة عمليّة، فيبدأ بتلمّس العديد من النواحي والزوايا التي لم تقدّم من خلال التنظير، والتعليم، فيتكوّن لديه مفهوم متكامل عنها.
أما التعريف من الناحية اللغويّة فمن عرَفَ الشيء أي عَلِم بهَ، ويقال عرَّفَ فلانٌ فلاناً بالشيء أي أعلمه به، وقد اصطلح على معنى التعريف بأنه الإخبار عن شيء يستلزم العلم به العلم بشيء آخر، والتعريف أيضاً هو تقديم المعلومات عن شيء معين، ومحاولة ذكر مختلف الخصائص التي تميّزه، بهدف تحديده، ووصفه، ومحاولة تقديمه إلى الآخرين، وفي العادة يبدأ المتحدثون بالتعريف بكافة المصطلحات التي ستعرض لهم خلال الحوار، إذ تهدف هذه العملية إلى وضع كافة المشاركين على أرضيات معرفية متقاربة إلى حد ما، تمهيداً للوصول إلى نقطة الخلاف، أو لب الكلام.
كما يستخدم العلماء في كافة صنوف العلم التعريفات والمفاهيم بشكل لا نظير له خاصة في مجالات العلوم الإنسانية، فالموضوع الكامل في مثل هذه العلوم قد يبنى على تبيان مفهوم، أو تعريف مصطلح، فتنسج الآراء، والأفكار، والمواقف، ويلتف المؤيدون، والمعارضون، فيدلي كلٌّ بدلوه، فتتلاقح الأفكار، وتتقارب المذاهب أو تتباعد.